آراءالتعليم

التعليم ..لماذا هو قضية أمن قومي؟

د.فتحي حسين

ربما كان طرح السؤال عنوان مقال هذا ،فيه شيء من الاستنكار أو الاستفسار أو ربما التهكم بعض الشيء من الأحوال التي سارت بنا في ملف التعليم ،وهو ملف يتعلق بمستقبل البلاد قولا واحدا وهو بطبيعة الحال قضية أمن قومي لابد أن تضعها الدولة في حساباتها بقوة. ،مثلما وضعتها دول أخري امثال ماليزيا وسنغافورة وأصبحت في مقدمة الدول تقدما ورخاءا ،ومن الدول المصدرة للتكنولوجيا بشكل كبير .. كما أن التعليم الجيد هو الضمانة الأساسية لتقدم البلاد استقرارها ،ومن ثم فهو قضية أمن قومي بالدرجة الأولي.. كما أن حال التعليم الأساسي وما بعده يشير إلي وجود أزمات في المستقبل القريب ،وعدم التفاؤل بالخير بسبب تردي أوضاعه وتدني أساليبه وتراجع مكانته وفقا لتقارير دولية عديدة أكدت علي أن التعليم في مصر سواء كان جامعي أو ما قبله ،تأتي في ذيل الأمم ،وبعد إسرائيل بطبيعة الحال !
فعندما ننظر الي بعض أوجه القصور في التعليم ما قبل الجامعي نجد أن مستوي التعليم الأساسي منهار بشكل كبير لاسيما بعد قدوم وزير جديد للتعليم وهو رضا حجازي ،الذي لم يغير من الوضع السيء للتعليم في شيء بل زاد من الطين بله أو سوءا ،عندما أصدر قرارات غريبة لا تزال تعاني منها الأسر المصرية منها علي سبيل المثال ،منع حضور الطلاب المدرسة والاكتفاء بذهابهم الي السناتر التعليمية باهظة التكاليف والتي تتم تحت اشراف الوزارة ،والاخيرة تتقاسم مع هذه السناتر في الأرباح ! والسؤال هنا ،ماذا عن حق الطالب في حضور الحصص الدراسية والمحاضرات ؟ خاصة وأنه غير قادر علي حضور كافة المواد بالسناتر ،نظرا لارتفاع سعرها عن مقدرة الطالب نفسه ! والأمر الثاني ،مدام الأمر هكذا ،فلماذا اذن دفع المصروفات الدراسية وتحت أي بند ،لاسيما وأن المدراس معظمها لا يعطي كتب دراسية لظروف قلة الكتب المطبوعة ودفع التلاميذ الي شراء الكتب الخارجية ،فاصبحت التكاليف مضاعفة بشكل كبير للغاية علي قدرات الأسر المصرية ،وكانت النتيجة ،فشل عدد كبير من التلاميذ في الشهادة الاعدادية وسنوات النقل هذا العام بالمقارنة بالاعلام الماضية !
ثانيا وهو الأهم أن معظم الإدارات التعليمية بالعاصمة والمحافظات لا تقوم بدورها كما ينبغي فيما يتعلق ببحث التظلمات الخاصة بنتائج الامتحانات ،والتي يفاجيء الطالب فيها بالرسوب ،فيأتي الموظف أو المدرسة ولا يراعي الحق في تطبيق العدالة واعطاء الطالب حقه في التظلم حتي لا يظهر نفسه بأنه أخطأ في التصحيح أو رصد الدرجات ؟!
وثالثا أن تطبيق التابلت كنظام فشل لعدة عوامل ،من أهمها فشل ايجاد بيئة مناسبة لتطبيق التابلت في المدارس الممتدة بالطلاب والغير مؤهلة التابلت والنت اصلا ومن ثم فقد فشل نظام التابلت قولا واحدا !!
لماذا لا نعيد الطلاب الي المحاضرات واالحصص الدراسية للشرح والتحليل والعمق في المواد الدراسية لبناء شخصيات متعمقة وناجحة وباحثة وليس مجرد نماذج تحفظ المقرر وتعتمد علي الحفظ والتلقين وليس الفهم والتحليل !! ولماذا الإبقاء علي السناتر التعليمية بإشراف الدولة واين المدرسين ولماذا يدفع الطالب مصروفات دون أن يكون هناك حصص ومحاضرات وتعليم وأنشطة ؟!
اين الكتاب المدرسي ولماذا الاعتماد علي الكتاب الجامعي ؟ ابن الضبط في التعليم ،اين قوة الدولة في حماية المدرسين من تحرشات الطلاب والتلاميذ بهم وأولياء الأمور ،وهناك نماذج عديدة في إدارة تعليم السيدة زينب ومدرسة المعهد العلمي مثلا ،عندما يضرب التلاميذ المدرسين هناك وكذلك بعض أولياء الأمور ،في ظل تقاعس إدارة التعليم هناك عن فعل أي شيء يحفظ ماء وجه المدرسين والارتقاء بالتعليم هناك ؟!
اعتقد لو بعث طه حسين عميد الأدب العربي ووزير المعارف سابقا وشاهد صورة التعليم الان ،وهو القائل التعليم كالماء والهواء ،لتمني الموت مرتين ،حتي لا يري هذه الصورة البشعة مرة أخري !!
تماما يفعل اميراء الشعراء احمد شوقي هذا الفعل وهو القائل :” قم للمعلم وفيه التبجيلا..كاد المعلم ان يكون رسولا ” ! ولكن للاسف المعلم بمضرب من الطلاب والتلاميذ وأولياء الأمور ويعمل لأجل الكسب من الدوري الخصوصية والسناتر بسبب ضعف الراتب الحكومي ،وهو ما يضرب التعليم كله في مقتل !
ولذلك فمصر لن تتقدم دون الاهتمام بملف التعليم ،مثلما فعلا مهاتير محمد رئيس الوزراء بماليزيا حينما حول بلاده من دولة تركب الإفيال في مواصلاتها الي اكبر دولة اقتصادية علي مستوي العالم ،بالتعليم وليس غير التعليم ..المشكلة في التعليم ليس في تغيير وزير وانما تغيير سياسات جعلت من ملف التعليم
في ادني المستويات والمراتب علي مستوي العالم ..قمتي نفيق ،يرحمكم الله!

زر الذهاب إلى الأعلى