آراء

الدكتور فتحي حسين يكتب : سبوبة الجامعات والمعاهد الخاصة

تنتظر الجامعات والمعاهد الخاصة كل عام وقت التقديمات ومكاتب التنسيق، وهى تكون فى الغالب عقب إعلان نتائج الثانوية العامة وبداية الإعلان عن التنسيق للمراحل المختلفة للجامعات، وذلك من أجل جمع أموال طائلة بغير حق من أولياء الأمور الذين يعانون من كثرة الطلبات المادية للجامعات والمعاهد العليا الخاصة البعيدة تماما عن رقابة وزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات، بعدما صارت الجامعات الخاصة والمعاهد بمثابة دولة مستقلة داخل الدولة تمارس عملها ربما باستقلالية عن الوزارة والمجلس الأعلى للجامعات ولجنة القطاع بالوزارة وذلك تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، فتارة يسمونها «اختبارات قبول» وتارة «وضع الطالب فى قوائم الانتظار» فى كلية ما وتارة «رسوم مقابلات» وتارة أخرى «فتح ملف» دون أن يكون من حق الطالب استرداد المبالغ التى دفعها فى حالة عدم تمكنه من الالتحاق بالكلية المزعومة!

فتكون النتيجة جمع أموال طائلة بالملايين وربما بالمليارات قبيل أن يدخل أو يلتحق الطلاب بالجامعة ويقيدون فيها قبل بداية الدراسة! من خلال هذه السبوبة التى يخدع بها أصحاب الكيانات الخاصة والمعاهد الطلاب وأولياء الأمور الذين لا يجدون مفرًا سوى الرضوخ لمطالبهم المادية والدفع لهم، وفى أحيان أخرى تجد الجامعات الخاصة تنخفض بدرجاتها عن النسبة المعلنة رسميًا مقابل الحصول على مقابل مادى من أولياء الأمور خاصة فى كليات القمة كالطب وطب أسنان والهندسة، وغيرها من الكليات دون إعلان ذلك صراحة الأمر الذى ينعكس على مستوى خريجيها كل عام فيكون هؤلاء غير مؤهلين لسوق العمل لعدم توافر التدريب الكافى والأجهزة العملية والمعامل المجهزة فى بعض هذه الجامعات والمعاهد

للأسف الشديد هناك بعض الجامعات الخاصة – وإن لم يكن معظمها – ربما يمارسون البلطجة على أولياء الأمور بفرض الإتاوات والمصروفات غير الحقيقية عليهم فى مخالفة صريحة للمجلس الأعلى للجامعات عندما يتقدم الطلاب الحاصلون على شهادة الثانوية إلى هذه الجامعات الخاصة فنجد هذه الجامعات تطالبهم بدفع مبلغ 1500 جنيه قيمة ما يسمى «الابليكيشن 1000 جنيه ومبلغ آخر 500 جنيه قيمة رسم امتحان الانجليزي» للالتحاق بالجامعة الخاصة «توجد جامعات معروفة بذلك التصرف»، وفى مقابل أنهم يعطوا المتقدم إيصالا بمبلغ 500 جنيه فقط وهو ما يعنى قانونا أنه دفع 500 جنيه فقط، وهذا النظام يطبق على جميع الكليات فى بعض الجامعات الخاصة الأمر الذى يعنى أنهم يجمعون ما يقارب 30 مليون جنيه سنويا من الهواء عند تقديم 20 ألف طالب فقط بمختلف الكليات جامعة واحدة فقط! وهذا يحدث فى غيبة من رقابة المجلس الأعلى للجامعات الذى ربما يكون مشاركا معهم من خلال بعض الموظفين معدومى الضمير، وربما يتعمد أصحاب الجامعات فعل كل هذا من أجل أن ينعم أولادهم بالإقامة الدائمة بأجنحة فاخرة فى فنادق الخمس نجوم على حساب أولياء الأمور

وهناك معاهد عليا تطبق نظام وضع الطلاب المتقدمين من دون التنسيق الجامعى فى نظام «الويتنج ليست» أو ما يسمى بقائمة الانتظار، وهى أن يدفع المتقدم مبلغ 500 جنيه أو 1000 جنيه مقابل ما يسمى بفتح ملف للطالب المستجد ثم يوقع الطالب بعدم أحقيته فى استرداد المبلغ إذا لم يحالفه الحظ فى التقديم فى الجامعة أو المعهد العالى الخاص كما فى كيانات خاصة تعليمية فى أكثر من منطقة! وهو ما يعنى أن هذه الجامعات الخاصة والمعاهد العليا تقوم بـ«تقليب» أولياء الأمور والمواطنين دون وجه حق والشعب المصرى يئن من غلاء المعيشة وصابر عليها حتى نحافظ على بلدنا ونحصد ثمار وعوائد التنمية فيما بعد، ولكن ما يفعله بعض ملاك الجامعات الخاصة يدمر ما تبنيه الدولة عبر تخريج أجيال لا تنال تعليمًا جيدًا تمكنها من قيادة البلاد فى المستقبل

على أى حال فبالإضافة إلى الملايين التى يجمعها أصحاب الجامعات الخاصة والمعاهد العليا فى هذا التوقيت فقط عند التقديم لخريجى الثانوية العامة والشهادات الأخرى كالدبلومات الفنية والشهادات المعادلة الأجنبية لهذه الكيانات وتجمع المليارات سنويًا إلا أنها تحصد أضعاف هذه المبالغ من المصروفات العادية لكل تيرم دراسى، وهى بالمليارات أيضا لمختلف الجامعات الخاصة وكلياتها فمثلا مصاريف كلية الطب وصلت إلى 150 ألف جنيه فى إحدى الجامعات الخاصة، وهناك جامعات تحصل على المصروفات بالاسترلينى وأخرى باليورو وأخرى بالدولار، وهى عملات تفوق الجنيه المصرى بـ18 مرة
لابد من تدخل الجهات المعنية بوقف الفساد فى هذه الكيانات الجامعية الخاصة التى ربما تبيع بعضها الوهم لطلابنا بأنهم فى جامعات تقدم التعليم الجيد للطلاب، والحقيقة عكس ذلك فمصر تحتاج إلى الحزم ومواجهة الأخطاء ووقف الفساد فى هذه الكيانات التى تستنزف من المواطنين الكثير باسم التعليم الجامعى الخاص!

زر الذهاب إلى الأعلى