عبدالعظيم القاضى يكتب : غشاوة الأعين 

 

 

كثير من الناس تغيب عنه الحقائق ويخطئ فى تفسير مايدور حوله ، ويبرهن الأحداث كما يراها ظاهريا ، ويجهل بواطن الأمور ، وقد صدق الله حينما قال” أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”

 

لكل إنسان اربعة أعين : عينان في رأسه لدنياه ، وعينان في قلبه لآخرته ؛ فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئا ، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا ،

 

في أحد الأيام، أعجب المصلين بكثرتهم في أحد المساجد، وكان الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله موجودا، فقالوا له:تخيل يا إمام كم عدد المصلين؟ فقال: لا أحد..

ومن هول المفاجئة لجوابه، قال له أحدهم: هل أنت أعمى..؟!

وكان ردهم فيه قلة أدب، وقلة احترام..! لكنه أجابهم:

الأعمى .. من يغمض عينيه عن أرملة أوجع رأسها حمل ثقيل..!

 

الأعمى .. من توجه للقبلة ، وأدار ظهره للأيتام والفقراء..!

 

الأعمى .. من سجد لله ، وتكبر على عباده ..!

 

الأعمى .. من كان في صف المصلين الأول .. ولكنه غاب عن صفوف الجياع ، وقول الحق ..!

 

الأعمى .. من تصدق يوما ، وهو قادر أن يتصدق دوما ..!

 

الأعمى .. من صام عن الطعام ، ولم يصم عن الحرام ..!

 

الأعمى .. من طاف البيت الحرام ، ونسي أن يطوف حول فقراء يموتون كل يوم من شدة العوز ..!

 

الأعمى .. من رفع الأذان ، ولم يرفع أبويه ..!

 

الأعمى .. من صلى وصام ، ثم غش في بيعه وشرائه ..!

 

الأعمى .. من قام بين يدي الله ، وقلبه يحمل حقدا ، وكرها ، وبغضا ، واحتقارا ، لإخوانه المسلمين ..!

 

الأعمى .. من كان هناك انفصام بين عبادته وأخلاقه ومعاملاته ..!

 

الأعمى .. من صلى وسجد وصام ، وهو يناصر الظلمة ..!

 

الأعمى .. من صلى وصام ، ويداه ملطختان بدماء المسلمين ..!

 

الأعمى .. من صلى ، ولم ينتفع بصلاته ..!

 

الأعمى .. من أخذ من الدين بعضه ، وترك بعضه ..!

(فمن كان في هذه أعمى، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا)

 

ولبلاغة الرد، ساد الصمت الجميع، فلا يخلو أحد من نقص أو ذنب.

 

فكم من مبصر العينين اعمى القلب بيننا؟ كم من مسجد اكتظ بالمصلين ولم ترفع لهم ركعة ، كم من متصدق بات كصفوان عليه تراب فاصابه وابل ، كم من مصلى لله تلاعب فى الكيل والميزان ؟

 

لابد ونحن فى اول شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران ان يصدق كل واحد منا مع نفسه فيما هو عمي فيه.

 

فإذا كانت المساجد قد أغلقت أبوابها فى وجوهنا فهل بقيت قلوبنا مبصرة ومستيقظة ام تحجرت وران عليها التراب ، وبعدت عن ربها ،

 

اللهم نور بصائرنا وارفع عنا البلاء والوباء وجعلنا واياكم ممن صام فاتقى .. وقام فارتقى .. ومن ينابيع الرحمة استقى ..

أسأل الله العظيم بكل ماتحمله هذه الساعات من بركة وفضل .. أن يجعلكم من أسعد السعداء .. وأن يتم عليكم النعمه والهناء .. والصحة والشفاء .. وأن يغفر لكم ولوالديكم . وكل عزيز لديكم.وان يحفظكم من كل سوء ومكروه .. ويرزقكم من خيري الدنيا والآخرة .. ويرضى عنكم رضا ليس بعده إلا الجنه اللهم امين.

زر الذهاب إلى الأعلى