محمد النشائي عالم النانوتكنولوجي.. عاش يحلم لمصر ومات غريباً ولم ينتبه أحداً !
قام بثورة في البحث العلمي وتطوير نظرية إنشتاين النسبية فاستحق تكريم الشرق والغرب
كتب: محمد حربي
ورحل عالم النانوتكنولوجي والفيزيائي الفذ الدكتور محمد صلاح الدين حامد النشائى؛ الذي أحدث ثورة بحثية، بدراسة المنطقة المحصورة ما بين العلوم الذرية و الكيميائية، لدرجة أن وكالة الفضاء الأميركية ” ناسا”، قامت باستخدام عدد من أبحاثه في بعض تطبيقاتها. وتم تكريمه من مركز الفيزياء النظرية – أشهر وأكبر مركز في أوروبا-، التابع لجامعة فرانكفورت الألمانية؛ لدوره في تطوير نظرية ” الزمكان كسر كانتورى” نسبة إلى العالم الألماني جورج كانتوري. كما احتفلت به جامعة شنغهاي الصينية، تقديراً للنظرية الحديثة التي وضعها حول “الطاقة الداكنة” او “الطاقة السوداء “. وكذلك قامت جامعة حيدر أباد الهندية بتكريمه، تقديراً لجهوده في خدمة البحث العلمي، والاكتشافات الحديثة. وكان مرشحا لجائزة نوبل، وكاد يقترب من الفوز بها، بعد أن اكتشف الجسيمات الستين لنظرية ” الكم ” للعالم الفيزيائي ألبرت إينشتاين، بتسعِ جسيمات. وقد عاش يحلم لمصر، بمشروع قومي للطاقة البديلة والنظيفة: ولكنه مات غريباً عنها، ولم ينتبه أحداً!.
وخلال زيارته لانجلترا، التي تعيش فيها ابنتيه، الأولى، شيرين التي درست العمارة في جامعة ليدز البريطانية، والثانية سونيا، التي تخصصت في الطب البيطري. وهناك، تعرض لوعكة صحية مفاجئة، وفارق الحياة، وتم دفنه في الأراضي الانجليزية؛ لتفقد مصر رمزاً من رموزها العلمية، ضمن سرب طيور العباقرة المهاجرة خارج الوطن.
ومع أن الدكتور النشائي، ترجع جذوره إلى محافظة دمياط – على ساحل البحر المتوسط شمال مصر-؛ إلا أنه ولد في حي الظاهر بالقاهرة (عام 1943م.)، وكان والده ضابطا في الجيش، وله شقيقين، أحهما الدكتور عمر مدير معهد الزلازل بالولايات المتحدة الأمريكية، والثاني الدكتور سعيد العالم الشهير في الهندسة الكيميائية بجامعة ألاباما الأمريكية.
ونشأ الدكتور النشائي، مرهف الأحاسيس، متذوقاً للغة العربية، محباً للقراءة والإطلاع. كما كان عاشقاً للمسرح، وتمنى لو أصبح مخرجاً سينمائياً، أو كاتباً مسرحياً، وكان مثله الأعلى في الكتابة: أبي العلاء المعري، وعباس العقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم. وكتب الشعر، وعاش يحلم لو أنه استطاع أن ينسج قصيدة؛ عندما يسمعها الناس يتأثرون بها؛ فيخرجون للجهاد وتحرير فلسطين؛ وكان صلاح الدين الأيوبي قدوته في الحياة.
وظل الدكتور النشائي، على هذا الحال، حتى سن الخمسة عشر عاماً؛ عندما طلب منه والده السفر إلى ألمانيا لدراسة الهندسة، وسافر، وفي داخله تسكن روحان، إحداهما الروح الأدبية الفنية والأخرى الهندسية العلمية. وبعد سنوات، تخرج فى جامعة هانوفر الألمانية (عام1968 م.)، وعمل في ألمانيا ببعض شركات الهندسة الإنشائية لمدة ثلاث سنوات؛ ثم سافر إلى إنجلترا، لدراسة الميكانيكا التطبيقية، ونال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه في
“علم الثبات والاستقرار” من جامعة لندن.
وبعد التخرج عمل الدكتور النشائي، محاضراً في جامعة لندن، ثم انتقل للعمل بالمملكة العربية السعودية، وبعدها سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعمل في معامل لاس آلاموس، وهناك تحول للعلوم النووية، ثم انتقل مرة أخرى لجامعة كمبريدج، واستطاع بعد قيامه بالعديد من التجارب والأبحاث، تصحيح بعض الأخطاء والمفاهيم العلمية التي جاءت في “نظرية النسبية العامة” لألبرت إينشتاين، وبعد ذلك وضع نظريته “القوى الأساسية الموحدة”؛ وقد ظل بجامعة كمبريدج لمدة 11 عام، يعمل كأستاذ بقسم الرياضيات والطبيعة النظرية. كما أنه قام بتأسيس أول مجلة علمية في العلوم غير الخطية وتطبيقات العلوم النووية، وكانت تصدر في ثلاث دول هي أمريكا وإنجلترا وهولندا.
وكان تخصص الدكتور النشائى في علم ” الفوضى المحددة”، له دور كبير في تميزه عند العمل مع علماء الطبيعة في جامعة “كامبريدج ” علي ما يسمي نظرية “الأوتار الفائقة”؛ والتي تهدف إلى توحيد “نظرية النسبية ” لألبرت إينشتاين، مع “نظرية الكم ” لنيوتن، على مستوى علم الميكانيكا والذرة. وقد استفاد كثيراً من دراسته السابقة للهندسة، و”علم الفوضى” عند الدخول في مجال فيزياء الجسيمات عالية الطاقة. ونجح في حل المشكلات الرياضية، التي عجزت ميكانيكا الكم في حلها، والمحاولات التي قام فيها العلماء بتوحيد قوى الطبيعة المعروفة في الكون، مما عُدَ عملاً ثوريا، وطريقا لم يمشِ فيه أحداً قبله؛ ولذا نال عنه كثيراً من التكريم والجوائز؛ وصلت إلى ترشيحه ذات مرة لنيل جائزة نوبل.
وكان الدكتو النشائي عنده حلماً كبيراً لتطوير مصر، يعتمد على الاستثمار الأمثل للموارد والبشرية، وحسن توظيفها. والعمل على إحراز تقدم ملموس في المجال البحثي، وبعض المجالات الصناعية، كركيزة أساسية يقوم عليها الاقتصاد القومي. وتعتمد فكرته على أربعة ركائز أساسية، خلال برنامج زمني من خمس إلى عشر سنوات، ووفقا للأولويات، في: مجال الطاقة، بما فيها أبحاث الوقود، والخلايا الشمسية، والمواد الحيوية، واستخدام النانو في البيئة والمياه والزراعة.
وكذلك إنشاء برامج دراسية جامعية وعلى مستوى الدراسات العليا، تختص بالعلوم المتعلقة بالنانو، نظراً لأهميتها في رفع القيمة الاقتصادية للمنتجات، صناعة الأدوية والتحاليل والتشخيص والإلكترونيات والمواد الممغنطة. وأيضا العمل على تفعيل دور الصناعة المصرية. مع زيادة ميزانية تمويل الأبحاث العلمية، وتوفير الأجهزة عالية التقنية. هذا بجانب دراسة إنشاء هيئة قومية للنانوتكنولجي.