م. خالد محمود خالد يكتب: الملبساتي قاتل بدون بصمات والجريمة لاتخضع لقانون

في شوارعنا، فيه نوع من السواقين ما يتشافش في كتب المرور ولا في نصوص القانون، لكنه أخطر من المتهور والمخمور والمستهتر… اسمه “السواق الملبساتي”.
ده مش الشخص اللي بيكسر إشارة أو بيقطع طريق قدامك، ده الشخص اللي بيتصرف بحسابات ندالة باردة، يخليك أنت أو غيرك في مواجهة الخطر، وهو طالع منها زي الشعرة من العجين، بلا مخالفة مسجلة ولا عقوبة مكتوبة.
السواق الملبساتي ده ممكن يكون:
زي اللي في حادث الشاطبي، صاحب الملاكي البيضا، اللي كان شايف أسرة بتعدي الكورنيش، وكان عنده وقت يهدي أو يغير مساره بأمان، ليعطى فرصة للاسرة انها تتحرك وما تقفش فى مواجهة المايكروباس . لكنه قرر يستمر بسرعته ويحجزهم ويعطلهم عن مواصلة السير تفاديا للميكروباص فلبسه في الناس وتسبب في الكارثة، وكمل طريقه وكأن شيئًا لم يكن.
أو زي اللي بيكون ماشي في طريق مزدوج، فيه عربية بتتجاوز قدامه، أول ما تعديه، بدل ما يحافظ على سرعته أو يهدّي، يزود السرعة فجأة علشان ما ترجعش للحارة الأصلية، فيخليها تتزنق فى مواجهة العربيات اللي جاية، وتتحول لحادث متسلسل.
المشكلة إن القانون مش بيعاقب الملبساتي لأنه “بالأرقام” ما عملش مخالفة… السرعة في الحدود، الإشارات سليمة، هو ما لمسش حد. لكن بالسلوك هو شريك أصيل في الحادث، شريك في الدم والخسائر، ويمكن يكون هو المحرك الأساسي لكل اللي حصل.
المشكلة الأكبر إن الملبساتي مش فرد شاذ عن المجتمع… إحنا عندنا ثقافة “الغل” و”الاستظراف” على الطريق، وفكرة إنك توقف أو تهدي لسلامة حد تاني تعتبرها عند بعض الناس ضعف أو تنازل، بدل ما يشوفوها إنسانية وجدعنة.
الحل مش بس في تعديل قوانين المرور، لكن في بناء وعي جديد… إنك على الطريق مش بتثبت ذكاءك أو قوتك، لكن بتثبت إنك بني آدم قادر تحافظ على حياة غيرك زي ما بتحافظ على حياتك.
لأن الملبساتي يمكن يطلع من الحادثة “سليم” قانونيًا… لكن هو في الحقيقة قاتل بدون بصمات.