عبدالمنعم الجمل يكتب : كورونا كشف دور شركات الدولة وقت الازمات
كشفت محنة كورونا ان ما تمتلكه الدولة هو السلاح الوحيد في الظروف الصعبة ولا يمكن الاعتماد علي القطاع الخاص الذي انحصر دوره علي المشاهدة و ابتزاز الدولة والمطالبة بمزيد من الاعفاءات ، فعلي الرغم من ان الفيروس لن يفرق بين غني وفقير ، الا ان موقف القطاع الخاص وتعامله مع عماله يبدو غريبا ، فالدولة تتحرك لصالح الكل غني وفقير .
عندما بادرت الحكومة واتخذت حزمة قرارات اقتصادية لصالح المستثمرين ، توقعنا ان نجد موقف ايجابي من القطاع الخاص تجاه تنفيذ اجراءات الدولة الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا ،ولكن استمرت المزايدة علي الدولة والتنصل من المسئولية المجتمعية تجاه وطن يقدم كل ما لديه من اعفاءات لدعم المستثمرين .
فمعظم الشركات رفضت منح موظفيها وعمالها أى أجازات مدفوعة الأجر، كما رفضت تقسيم العمل بين الموظفين حتى تحميهم من احتمالات الإصابة بكورونا، بل سعت الشركات لاستثمار الازمة وجني الارباح من ورائها .
وسط ازمة كورونا لم نسمع سوي صوت الدولة وهي تخرج الخسائر المالية والاقتصادية من حساباتها ، وتري ان صحة المواطن المصري وامنه وامانه فوق كل اعتبار ، واتخذت الدولة اجراءاتها الاحترازية لمعالجة المرضي ، واعطت للعاملين اجازات مدفوعة الاجر لمنع انتشار الفيروس ، وخصصت المليارات لمواجهة الفيروس بكافة الاجهزة والاحتياطات الطبية .
وسبقت ذلك بحزمة اجراءات اقتصادية ، وتبعتها باجراءات الحظر وسخرت كل الاجهزة الامنية لتنفيذ خطة الحماية ،
هذه هي الدولة التي كشف وباء كورونا اهمية دورها وان تكون كل مقدرات الاقتصاد في يدها .
وسط كل ما تقوم به الدولة من اجراءات ، اختفت الشركات متعددة الجنسيات وتبخر رجال الاعمال والمستثمرين ولم يكن لهم اي دور في دعم الدولة ، و تعاملوا مع الامر بشكل طبيعي وكأن الدولة ليست في ظرف استثنائي.
الدولة لجأت الي شركاتها الوطنية لتضرب احتكار القطاع الخاص واستغلاله للازمة ، فهل بعد انتهاء محنة كورونا ستعيد الدولة تفكيرها في الحفاظ علي شركات قطاع الاعمال العام و دعمها ، هل سيكون لأزمة كورونا الفضل في اعادة النظر في دور الدولة وشركاتها بعد ان انكشفت حقيقة القطاع الخاص .
هذه رسالة الي كل صوت طالب بتقليص دور الدولة وانسحابها من السوق ، وترك ادارة الشركات للقطاع الخاص ، رسالة الي كل داعم لاعطاء القطاع الخاص الدور الاعظم في ادارة شركاتنا ، رجال الاعمال لا يمكن ان يحلوا محل الحكومة ، الان انكشفت الرؤية بيع شركات القطاع العام هو اضعاف للدولة ووضع مقاليد اقتصادها في ايدي الشركات .
اعتماد الدولة علي شركاتها يعيد للاذهان ما حدث مع الدكتور احمد جويلي وهو وزيرا للتموين ، عندما طالب بنقل تبعية المجمعات الاستهلاكية من وزارة قطاع الاعمال الي وزارة التموين ، وعندما تم التصدي لمحاولات بيع المجمعات الاستهلاكية وقتها ، وكانت هي سلاح المواجهة امام تلاعبات القطاع الخاص واحتكاره للسكر ورفع اسعاره بشكل جنوني وكانت المجمعات الاستهلاكية اهم ادوات تنظيم السوق وصفعة لمن احدث ازمة السكر من رجال الاعمال .
اعتقد ان ازمة كورونا ستغير الخريطة الاقتصادية للعالم ومنها تغير نظرة العالم تجاه تقوية دور الدولة وليس التخلي والانسحاب لصالح القطاع الخاص ،و للحديث بقية ..
بقلم : عبدالمنعم الجمل رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والاخشاب ، نائب رئيس اتحاد عمال مصر نائب رئيس الاتحاد الدولي للبناء والاخشاب لافريقيا والشرق الاوسط