منوعات

وسام الجمال يكتب: دورة الايام

وقف عصام الذي حضر من سفره منذ أيام مذهولا أمام مايراه فلم يكن المنظر الذي يراه سوي كوميديا سوداء عاش فصولها الأولي وهاهو الآن يشاهد الجزء المتبقي.

وقف عصام يشاهد المتسول ذو الستين عاما فهو يعرفه جيدا ويعرف عمره يقتات من صناديق القمامة ظل يمشي ورائه لأكثر من ست ساعات يراقبه جيدا رائه يتسول اللقمة من المارة حتي السيجارة وبعد أن خارت قواه وجده يذهب إلى إحدي الحدائق العامه ليلقي بظهره علي الارض ليستريح من عناء تعب اليوم.

إقترب منه مال عليه هز جسده النحيل قام الرجل ليجد يد تمتد له بالطعام فمع مرور الوقت الماضي لم يحصل علي مايصلب طوله وجد الطعام ومعه ماء ومشروب ساقع أيضا.

نظر في وجه من يمد يده لكنه لم يعرفه شكره واخذ الطعام والتهمه بنهم غريب ومع كل لقمة جرعة ماء ثم شرب المشروب الغازي وحاول الاستلقاء لكنه فوجيء بالشاب الذي منحه تلك الوجبة الدسمة مازال يحدق فيه مما أثار دهشته سأله من انت وماذا تريد قال له أنا اعرفك جيدا كيف حالك يااستاذ سمير استغرب من ذكر اسمه الذي كاد أن ينساه لكنه بادر بسؤال اخر هل تعرفني قال نعم انا كنت أعمل عندك بإحدي شركاتك التي كانت تملاء العاصمة.

ضحك سمير ضحكة أعقبها بكاء حسرة وندم قائلا ليتني مافعلت.

سأله عصام وماذا فعلت اعتدل سمير في جلسته وبدأ حكايته قائلا البداية شاب حاصل علي بكالوريس تجارة لأسرة متوسطة الحال بدأت العمل في إحدي شركات المقاولات موظفا صغيرا تعملت أصول المهمة لقد كنت مجتهدا ومحبا لعملي مما جعلني اتعلم سريعا ذهبت الي والدي المزارع البسيط اقنعته ان يبيع مايملك من قراريط ارض أملا في التجارة وبعد محايلات وافق والدي بشرط أن يكون اخوتي شركاء معي بالفعل بدأت العمل تطورت سريعا حتي أصبح لي اسما كبيرا في السوق العقاري وكان لي شقيقان عملا معي ساهما في تطوير الشركة التي أصبحت ملء السمع والبصر ولها عدة فروع وبدأنا في زيادة نشاطنا للعمل أيضا بالسياحة والمطاعم وهكذا حتي أصبح رصيدنا في البنوك كبيرا.

كان اخوتي من الشباب الملتزم الذي يعرف ربه ويحسنوا معاملة الموظفين والعملاء بل ويمنحوا الموظفين رواتب كبيرة ومنح لضمان ولائهم وهو ماتحقق بالفعل.

اما انا فقد عشت حياة الملذات والسهر وكنت متكبرا علي العاملين اعاملهم بقسوة كثيرا مانصحني اخوتي لكني لم استمع النصيحة حاولوا معي كثيرا حتي جاء اليوم الذي كان بداية انتهاء إمبراطورية سمير عندما قررت أن انفصل عن اخوتي في العمل وقد تم وكنت شرها وحصلت علي نصيب اكبر من نصيبي.

مرت سنوات وانا ازداد ثراءا ومازلت في حياتي في حين اخوتي في حياتهم وطوروا مشاريعهم لكن كنت انا اربح اكثر منهم

زادت معاملتي السيئة للعاملين حتي تعرفت علي شاب اسمه عصام هذا الشاب كان مجتهدا جدا كان يذكرني بشبابي وكان معه مبلغا من المال منحني اياه ليكون مساهما في جزء من إحدي شركاتي بدأنا العمل وأظهر عصام تفوقا شديدا لكنه كان مثل اخوتي نصحني كثيرا لكني لم استمع له زهقت منه ومن ارشادته حتي طردته من العمل طالبني بربحه رفضت وقف أمامي يبكي ثم تركني ورحل.

بعد عام تقريبا بدأت سلسلة الخسارة حتي انهارت شركاتي وأفلست وبدأ عرض أصول شركاتي في مزاد علني تدخل اخوتي ودفعوا ديوني وارادوا ان أعود معهم مرة أخري لكني رفضت رفضت لسبب لا أعلمه وجدت نفسي ابتعد حتي وصلت الي ماتري.

وضع عصام يده علي ظهر سمير وقال له تعال معي سأله سمير الي اين قال تعال وستعرف مشي مع سمير مسلوب الارادة أخذه الي منزله ترك له الحمام قائلا اغتسل براحتك واحضر له ملابس واستدعي الحلاق الخاص به حتي هندم منظره تركه ينام علي سرير نام سمير كأنه لم ينام من سنوات استيقظ ليجد إخوته في انتظاره مع عصام استغرب احتضنه إخوته فهم لم يروه من أعوام انهار من البكاء وساله من انت قال انا عصام هيا لتعود من جديد هيا ولكن كن مع الله يكن معك.

زر الذهاب إلى الأعلى