آراء

الحسيني وتوقعات الاعلام للدولار في 15 سبتمبر الماضي

د.فتحي حسين

اثارت تصريحات الاعلامي يوسف الحسيني وتوقعاته بشأن سعر الدولار في برنامج التاسعة الذي يعرض يوميا عقب نشرة التاسعة بالقناة الاولي , استهجان وغضب البعض من الجمهور , ليس فقط بسبب الحماسة والقوة والثقة بالنفس التي تحدث بها يوسف وباسلوبه الفكاهي ,وكأن قابض يده علي زمام الامور , عندما تحدث في قضية الدولار وحاجة الحكومة الان الي الدولار بشكل كبير , فثار وجال وقال ما قاله مالك في الخمر حينما , اطلق لنفسه العنان وتحدث بثقة يحسد عليها وقال في صيغة نداء للشعب المصري الذي يتابع بعضهم برنامجه علي التليفزيون المصري” عشان خاطرك انت لوجه الله ودي الدولارات للبنك ,إلحق قبل يوم 15 سبتمبر لاسباب عدة ممكن نناقشها بعدين” ومر اسبوعين تقريبا علي توقعاته وسعر الدولار في زيادة مستمرة امام الجنيه المصري! , منوه ان سعر الدولار سيحدث به انخفاض كبير للغاية ومن ثم فان الفرصة الوحيدة لبعض من الشعب الذي يكتنز الدولار في البيوت ان يلقي بجسده الي اقرب بنك ومعه رزم الدولارات من اجل تسليمها للبنك واستبدالها بالعملة الوطنية الجنية الوطني , وجاءت الرياح بما لا تشتهي سفن يوسف الحسيني والتزم البعض بنصائحه وذهب فعلا للبنك ولكن سعر الدولار يوم 15 وما بعده ارتفع ارتفاعا غير مسبوقا حتي اقترب من 19 جنيها وخمسون قرشا , وفقد الجنيه 22% من قيمته وهو الامر الذي اضعف الثقة في اعلامنا الحكومي للاسف الشديد وجعل النسبة القليلة التي تتابعه في مرتبة تالية للقنوا الفضائية ان يبتعدوه عنه تماما , لدرجة ان فكرة عدم مصداقية الاعلام الحكومي والتضليل احيانا بعد هذه الواقعة الغريبة التي تناولتها قنوات عديدة ومواقع السوشيال ميديا بعدها بتهكم وسخرية شديدة . اعتقد ان ما فعله الاعلامي المتميز يوسف , بالرغم من محبتي له ولروحه الخفيفة وسلاسة اداءه وصوته الذي يجبرك علي سماعه بالمقارنة باّخرين , قد هز ثقة الناس نسبيا فيما يقوله الاعلام الحكومي للناس , بالرغم من محاولات الدولة بضبط ممارسات الاعلام عامة والاعلام الحكومي خاصة ومحاولة استعادة الجمهور اليه مجددا بعد ان انسحب الي الفضائيات وبرامج اليويتوب والسوشيال ميديا وغيرها من وسائل الاعلام الرقمي الجديدة وصولا الي تقنية الميتافيرس التي ستحول الاعلام كليا الي وجهة واحدة الي حد كبير ! التعويل علي الاعلام الحكومي ضروري والرهان علي مصداقيته شيء نتمناه جميعا حتي يبتعد المواطنين عن الاعلام الاخواني الكاذب والمضلل والذي يأتي بمعلومات خاطئة وغير صحيحة بهدف تضليل الناس واظهار الحكومة بانها فاشلة تماما وهو الامر الذي يجعل الاعلام الوطني في حيرة كبيرة امام هذا الكم من القنوات الفضائية والاعلام الرقمي الجديد ومواقع السوشيال ميديا كالفيس بوك والتويتر من اجل الفوز بالجمهور وتقديم الحقائق بدلا من ان يبحث عنها المواكنتين في وسائل اعلام اجنبية واخوانة ربما لانه لم يجدها في وسائل اعلامه الوطنية , ومن ثم لابد من تقديم الحقائق دوما ولابد من المتحدث الاعلامي ان يحترم تخصصه الاعلامي ولا يتطرق الي توقعات اقتصادية مالية لها متخصصين وخبراء يتحدثون فيها وذلك علي شكل واقعة يوسف الحسيني والذي ظل ينادي الناس والمواطنين في القناة الاولي الارئيسية للتليفزيون الحكومي ان ينزلوا يبيعون الدولار في البنوك حتي لا يتعرضون للخسارة نتيجة توقعاته الشخصية بخفض سعر الدولار امام الجنيه قبل يوم 15 سبتمر !

فمن المتعارف عليه ان الاعلام يحتل مكانة مهمة لدى الشعوب والأمم ولاسيما من ذلك الاعلام الهادف فإن له تأثيراً واسعاً في نفوس تلك المجتمعات والأمم بسبب نقله للصورة والاحداث والوقائع لتلك المجتمعات ، ومن جانبٍ آخر إنه يعد وسيلة ثقافية وأداة للتخاطب فيما بين الشعوب ونقل للمعلومات والاخبار عنها ولهذه المكانة وتلك الأهمية يتحمل الاعلام والإعلامي على عاتقه امانة عظيمة وهي نقل المعلومات والحقائق دون تزييف او تحريف متحريا للصدق والموضوعية فيها, ليس التوقعات غير الحقيقية الغير مبنية علي اراء سديدة وانما اوهام في نفسه الاعلامي والشطط والغوائية الاعلامية التي نراها يوميا من قبل اعلاميين غير متخصصين في الموضوع الذي يتحدثون فيه ..نتمني ان يختفي مثل هذا الاعلام من حياتنا وينبغي توقيع عقاب علي بعض الاعلاميين من قبل المجلس الاعلي للاعلام حتي يكونوا عبر لغيرهم وبالتالي لا نري من هذا العبث والهراء والتضليل مرة اخري !!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى