آراء

شعبان شحاتة يكتب : السيناريو المر.. امرأة تعود للحياة بعد ٤١ عاما

قضية مثيرة وعجيبة، وردة التونسية إنه لا حديث للتونسيين إلا عن قصة وردة التي أمضي زوجها سبعة عشر سنة في السجن إثر إدانته بجريمة قتلها ثم ما لبثت أن ظهرت حية ترزق بعد 41 سنة علي اختفائها ولكن دون نضارة ولا أريج وذكر أن المرأة وهي من منطقة البريكات بولاية القصرين في الجنوب التونسي فرت خلال عام ١٩٤٢ من زوجها بسبب معاملته السيئة لها وضربها بسبب وبدون سبب كما تقول وأثناء فرارها لوثت عباءتها أو ما تعرف ” بالسفاري” أو الملحفة باللهجة التونسية بدمها وألقت بها في أحد الوديان بجانب جيفة كانت الذئاب أكلتها ثم تابعت سيرها علي غير هدي باتجاه الحدود الجزائرية

اضطرت وردة خلال الأيام الثلاثة الأولي لهروبها أن تأكل الأعشاب واجزاء من فضلات جيف الحيوانات التي كانت الذئاب قد افترستها وذلك كي تبقي علي قيد الحياة وقبل انهيارها تماما بفعل الجوع والخوف والعطش قيض الله لها قافلة جمال يقودها ثلاث أشخاص كانوا متجهين إلى الجزائر فحملوها معهم بعد أن أطعموها ودثرها أحدهم وهو تونسي بعباءته ولما وصلت القافلة إلي قرية جزائرية سلمها الشخص الذي دثرها بعباءته إلى أحد تجار القرية وعاشت وردة مع التاجر المذكور فترة ثم ما لبثت أن ضجرت ففرت منه واستقلت قطار بضائع نقلها مع حمولته من الخشب إلي بلد هراس في الجزائر أيضاً وفي هذه الأثناء فطن بعض الأقارب وردة في مسقط رأسها بقرية البركات التونسية لغيابها فأخذوا يبحثون عنها لعدة أيام إلى أن وجدوا عباءتها الملطخة بدمها في الوادي القريب من القرية واتجهت الشكوك نحو زوجها حيث شهد جميع الأقرباء والجيران بقساوة معاملته لها وتهديده الدائم بقتلها

ألقي القبض على الزوج من قبل البوليس التونسي آنذاك وحكم عليه بالسجن 17 عاما حيث لم يخرج من سجنه إلا بعد أن فقد نظره تماماً وبعد أن حرم أيضا من رؤية ابنتيه اللتين أنجبتهما له وردة خلال زواجهما الذي لم يستمر أكثر من خمسة أعوام وتولت شقيقة الزوج تربية طفلتي أخيها .

أما وردة فبعد وصولها علي بلدة حراس الجزائرية أخذت تتسول في النهار وتأوي إلي كوخ صغير بالقرب من محطة القطار وتنبه لها سير المحطة وهو فرنسي يدعو فرانسو كما ذكرت فأعجب بجمالها ونضارتها ونقلها إلي منزله لخدمته ثم ما لبث أن زوجها عماله الفقراء وهو جزائري يدعي حمودة .

وعاشت وردة مع حمودة وأنجبت له سبعة من البنين والبنات وكانت تخفي عن أبنائها الجزائريين وجو أختين تونسيتين لهما وبعد حوالي 37 سنة من الزواج توفي. حمودة وترك
ورده والأولاد السبعة الذين تزوجوا جميعا وأنجبوا وتقول وردة أنها لم تستطع أن تنس زوجها وابنتيها الصغيرتين اللتين تركتهما هناك ولاسيما الابنة الصغرى التي تركتها وهي تعاني من جرح أصابها في وجهها من جراء قطعة خشب طارت من قطعة حطب كانت تقوم وردة بتكسيرها في فناء المنزل

ذهبت ورده إلى القنصلية التونسية في مدينة الجزائر العاصمة وردت لمسئوليها قصتها طالبة منهم مساعدتهم علي الاستعلام عما إذا كان زوجها وبنتيها ما زالوا على قيد الحياة في قرية البريكات وبعد اتصالات واستفسارات استمرت سنة
تلقت وردة برقية من القنصلية التونسية تفيد بأن زوجها وابنتيها ما زالوا أحياء يرزقون والطريف أن أحد أبناء ورده الجزائريين هو الذي تلقي البرقية من ساعي البريد ولما فضها
وقراها أصيب بالذهول ولم تستطع أمه بعد ذلك إخفاء الحقيقة وطلبت منه ومن إخوانه الآخرين مساعدتها علي السفر إلى تونس لرؤية أبنتيها ولما وصلت وردة علي البريكات استفسرت من بعض أهل القرية الذين لم يعرفوها ألبته وقد أصبحت في العقد السادس من عمرها سألت عن زوجها وأبنتها فأخبروها أن الأبنة الكبري تقيم مع زوجها وأولادها خارج القرية في حين أن الأبنة الصغري تعيش مع زوجها وأولادها
في دار أبيها لأن الأب اشترط علي الزوج ذلك حتي تعتني ابنته به لأنه ضرير وأسرعت وردة إلي بيتها الزوجي الأول ولما طرقته بيد مرتعشة فتحت لها الباب أمرآة في
العقد الرابع من عمرها علي وجهها آثار جرح قديم ولم تتمالك وردة نفسها لدي رؤية المرآة فالقت بنفسها عليها وهي تجهش ببكاء هيستيري وهي تصيح ” إبنتي إبنتي وذهلت الابنة
لأنها لم تكن تعرف لها أما علي قيد الحياة إذ أن الجميع أخبروها أن أمها ماتت منذ كانت هي في الثانية من عمرها وخرج الزوج الضرير إلي فناء المنزل لدي سماعه البكاء والصراخ وعندما علم هوية المرأة القادمة ذهل وفقد القدرة علي النطق لعدة دقائق والقت وردة بنفسها عند اقدامه طالبة الغفران فقبل بعد الأسي وبعد تدخل الجيران الذي حضروا بعد سماع الصراخ والبكاء وعادت المياه إلى مجاريها بين الأم وعائلتها القديمة بعد أن تم استدعاء البنت الكبري من القرية المجاورة التي تقيم فيها مع زوجها وأولادها وأسدل
الستار بذلك علي قصة وردة التي لا يعجز أي كاتب سينمائي أن يحبك قصته أكثر منها

زر الذهاب إلى الأعلى