آراء

د.فتحي حسين يكتب: الذكاء الاصطناعي وارهاب الألفية الثالثة

 

بلا شك أن الذكاء الاصطناعي وتطوراته المستمرة في مجال المواجهات الأمنية والإرهابية يعد من الموضوعات الهامة التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة ،خاصة مع وجود الأزمات و الصراعات التي تشهدها عدد من دول المنطقة والعالم و مع ظهور تقنيات متطورة من الروبوتات الذكاء الاصطناعي القادرة علي خوض حروب قتالية كبديل عن العنصر البشري والقيام بذلك بكفاءة منقطعة النظير ،وهو ما جعل دول عديدة متقدمة تخوض في هذا المجال باستثمارات كبيرة ،مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ،وبعض دول الخليج مثل الامارات والسعودية ،لاسيما والعالم يشهد حالات صراع لا تنتهي كما في العدوان الإسرائيلي على غزة بفلسطين والحرب الروسية الأوكرانية واستخدام الطائرات المسيرة التي يطلق عليها الدرونز ،مثل الطائرة الإيرانية ابابير والإسرائيلية هاربي …الخ ،كما استخدمت جماعة الحوثيين وحماس مثل هذه الطائرات التي تقوم بمهام تجسس وحمل صواريخ دفاعية وقتالية في إطار الحرب السيبرانية التي يشهدها العالم كله ،والاختراقات ألاجهزة الامنية العالمية ، فضلا عن الخوف الأكبر من أن تتحقق علي أرض الواقع و قد يغدو الخيال العلمي واقع حال، بمعنى أنه يتحول الإنسان الطبيعي الي روبوت صناعي من خلال تطوير معالجات إلكترونية فائقة السرعة قابلة للزرع داخل الدماغ البشري، وساعتها سنجد فكرة فرانكشتين التصويرية التخيلية تتجسد في روبوت بشري شرير قادر على تهديد العالم!

من أجل ذلك عقدت لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان ” الذكاء الاصطناعي وإرهاب الالفيه الثالثه” بوجود خبراء ومتخصصين وكنت ضمن المتحدثين ،وتناولت الندوة

قضية الذكاء الصناعي التكنولوجي وما أهميته وخطورته في الوقت نفسه ، وهل هو دائماً خير في منفعة الإنسانية أم يمكن له أن يضحى شرا يهدد الآمنين والمطمئنين من الناس، إذا عرف طريقة إلى الإرهابيين، أولئك الذين باتوا بدورهم على درجة عالية من القدرة على التعاطي مع التكنولوجيا المتقدمة، ومن المقدرة على تطوير آليات خاصة بهم تفعل فعلها في عوالم الإرهاب والجريمة عبر الحدود..

لذا فإنه ما بين الذكاء الصناعي والثورة المعلوماتية التكنولوجية، يغدو العالم برمته أمام موجة غير مسبوقة من التحديات الإرهابية الخطيرة ، مما يزيد من العبء الملقى على عاتق الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المكلفة بالمواجهة والحد من المختطر الإرهابية ومنعها عن الأفراد والمواطنين!

وقدمت بعض التوصيات في هذا الإطار ومنها ضرورة وضع تشريع قانوني يجرم أفعال الروبوتات الذكاء الاصطناعي ،لان القانون لدينا لا يعاقب الا الشخص الطبيعي ،بينما الأشخاص الافتراضية أو الروبوتات لا يعاقبها القانون ومن ثم فقد يصبح الذكاء الاصطناعي أداة لتنفيذ الجريمة دون عقاب أو وسيلة للهروب من العقاب القانوني ،وهو ما يطالب بتشريعات تسن في هذا الأمر .

وضرورة إخضاع مثل هذه الأسلحة -وغيرها من الأسلحة الفتاكة- لقواعد القانون الدولي الإنساني، وإقرار المجتمع الدولي لقواعد تُنظِّم صناعة وتداول واستخدام مثل هذه الأسلحة.

مع ضرورة التفكير جيدًا في مشروعية اقتناء أو استخدام الأسلحة الجديدة ومدى اتفاقها مع قواعد القانون الدولي.

وتوفير الضمانات الكفيلة بمنع حيازة الأسلحة التي تقوم على تقنيات الذكاء الاصطناعي مِن قِبَل التنظيمات الإرهابية، ومواجهة خطر انتشار تلك التنظيمات في حالة اقتناء أو تطوير مثل تلك الأسلحة، وهو ما ينطبق على منظومة الروبوتات العسكرية ذاتية التشغيل.

ولابد أن تكون التكنولوجيا التي يتوصَّل الإنسان إلى ابتكارها، واكتشاف، وتطوير عملها، ما هي إلا وسيلة يمكن استخدامها لخدمة البشرية، لا لإبادتها، وتدمير المجتمعات !!

زر الذهاب إلى الأعلى