أهم الأخبارآراء

محمد حربي يكتب: إسرائيل في ” قائمة العار”


كلاكيت ثالث مرة!. واهتزت صورة الصهيونية، ومُرتَّزقتُها، أمام العالم؛ واصبحت سيئةَ السُمعة دولياً. وفي غضونِ شهورٍ قليلة، يجدَ الكيانُ الصهيوني نفسهُ ملاحقاً من الهيئاتِ الدوليةِ. إذ أنه، لم تمضِ سوى خمسة أشهر، على دعوى دولة جنوب أفريقيا، يوم 11 يناير الماضي، أمام محكمة العدل الدولية في ” لاهاي”، ضد القوات الإسرائيلية بتهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية، في قطاع غزة. إلا وتأتي بعدها، وقُبيل نهاية شهر مايو الماضي، مذكرة اعتقال، طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية- كريم خان، بإصدارها بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي- بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه- يوآف جالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ثم تتكلل جهود جماعات حقوق الإنسان بالنجاح، في ممارسة الضغوط على منظمة الأمم المتحدة؛ من أجل إدراج جيش إسرائيل في القائمة الأممية السوداء “قائمة العار “.
و” قائمة العار” هذه؛ والتي تُعدها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للأطفال والنزاع المسلح، هي واحدة من الأدوات؛ التي استحدثتها الأمم المتحدة، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 1379 ( عام 2001م.). وتتضمن رصد الانتهاكات الجسيمة؛ التي ترتكبها الجيوش النظامية، أو الجماعات المسلحة غير الحكومية، ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، وبصورها الست، وأهمها: قتل وتشويه الأطفال، والهجمات على المدارس والمستشفيات، واختطاف الأطفال، وحرمانهم من وصول المساعدات الإنسانية إليهم؛ والذي تحظره اتفاقية جنيف الرابعة، وبروتوكولاتها الإضافية. وكل ذلك؛ قد يتم توصيفه، بأنه جرائم حرب ضد الإنسانية. وقد وجد الأمين العام للأمم المتحدة نفسه، تحت ضغط من المنظمات الحقوقية، ومنها “هيومن رايتس ووتش”؛ التي استاءت، من استثناء جيش الاحتلال الصهيوني، حتى الآن، وعدم إدراج إسرائيل بالقائمة!.
وغدا، يصبح يوم ” الثلاثاء” 18 يونيو، يوماً عصيباً، على الصهيونية؛ وإن شئت، قل: إنه يبقى أحد المحطات التاريخية السوداء، والذكريات المؤلمة للإسرائيليين؛ وليذكرهم باليوم، الذي أصدر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش – برتغالي الجنسية- تقريره السنوي، عن ” قائمة العار”. والذي تضمن لأول مرة إسرائيل، نتيجة للانتهاكات الجسيمة؛ التي أرتكبها الجيش الصهيوني، بحق الأطفال الفلسطينيين؛ منذ معركة ” طوفان الأقصى” في السابع من شهر أكتوبر (عام2023م.). حتى أن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية- أنياس كالامارد، وعبر حسابها على منصة “إكس”، قالت – في دهشة-: “ما كان يجب أن يُقتل 15,000 طفل في غزة حتى تُدرج إسرائيل في هذه القائمة المخزية”؛ فضلا عن استهداف القوات الإسرائيلية لأكثر من 110 مدرسة فلسطينية في قطاع غزة.
وعبثاً، حاول الساسة والدبلوماسيون الإسرائيليون، دفع هذه التهمة عن جيش الاحتلال الصهيوني، مع إدعاءاتهم زوراً، وبهتاناً، بأنه يقاتل، وفقا لأخلاقيات الحرب- وقد كذبوا-. وعندما رأوا، أن ورقة التوت؛ قد سقطت من عليهم، وتبين للعالم حقيقة الصهيونية الدموية. وفي لحظة يقظة للضمير العالمي، وحراك منظمات المجتمع المدني، وطلاب الجامعات في العواصم الغربية؛ فإن “نتانياهو”؛ قد فقد توازنه. ولدرجة أن انتقاداته بلغت ذروتها، لحد توجيه اتهام مباشر للأمم المتحدة، بقوله: “أضافت نفسها إلى قائمة التاريخ السوداء حين انضمت إلى مَن يدعمون القتلة من حماس”– بحسب وجهة نظره-. وعلى نفس النغمة عزف السفير الإسرائيلي غلعاد إردان- سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة؛ عندما اتهم أنطونيو غوتيريش، بقوله: “يشجّع الإرهاب وأعمال كراهية لإسرائيل” – بحسب وجهة نظره-. وأما الإدارة الأميركية – الحليف الاستراتيجي لتل أبيب-، فقد التزمت الصمت، ولم يصدر عنها أي رد فعل، أو تعليق، حتى الآن!. وقد يكون مرجع ذلك، المرحلة الحرجة، وحالة الغليان بين النشطاء الحقوقيين، وطلاب الجامعات الأميركية الغاضبة؛ بينما تستعد أميركا لانتخابات رئاسية.
وإذا كانت إيمانويلّا-كيارا جيلارد- الباحثة في معهد أكسفورد للأخلاقيات والقانون والنزاع المسلح؛ قد وصفت عملية إدراج الدول والكيانات في ” قائمة العار”، بقولها: ” ليست له عواقب قانونية”. إلا أن مجرد وجود إسرائيل ضمن قائمة المنتهكين للأطفال، من شأنه نزع الشرعية عنها، وخلخلة العلاقات الإسرائيلية مع المجتمع الدولي، وما يتعلق بمسألة حظر التسليح، أو توريد صفقات الأسلحة إلى ” تل أبيب”. وأما على الصعيد الإسرائيلي الداخلي؛ فقد تستغل المعارضة الفرصة، لتمارس الضغوط على ” نتنياهو”، وتطيح بحكومته. خاصة مع تزامن ذلك مع انتهاء المهلة الزمنية؛ التي سبق وحددها وزير مجلس الحرب “بينى جانتس” لنتنياهو، للإعلان عن خطة ما بعد الحرب لإدارة غزة، وعقد صفقة لتبادل الأسرى مع ” حماس”.
وبعد أن أفلتت إسرائيل، لعقود طويلة، من العقاب والمحاسبة على جرائمها ضدّ الأطفال الفلسطينيين، واستهدافهم، وإلحاق الضرر بهم!. جاءت تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”؛ لتحرك المياه الراكدة على الساحة العالمية، بشأن الجرائم الصهيونية في غزة. وتبنى الأمين العام للأمم المتحدة، مسألة إدراج إسرائيل، في ” قائمة العار”، لمدة 4 سنوات قادمة؛ ودون أن يلتفت إلى أساليب الترهيب الصهيونية؛ وبما فيها التهم المعلبة سلفاً”معاداة السامية”. وكذلك لم يبالِ بسهام النقد، من الحلفاء الاستراتيجيين للكيان الصهيوني، بما فيهم القوى الإمبريالية الغربية. ويترقب العالم الحر القرار النهائي فيها، بعد أن تجري مناقشتها في جلسة مفتوحة يوم 26 يونيو الجاري.
وها هي الفرصة؛ قد حانت أمام الدول العربية والإسلامية، لاستثمار هذا السقوط الصهيوني، وللمرة الثالثة، تحت مقصلة الهيئات الأممية، والمحاكم الدولية. وقد أصبح الإسرائيلي، وجيشه، وحكومته ملاحقين أمام محكمة العدل، و الجنائية الدولية، في ” لاهاي”. وعليه، فلابد من تحرك عربي- إسلامي، على الساحة العالمية؛ لتحذير كل حلفاء إسرائيل،بأنهم إذا استمروا في دعمهم لها؛ فأنهم لن يكونوا بمنأى عن التلوث بالعارِ. ومع تفعيل حملات المقاطعة شعبية، لكافة منتجات الشركات ذات الصلة بالصهيونية. وبجانب هذا وذاك، يمكن للمنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة، أن تلاحق القوات الإسرائيلية من جديد، بتهمة انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية. وهكذا يمكن زلزلة إسرائيل.
كاتب وصحفي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى