عبدالمنعم الجمل يكتب : شهادة للتاريخ

يبدو ان ما يحتله قطاع الاعمال العام من مساحة كبيرة من تفكيري ، جعل بيني وبين ما يخصه جاذبية من نوع خاص ، فخلال الايام الماضية كنت بزيارة عمل الي محافظة الاسكندرية ، وقدري ان يكون اللقاء بفندق فلسطين بالاسكندرية ، وعيني رأت وانتبهت الي ما لم ينتبه اليه البعض، انها تلك اللوحة الرخامية التي كتب عليها شهادة للتاريخ .

كتب علي اللوحة الرخامية ، في عهد السيد الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة ، افتتح الدكتور محمد عبدالقادر حاتم نائب رئيس الوزراء، والسيد حمدي عاشور محافظ الاسكندرية ، فندق فلسطين يوم ٢٧ اغسطس ١٩٦٤، حيث قامت شركة الاسكندرية العامة للمقاولات بانشائه وتجهيزه في 150 يوم لاستضافة الملوك و الرؤساء العرب لحضور مؤتمر القمة العربي الذي عقد في يوم ٥ سبتمبر 1964.

حقا هي شهادة للتاريخ في حق عمال القطاع العام ، ففي عام ١٩٦٤ تم بناء فندق فلسطين بهذا الفن والروعة المعمارية وعلي هذه المساحة في ١٥٠ يوم ، اي جهد هذا الذي قام به عمال مصر لانجاز مهمتهم ولرفع اسم مصر امام رؤساء وملوك القمة العربية .

لم تصيبني الدهشة من انجاز العمل في هذا الوقت القصير بامكانيات الستينات، ولكن راودتني الاسئلة ، ماذا لو لم يكن لدينا شركة قطاع عام كشركة الاسكندرية العامة للمقاولات ؟ هل كانت شركات القطاع الخاص ستوقف مشروعاتها لتقيم الفندق ؟ الم تكن الدولة سترضخ لشروطها ومطالبها !! هل كانت العزيمة والاصرار لتنفيذ العمل ستكون واحدة ؟ هنا تكمن اهمية قطاع الاعمال العام ، وان تكون للدولة شركاتها الوطنية تلجأ اليها في كل وقت وخاصة الطوارئ والازمات .

للعلم هذا ليس النموذج الوحيد الكاشف لوطنية عمال القطاع العام ، ووقوفهم بقوة مع الدولة ، فعمال الحديد والصلب كان لهم دور تاريخي اثناء حرب الاستنزاف ، وكان مطلوب منهم انتاج مائة الف طن،لبناء “دوشم صواريخ ” خلال فترة لا تتعدي ١٢٠ يوم ، وكانت المفاجأة تنفيذ المهمة في ٤٠ يوم ، بفضل وطنية العاملين ، فهل كان بمقدور الدولة الزام ايا من شركات القطاع الخاص بتنفيذ ذلك ؟دون الرضوخ لشروط واسعار مجحفة؟ انهم فقط عمال وشركات القطاع العام .

والنماذج كثيرة ومتعددة بكل القطاعات تحتاج الي مساحة اخري لعرضها بالتفصيل .

و بمناسبة الحديث عن شركة الاسكندرية للمقاولات العامة ، فهنا يجب الالتفات لفلسفة اختيار اسماء شركات المقاولات بالقطاع العام في عهد الزعيم جمال عبدالناصر ، اذ كان لها فلسفتها التي تحدد دور كل شركة .

فمثلا المشروعات المطلوب تنفيذها داخل محافظة الاسكندرية تقوم بتنفيذها الاسكندرية العامة للمقاولات ، وما يحتاجه الصعيد تنفذه شركة الصعيد العامة للمقاولات وعلي نفس النهج القاهرة العامة للمقاولات و الجيزة العامة للمقاولات ، فالكل يعمل في حدوده ، وهي فلسفة اقتصادية وتكاملية تؤدي لتشغيل العمالة بكل محافظة ناهيك عن امور عديدة كتكلفة النقل وغيرها .

انه القطاع العام الذي انشئه الرئيس جمال عبدالناصر ، وجعل اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدي مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي، وهو نفس البنك الذي جاءت تقديراته لما يملكه القطاع العام الذي بناه الزعيم عبدالناصر ب 1400مليار دولار ، بقاعدة صناعية 1200 مصنع .

بقلم : عبدالمنعم الجمل
رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والاخشاب ، ونائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر للعلاقات الدولية
نائب رئيس الاتحاد الدولي للبناء والاخشاب لافريقيا والشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى