الحكايات الشعبية في مصر والكويت..أولي أنشطة المكتب الثقافي المصري
كتب فتحي حسين
تحت رعاية سفير جمهورية مصر العربية بدولة الكويت أسامة شلتوت نظم المكتب الثقافي بالسفارة المصرية ندوة بعنوان ” الحكايات الشعبية في مصر والكويت” قدمها الشاعر والروائي صالح الغازي، الكاتبة الصحفية فضة المعيلي، الروائية بدرية التنيب، أدارت اللقاء د. رحاب إبراهيم. وقد حضر الفعالية محمد عبد النبي رئيس المكتب الثقافي المصري في دولة الكويت، وجمع من الأدباء والمثقفين.
في البداية هنأ محمد عبد النبي الكويت بمناسبة اختيارها كـ “عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025 من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون ” ألكسو”، وأيضا اختيار الكويت عاصمة للإعلام العربي عام 2025 وعلق قائلا ” وهذا يعكس دور دولة الكويت كرائدة في المجال الثقافي والإعلامي على مستوى الوطن العربي، وفي ضوء الدور المحوري الحضاري والثقافي لجمهورية مصر العربية في ربوع الوطن العربي نتطلع للمشاركة الفعالة كشقيقة كبرى لدولة الكويت لتعزيز وإبراز الثقافة العربية المشتركة بين الدولتين الشقيقتين”. وأضاف العبد النبي ” اليوم نبدأ أول أنشطة المكتب الثقافي المصري بدولة الكويت بتلك الندوة على أن يتبع ذلك سلسلة من الفعاليات والأنشطة الثقافية لإبراز الدور الهام بين مصر والكويت من خلال الماضي والحاضر لنتطلع إلى مستقبل زاخر من الثقافة العربية المشتركة”، وفي الختام قال محمد عبد النبي ” أتوجه بالشكر لمعالي السفير أسامة شلتوت على الدعم اللامتناهي للمكتب الثقافي ولكافة أعضاء البعثة الدبلوماسية بالكويت، كما أتوجه بالشكر والتقدير لمعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. أيمن عاشور لدعم الكتب الثقافي بدوره في تعزيز أواصر التعاون بين مصر والكويت على كافة الأصعدة”.
ثقافة مجتمع
وفي كلمة الافتتاحية قالت دكتورة رحاب إبراهيم ” يسير التطور على مر التاريخ كله عبر التفاعل والتأثير المتبادل وكلما كانت ثقافة مجتمع ما منفتحة على غيرها من الثقافات كلما ازدادت قوتها وقدرتها على التأثير. فالتطور الإنساني لا يسير بمعزل عن الآخر، ونحن كشعوب عربية لدينا مساحات مشتركة واسعة من التراث الثقافي والمعرفي”. وأكدت د. إبراهيم بأنه لدينا الوعي بأهمية هذا التراث في بناء الشخصية العربية والحفاظ على هويتها وتطورها. وأوضحت بأن ندوة ” الحكايات الشعبية في مصر والكويت” هي عبارة عن أمسية ثقافية ذات مذاق خاص، نستلهم فيها من التراث العربي الأصيل ما يحتويه من كنوز إنسانية وقيم عالية رواها الجدود وتناقلتها الأجيال، وتحمل من الحكمة مالا يخلو من المتعة والدعابة.
بساطة وواقعية
واستهل صالح الغازي حديثه بالعبارات ” كان ياما كان، في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، وكان يا ما كان
ياسعد يا كرام، ولا يحلا الكلام إلابذكر النبي عليه الصلاة والسلام” ليقول ” بهذه العبارات الافتتاحية تبدأ الحكاية الشعبية المصرية”، ومن ثم تطرق الغازي إلى خصائصها حيث تتسم بالشفاهية، والتلقائية والبساطة، والواقعية والجماعية، ولا يمكن تحديد الزمان والمكان. وذكر أن هناك عدد كبير من المثقفين والمهتمين والباحثين اهتموا بالبحث وتسجيل الحكاية الشعبية، فكانت البداية للمستشرقين في هذا المجال في العصر الحديث ليعطى الغازي الحضور نموذجا عن المستشرق فيليلهم سْپيتَّا حيث جمع الحكايات الشعبية في عصر الخديوي توفيق ، ودونها حرفيا من فم الراوي بالعامية المصرية بحروف لاتينية ثم ترجمها للفرنسية ثم جاء دكتور مصطفى جاد وشكلها وقارنها بالترجمة الحرفية الفرنسية وصدرت عن الهيئة العامة للكتاب، ومن الحكايات التي جمعها حكاية الأمير الذي تعلم صنعة، وقام بقراءتها للحضور. أما جاستون ماسبيرو من مؤسسي علم المصريات وتحدث الغازي عن كتابه حكايات شعبية فرعونية.
حضارات متعاقبة
وفي سؤال للغازي عن تأثره بالحكاية الشعبية والتراث الشعبي في أعماله ليقول ” التراث المصري توليفة من حضارات متعاقبة مرت على مصر منها الفرعونية، اليونانية، الرومانية، القبطية، الاسلامية، العثمانية وطوائف وفئات كثيرة. وقد تعاملت مع مفردة التراث الشعبي”الموتيف” قد يكون ايقاع أو لون أو لفظ أو مثل، ففي الشعر صدر لي 6 دواوين شعرية تأثرت به وهناك تناص في مواضع كثيرة.” وذكر الغازي أنه في رواية “الباص” تشابكت الحكايات شعبية مصرية وهناك حكايات فلبينية.. ومن الحكايات المصرية حكاية الكرة الصغيرة التي تقود البطل لمكان ما وهي مذكورة في حكاية البلبل الصداح عند “فيليلهم شيبتا.
أهمية عظمى
أما الروائية التنيب فعبرت عن سعادتها بالمشاركة وتحدثت عن القصص الشعبية ومدى تأثيرها على المجتمع ودور الام في صياغة تلك القصص لإيصال القيم والمبادئ خصوصا لدى الأطفال. وعن أهمية القصص الشعبية قالت التنيب ” للقصص أهمية عظمى في حياة الانسان منذ بداية الخلق وستبقى حتى النهاية وأعظم القصص نجدها في القرآن الكريم، حيث نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر لنا من قصص الأنبياء عليهم السلام ما روح فيه على قلوب المسلمين وما كنا فيه من عبر وحكمه ومن تحذير، ومنها نجد حاجة الانسان إلى القصص حيث يجد فيها ما يروح به عن نفسه وقت الضيق، ومنها يكون به موعظة حسنه ومنها ما يكون به تحذير”.وتابعت التنيب ” وحيث ان لكل شعب من شعوب حاجة لنوع خاص من القصص تختلف من شعب إلى شعب وجدنا أنفسنا نطلق على تلك القصص قصص شعبيه قد تتشابه وقد تختلف في الأسلوب فهناك من أدخل فيها شي من الخيال وقصص الجن والسحر وذلك لتسهيل إيصال المعلومة للمستمع. ويبقى الهدف من تلك القصص قديما هو أن تجتمع الناس لسماع قصص الحكواتي أو قصص الجدة تلك القصص التي تروي لنا أمجاد أبطالنا وتاريخنا وقيمنا ومبادئنا.
نقل الحكمة والمعرفة
وبدورها قالت المعيلي ” تعكس الحكايات الشعبية الكويتية القيم والعادات والتقاليد التي عاشت بها الأجيال السابقة، وتلعب دورا مهما في نقل المعرفة والحكمة عبر الزمن، حيث تسهم في تعزيز الهوية الثقافية للعشب الكويتي، ووسيلة فعالة لنقل الأحداث والتاريخ والأحداث المهمة، كما تلعب الحكايات دورا في تعليم القيم الأخلاقية مثل الكرم، والشجاعة، والتسامح”. وذكرت المعيلي أنه على مر السنين حافظت الحكايات الشعبية الكويتية على مكانتها في المجتمع حيث تعمل كوسيلة لتقوية الروابط الاجتماعية بين الأفراد، وغالبا ما تروى هذه الحكايات في التجمعات العائلية أو المجتمعية مما يخلق بيئة من التفاعل والتواصل. وأثناء الندوة قرأت المعيلي قصة ” النوخذة والديك” من كتابها ” حزاوي كويتية”. وعلى هامش الفعالية قال المنسق الثقافي العام د. إبراهيم سلام بأن الحكايات الشعبية تتميز بتنوعها وغناها، لافتا بأن الحكايات الشعبية تعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي في مختلف المجتمعات، حيث تعكس القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد التي يتبناها الناس.
ومن جانبة أشاد المنسق العام دكتور إبراهيم سلام بعمق الحوار والأصالة في المادة المقدمة من المحاورين في الندوة مما لاقت استحسان من الحضور وتفاعل من خلال طرح الأسئلة حول مفهوم الحكايات الشعبية وما تقدمة من محتوى أدبي وفكري مشترك بين العالم العربي .