السفير خالد عبدالرحمن : مستقبل واعد للعلاقات الصينية المصرية وشنغهاي مدينة ساحرة
ملحمة وفاء في وداع شاو بين بعد انتهاء فترة عمله بالقاهرة وتولى قيادة جديدة للمركز الثقافي الصيني
كتب: محمد حربي
اعتاد صالون المركز الثقافي الصيني بالقاهرة” الصين في عيون المصريين، الذي يديره مؤسسه الدكتور الصاوي الصاوي أحمد- أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب في جامعة بنها، أن يستضيف العديد من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية، للحديث عن العلاقات المصرية- الصينية؛ إلا أن ندوة ” شنغهاي مدينة الثقافة والفنون والاستثمار والدبلوماسية”؛ والتي تحدث فيها السفير خالد عبدالرحمن- القنصل العام الأسبق لمصر في شنغهاي، كانت مختلفة عما سبقها من فعاليات. حيث كانت ندوة استثنائية، تجسدت فيها كل معاني الوفاء؛ لأنها شهدت ملحمة وداع شاو بين المدير التنفيذي للمركز الثقافي الصينى بالقاهرة؛ الذي انتهت فترة عمله في مصر، ووقف على المنصة؛ ليلقي كلمة الوداع؛ وقد تحجرت الكلمات في حلقه، وترقرت عيناه بدموع الرحيل؛ فتفاعلت مشاعر كافة الحضور، وتعانقت الأرواح، على أمل اللقاء من جديد؛ ولاسيما أن كل من يشرب من نيل مصر، فإنه يوما ما سوف يعود له من جديد.
وفي بداية كلمته، التي حضرها المستشار الإعلامي للمركز الثقافي الصيني- عبدالرحمن إسماعيل؛ فقد وجه شاو بين، الشكر للسفير خالد عبدالرحمن، على قبوله للدعوة؛ من أجل الحديث عن مدينة شنغهاي، موضحاً أن هذا العام، يشهد مرور عشر سنوات على الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، وأنه في خلال السنوات الأخيرة؛ قد حقق البلدان، نتائج مثمرة في تعزيز التعاون، وبناء الحزام والطريق. وأن العلاقات زادت عمقاً، خلال قمة ” بريكس”؛ التي انعقدت خلال شهر أكتوبر الماضي.
وأكد شاو بين، أن الرئيسين الصيني والمصري، رسما ملامح العلاقات الثنائية، وتعزيز الجوانب الثقافية بين الشعبين. كما أكد الرئيس السيسي، على أن الصين صديق مخلص لمصر، وأفريقيا. موضحاً أنه منذ تأسيس المركز الثقافي الصيني بالقاهرة، وعلى مدار أكثر من عشرين عاماً، كان هناك حرصاً على تعزيز العلاقات الودية بين الشعبين المصري والصيني، من خلال التنظيم والمشاركة في التبادل الثقافي في مختلف المجالات بمصر، وقد وجدت كافة المشاركات، والأنشطة والمعارض الفنية والندوات، وغيرها من الفعاليات الصينية، مثل مهرجان الربيع الصيني، وعيد منتصف الخريف، وفعاليات الشاي، وأسبوع الأفلام الصينية ترحيباً كبيراً من جانب المصريين. لافتاً إلى أنه في خلال هذا العام؛ فقد تم عقد عشر ندوات، ضمن سلسلة ندوات عن قصة الصين، بشكل أسهم كثيراً في فهم المصريين للصين، من زوايا مختلفة.
وقال شاو بين: إن مدينة شنغهاي، هي من أكبر مدن الصين، وأكثرها انفتاحاً على العالم؛ والتي تقع في شرق الصين، عند مسار نهر اليانغسي؛ وقد منحها موقعها الجغرافي المتميز حيوية اقتصادية كبيرة؛ حيث تحتل شنغهاي مرتبة كبيرة بين مدن الصين من حيث نسبة الإنتاج المحلي، وتصنف ضمن أفضل عشرة مراكز مالية عالمية، كما أنها عاصمة دبلوماسية؛ حيث يوجد بها أكثر من 70 قنصلية لدول مختلفة، بالإضافة إلى أنها مدينة ثقافية؛ حيث تتنوع فيها الآثار التاريخية، والفنون الحديثة، والأطعمة والمأكولات المتنوعة، والفنون الثقافية؛ مما يجعلها مدينة متفردة من حيث التاريخ والحداثة، وتتميز بثقافة متسامحة.
موضحا، بأنه من ثمار التعاون الثقافي بين شنغهاي ومصر، معرض الآثار المصرية” حضارة مصر القديمة، المقام حاليا في مدينة شنغهاي؛ والذي يعد أكبر معرض من نوعه على مستوى آسيا، والعالم. وقد وجه الشكر للشعب المصري، على حسن الضيافة، كما تمنى التوفيق للإدارة الجديدة للمركز الثقافي الصيني، التي سوف تتولى المهمة.
من جانبه، وجه السفير خالد عبدالرحمن، الشكر للمركز الثقافي الصيني، والمسؤولين عنه، لإتاحتهم الفرصة له، والدكتور الصاوي، الذي أتاح له الفرصة؛ حيث وصف مدينة شنغهاي الساحرة، بأنها العاصمة الاقتصادية للصين؛ وخاصة أن الصين تحتل المرتبة الثانية من حيث الاقتصاد العالمي.
وقد توقف السفير خالد عبدالرحمن أمام مسيرة الإصلاح في الصين؛ التي تعد نموذجا لدول العالم الثالث، وغيره؛ موضحاً أن المسألة بدأت منذ عام 1977 ووصفها بالحكمة الصينية، من خلال ارسال مجموعات دراسية متنوعة إلى مختلف دول العالم، لدراسة اسرار التقدم الاقتصادي، الذي حققته هذه الدول، وخاصة في أوروبا، وأمريكا اللاتينية وآسيا. مشيراً إلى أنه في عام 1978، قام وفد من 13 مسؤول صيني، بزيارة مئات من المصانع والشركات، على مستوى دول مثل: فرنسا، المانيا، وانجلترا؛ وكان الهدف الرئيسي، الاعتراف بأن الصين دولة متخلفة، وأن السياسات المتبعة غير صالحة للتقدم الاقتصادي؛ ولذا بدأت بإقامة منطقة حرة للتصدير، في مقاطعة “قوانغو”، المقابلة لهونج كونج، وجذب رجال الأعمال من هونج كونج. وأنه في هذه المنطقة تمت اقامات صناعات معينة بغرض التصدير.
وقال السفير خالد عبدالرحمن: إن الصين، استفادت من التجربة اليابانية القديمة بعيداً عن أي ابعاد سياسية. كما تحدث عن رجال الإصلاح الاقتصادي في الصين. وأنه خلال جولة الوفد الصيني، رأى كيفية توظيف التكنولوجيا في الموانئ؛ حتى أصبحت شنغهاي أكبر ميناء في نقل الحاويات ذات الحجم الكبير. لافتاً إلى أنه من أهم الدروس المستفادة؛ التي ينبغي أن تتعلمها الدول الأخرى، هي تحرير العقلية الاقتصادي. مشدداً على أن مؤتمر الحزب الشيوعي في 21 ديسمبر عام 1978، هو الذي دشن لسياسات الصين المعروفة بالإصلاح والانفتاح. كما نوه إلى أن شنغهاي تعد قاطرة التنمية الاقتصادية بجانب مدن أخرى في الصين.
وأوضح السفير خالد عبدالرحمن، أن نمو الاقتصاد الصيني أصبح مهدداً للصناعات الألمانية، مشيراً إلى أن مبادرة الحزام والطريق، أحد المحاور الرئيسية في السياسة الخارجية الصينية، وخاصة منذ تولى الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتركيز على التبادلات الثقافية. وأنه منذ عام 2000 قدمت الصين 240 مليار إلى أكثر من 22 دولة نامية. وكما تتجاوز تجارة الصين مع الدول الأفريقية، ما يتجاوز حجم 200 مليار دولار سنوياً، كما أنها أكبر شريك تجاري للقارة. وكذلك فقد لعبت الصين دوراً كبيراً في العلاقات الدولية.
وأشار السفير خالد عبدالرحمن، إلى ان شنغهاي، تأسست كقرية صغيرة في القرن الثالث الميلادي، ومعنى اسمها، أنها مدينة على البحر. وأصبحت مركزاً تجارياً هاماً بعد حرب الافيون من 1939 حتى 1942. وأصبحت مركزاً مالياً عالمياً من عقد الثمانينيات في القرن الماضي. ومن أهم معالم شنغهاي ممشى تاريخي ومبان معمارية، تؤول إلى حقبة الاستعمار، وعبق التاريخ. وبها حديقة صينية تقليدية تعود للقرن السادس عشر. كما يوجد هناك، ومنذ فبراير حتى أغسطس 2025 معرض الاثار المصرية في متحف شنغهاي، والاقبال الصيني، وانبهارهم بالتراث المصري. كما أن شنغهاي بها اهم مراكز التسوق في الصين والعالم، وسماته المتميزة، كوجهة سياحية للزائرين.
وأضاف السفير خالد عبدالرحمن، أن أهم مظاهر شنغهاي الميناء أنشئ 1942 كما تمت توسعة الشبكات اللوجستية وهو الأكثر ازدحاما 150 ميناء، و1800 ميناء فرعي، كأهم مورد للعالم. موضحا بأنه خلال عام أزمة كورونا فإن حركة ميناء شنغهاي الذي يقع على مساحة 3500 كلم، على أطول أنهار آسيا، لم تتوقف. وشهد الميناء حركة كبيرة، حقق معدل 22ونصف مليون حاوية خلال أزمة كورونا. مشيراً إلى أن ميناء شنغهاي، هو من أكبر 7 مواني في العالم بالصين.
لافتاً إلى أن التعاون المصري الصيني، في مجالات عديدة، التجارة، السياحة، التكنولوجيا والابتكار، وتبادل البرامج العلمية. وأنه مؤخرا قام وفد من الملاحق الدبلوماسية بالخارجية المصرية لزيارة للصين لمدة شهر. وأن المكتب التجاري بالسفارة يسهل
السياحة الصينية لمصر، الصين حددت مقاصد سياحية استراليا ومصر، وكثيرا من المكاتب السياحية المصرية فروع في شنغهاي، مع زيادة الوفود السياحية لمصر في شهر فبراير. كما يوجد خط طيران مباشر بين القاهرة ومدينة شنغهاي؛ التي تتفوق على العديد من المدن الأمريكية؛ قد قام بزيارة الصين10 مرات، وزارها الرئيس السيسي 8 مرات على مدار عشر سنوات. وأنه في عام 2014 تم اطلاق الشراكة الاستراتيجية المصرية الصينية.
وقد أعرب السفير خالد عبدالرحمن، عن تفاؤله بأن المستقبل سوف يكون أفضل للعلاقات المصرية- الصينية، لافتاً إلى أن سيادة الصين برزت في العديد من المجالات، ومنها مجال الرياضة؛ حيث حصد اللاعبين الصينيين على العديد من الميداليات خلال أولمبياد الصين في عام 2008