هويدا عطا تؤرخ حياة و بطولات محمد المصري.. صائد الدبابات
كتب فتحي حسين
في وثيقة رائدة بعنوان قصه بطل في حب الوطن، تلك الوثيقة التي احتوت على أسرار نادرة جمعتها المؤلفة ،حيث أرخت لمرحلة مهمة من تاريخ مصرنا العزيزة الغالية لكي يتعرف أبناء مصر على مر العصور القادمة على أبطال المحروسة وعلى بطولات شعب وجيش مصر.
تثبت المؤلفة هويدا عطا – بهذا الكتاب النادر- عمق انتمائها إلى تراب هذا الوطن .. مصر التي تستحق عن جدارة لقب ” أم الدنيا” حيث كانت أول دولة تشرق عليها شمس الحضارة ، منذ عصور الفراعنة العظماء الذين تعاملوا مع أرض مصرنا الحبيبة بوصفها أرضًا مقدسة ، لا يمكن أن يدنسها الغزاة من أي جنس ، ومن هنا تجلت بطولاتهم للدفاع عنها منذ مينا موحد القطرين، وأحمس قاهر الهكسوس ورمسيس الذي أمن حدودها الشرقية ، وهي الدولة التي حمت العالم العربي والإسلامي بل والأوربي من خطر التتار الذين أسقطوا ” بغداد ” عاصمة الخلافة ، لكنهم انكسروا أمام الجيش المصري بقيادة ” قطز” في موقعة ” عين جالوت ” ، كما صدت أطماع الصليبيين واستعادت القدس على يد صلاح الدين في موقعة ” حطين ” تكتب هويدا عطا وفي ذاكرتها كل هذا التاريخ المجيد ، فتتوقف أمام نموذج مبهر تجلت عظمته في ملحمة السادس من أكتوبر التي استمرت ثمانية عشر يومًا أظهرت معدن الجندي المصري الصلب الذي واجه آلة الكيان الصهيوني العسكرية ، الذي أشاع – كذبًا – أنه جيش لايقهر وقد أوضحت كاتبتنا أن كل الظروف قد هيأت البطل محمد المصري – الفلاح الأصيل ابن محافظة الشرقية – لكي يكون أحد أبرز أبطال هذه الملحمة فقد عرف طعم اليتم منذ صغره وأصبح مسئولًا عن إخوته الستة الذين يصغرونه فكان بمثابة الأب لهم ، فجمع بين العاطفة والقوة والقدرة على تحمل الصعاب منذ الصغر ولأننا أمام شاعرة وروائية فقد اتسم أسلوبها بالشاعرية الواضحة، والقدرة على وصف أعماق الشخصية وملامحها الخارجية ، كما تدرجت في تقديم شخصية ” المصري ” منذ بدايات تعرفها عليه ، وسرد ذكرياته عن حرب أكتوبر ، وشهادات أهله عنه بعد وفاته خاصة الزوجة الوفية والابن والابنة ، ثم انتقلت إلى إثبات شهادات اسرته وصديقه وزملائه الذين أشادوا جميعًا ببطولاته النادرة حيث كان يصيد الدبابات كما يصيد الذباب وكان يصيبها في العمق حتى اشتهرت جملة قائده ” مسطرة يا مصري ” تعبيرًا عن دقة إصابته لدبابات العدو وبعد شهادة الزملاء سردت الكاتبة هويدا عطا شهادات القادة ، والتقارير العالمية التي أثبتت شجاعته ، وهي في كل هذا لم تكن متلقية سلبية بل كانت تحرص – دائمًا- على اختيار زاوية الرؤية وتحديد المكان ووصفه واختيار الزمان وتوظيف تقنيات الحوار ورسم المشهد الكلي وهي مستفيدة في كل ذلك من موهبتها الروائية وقدرتها على السرد.
والكتاب يحوي – حقًا – معلومات نادرة كنا نجهلها عن هذا البطل المصري العظيم ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي سيظل مرشدًا للأجيال القادمة وهاديًا لهم في عمق الانتماء لتراب هذا الوطن ، وتتأكد القيمة العظمى لبطولات أكتوبر حين يتذكر ” المصري ” – وهو اسم على مسمى- نكسة 67 الذي حقق فيها العدو – في غفلة من الزمن – نصرًا لا يستحقه لأنه لم يخض حربًا حقيقية بل خاطفة حين قام بضرب طائراتنا في قواعدها ، وهذه عادته دائمًا كما أن هذا العدو هو شتات ينتمي إلى جنسيات وأقطار مختلفة احتلت أرض فلسطين لتحقيق أغراض استعمارية ، على العكس من هوية المصريين الوطنية المتجذرة على مدار التاريخ ، وهذا ما ترصده الكاتبة على لسان محمد المصري حين يؤكد أن الوطنية سلوك وعمل بإخلاص وتفان دون انتظار المقابل، هذا التمسك بالوطنية يدعمه ويغذيه صدق الإيمان بالله والثقة الدائمة في نصره . ولا أشك – أبدًا- في أن هذا الكتاب يعد تكريمًا كبيرًا لهذا البطل العظيم لا يقل أهمية عن تكريم الرئيس الراحل محمد أنور السادات له واستضافته في بيته لمدة شهر كامل
تقول المؤلفة:كنت اثناء استكشاف حياته ،كمن يقلب فى سلة مليئة بالاحجار الكريمة بالوانها الزاهية المختلفة ،باهظة الثمن ،فلا اعرف اياهم اغلي من الاخرى.
فياليت بطلنا المصري ان يكون نموذجا يتكرر بكل بيت وعائلة وقرية ومدينة وعاصمة ،،ان يكون ضوءا يترقرق علي صفحات وجه النيل العظيم فنرتوى بالوطنية حتى النخاع.