د.فتحي حسين يكتب: رمضان والمرأة الموظفة.. تحديات وانتصارات

في زمن يطل علينا فيه شهر رمضان بنفحاته الروحانية، نجد المرأة الموظفة تتحمل عبء مزدوجًا يفوق الوصف، إذ تجمع بين ضوء العمل اليومي ودفء البيت وروح العائلة. في هذا الشهر الذي يتجلى فيه الإحساس بالتضحية والعطاء، تصبح المرأة العاملة رمزا للصبر والإصرار، فهي لا تنحني أمام ضغوط الزمن بل تقف صامدة، تدير جدولها بين مواعيد العمل والمسؤوليات المنزلية، وبين لقاءات الإفطار وتوزيع الأدوار مع الزوج والأولاد.
لقد أصبحت الحياة المعاصرة مسرحًا لتحديات متعددة، خاصةً للمرأة التي تحمل على عاتقها مسؤوليات لا تعد ولا تحصى؛ إذ تمتد ساعات عملها إلى ما بعد انتهاء دوامها الرسمي لتبدأ رحلة جديدة في رعاية الأسرة. وفي رمضان، تتكثف هذه التحديات مع دخول عبق التقاليد والقيم الروحية في أجواء البيت، فتتخذ من تنظيم مائدة الإفطار وتوزيع الأعمال المنزلية ولحظات التلاحم العائلي ساحةً من ساحة النضال اليومي.
المرأة الموظفة اليوم ليست مجرد عاملة في مكتب أو مؤسسة، بل هي العمود الفقري الذي يستند عليه صرح العائلة. إنها التي تُنسّق بين الاجتماعات والمهام الرسمية وبين تحضير السحور والإفطار، وبين متابعة تعليم ورعاية الأطفال، وبين دعم شريك الحياة. هذا التنسيق ليس أمرًا سهلاً، بل يتطلب قدرًا هائلًا من التخطيط والذكاء العاطفي والمرونة التي تتجاوز حدود الوصف.
وفي خضم هذه المعركة اليومية، تظهر روح رمضان لتضفي على كل مهمة بريقًا من الأمل والتفاؤل؛ فهي فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، لاستحضار القيم النبيلة التي تجعل من كل تحدي فرصة للنمو والتطور. ومع كل دقيقة تُقضى بين مواعيد العمل والأنشطة المنزلية، تُثبت المرأة الموظفة أن العطاء لا يعرف حدودًا وأن الانضباط والالتزام هما سر النجاح والتوازن في الحياة.
وأبرز مثال من واقع الحياة نموذج قابلته وهي جيرمن امين غالي أمينة المرأة بحزب الشعب الجمهوري بروض الفرج التي تعد شعلة نشاط في تقديم دورها الحزبي والخدمي مع الناس من ناحية ووظيفتها كمدير تعليمي بوزارة التعليم ودورها في المنزل.إنه لشرف وإلهام أن نرى هذه المرأة التي تقف شامخة بين جدران بيتها ومكاتب عملها، مستندة إلى إيمان راسخ بأن التحديات مهما عظمت، فإنها تفتح آفاقًا جديدة للحياة، وتبني جسورًا من الأمل والتفاهم في مجتمع يحتاج إلى مثل هذه الروح المرنة والملهمة. وهكذا، يصبح رمضان مشهدًا فريدًا يروي قصة انتصار المرأة على كل ما تعترض طريقها، قصة تُكتب بحروف من نور على صفحات الزمن.
في النهاية، يبقى تقديرنا وتقدير مجتمعنا لهذه المرأة التي تُوازن بين عالمي العمل والمنزل، وتُضفي على كل يوم من أيام رمضان لمسةً من التفاني والإبداع، رسالةً تبعث في نفوسنا أن الجمال الحقيقي يكمن في القدرة على مواجهة التحديات بابتسامة وإيمان.