د.فتحي حسين يكتب: أين تذهب أموال اعلانات رمضان؟!

في كل عام، مع قدوم شهر رمضان المبارك، تتحول شاشات التلفزيون إلى ساحة مفتوحة للمنافسة الشرسة على أموال الإعلانات. الملايين، بل المليارات، تتدفق في صورة إعلانات تستقطب النجوم، وتحتكر الدقائق الذهبية في البرامج والمسلسلات، وكأن الشهر الفضيل قد صار موسم الحصاد لكبار المعلنين.
الإعلانات وحدها قصة تستحق التأمل، فهي ليست مجرد إعلانات، بل استعراضات ضخمة، تستعين بنجوم الصف الأول في الغناء والتمثيل، مثل تامر حسني ومحمد رمضان وغيرهما. فالدقيقة الإعلانية في البرامج الأكثر مشاهدة تصل إلى أرقام فلكية، والمسلسلات تُحاط بإعلانات لا حصر لها، حتى أن الفواصل الإعلانية تكاد تنافس مدة المسلسل نفسه!
السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه: إذا كانت تكلفة الإنتاج للمسلسلات والبرامج مرتفعة، فإن العوائد الإعلانية تتجاوزها بأضعاف. فإلى أين تذهب هذه الفوائض الهائلة؟
كما أن شركات الاتصالات الأربع تضخ ميزانيات ضخمة في حملاتها الإعلانية، وتجدها حاضرة بقوة في كل الفواصل. أما برامج المسابقات، مثل “رامز إيلون مصر” أو “مدفع رمضان”، فتفتح الباب على مصراعيه لاتصالات المشاهدين، التي تتراكم عوائدها بمليارات الجنيهات، فضلاً عن الرعاة الذين يتسابقون لحجز أماكنهم في هذه البرامج.
ورغم كل هذا، فإن السؤال يبقى بلا إجابة واضحة: لماذا لا نرى أثر هذه الأموال في تحسين جودة الإنتاج؟ لماذا لا تتحول هذه المليارات إلى دعم حقيقي لصناعة الدراما، بدلاً من أن تتحول إلى جيوب محددة، تبقى هي المستفيدة الوحيدة من “موسم الحصاد” الرمضاني؟!
في النهاية، ربما يكون شهر رمضان موسماً للعبادة، لكنه في الإعلام والتسويق أصبح موسماً لحصد الأموال، حيث تذهب مليارات الجنيهات إلى حيث لا نعلم، ويبقى المشاهد هو الضحية، يستهلك إعلانات أكثر من المحتوى، ثم يُطلب منه أن يصفق لهذا العبث!