جابر المري: ندعو البرلمانات الأوربية والأمريكية لوقف نزيف الدم الفلسطيني وإنقاذ غزة
قضايا حقوق الإنسان في البلدان العربية شهدت قفزات إيجابية.. والعضوية في لجنة الميثاق العربية لحقوق الإنسان تعزز من مكانة التقارير الحقوقية الدولية

حوار: محمد حربي
دعا المستشار جابر بن صالح المري- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان السابق، والمستشار القانوني في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في دولة قطر، البرلمان العربي، لحث البرلمانات الأوروبية والأمريكية، لممارسة ضغوطاً على أنظمتها السياسية؛ لوقف نزيف الدم الفلسطيني، ومنع تنفيذ مخطط إبادة غزة. موضحاً أن دولة قطر، لها سمعة طيبة دولياً، في مجال حقوق؛ حيث حققت المعايير العالمية، في التعليم، والصحة، وغيرهما. مشيراً إلى أنه قدم العديد من الإنجازات خلال رئاسته للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، تحت مظلة جامعة الدول العربية، وأهمها نجاح مساعيه بين الدول، وإقناعها بقبول فكرة، تعديل المسمى من اللجنة العربية لحقوق الإنسان، إلى لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والتي يكون فيها العضو ممثلاً لنفسه لا دولته؛ وذلك تجنباً للخلط بينها، وبين اللجنة العربية الدائمة لحقوق الأنسان؛ والتي تضم كافة الدول الأعضاء بالجامعة العربية، والأعضاء في هذه اللجنة، يمثلون دولهم. هذه بعض الأفكار التي جاء في حوار خاص لبوابة ” العمال المصرية” الالكترونية، وفيما يلي التفاصيل:
*بادئ ذي بدء، دعنا نبدأ حديثنا مع سعادتكم، بالسؤال عن دور لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان؟
– لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، تضطلع بمهام جليلة، وأبرزها تشجيع الدول الأعضاء باللجنة، وهي ثمانية عشر دولة، على تقديم تقاريرها حول قضايا حقوق الإنسان، ومن ثم مناقشة هذه التقارير الرسمية الصادرة عن كل دولة، على حدة، وإبداء الملاحظات، بشأن أي سلبيات أو قصور؛ لتعيد الدول النظر فيها، وأخذها بعين الاعتبار، فيعطيها القوة؛ خاصة وأن أكثر الدول مطالبة، بتقديم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان ” U P R ” في جنيف.
*تحدثتم عن ثمانية عشر دولة، في عضوية لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان.. فماذا عن باقي الدول العربية الأخرى؟، وما هو موقفها من التقارير؟
-ليست كل الدول العربية، ضمن عضوية لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان؛ فمازالت هناك أربع، هي: المغرب، تونس، والصومال، وجيبوتي، لم تنضم للجنة الميثاق، حتى الآن؛ وبالتالي، فمثل هذه الدول، هي غير مطالبة، بتقديم تقاريرها، إلى لجنة الميثاق.
*كيف تصدر توصيات وملاحظات لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، بالنسبة لتقارير الدول الأعضاء باللجنة؟
-يصدر التقرير لكل دولة من الدول الأعضاء، بشكل منفصل عن الآخرين؛ حيث أن الملاحظات، تكون رداً على ما يتضمنه كل تقرير، على حدة.
*ما هو الفرق بين الدولة العضو وغير العضو بلجنة الميثاق؟
-اتفقنا على أن الدولة غير العضو بلجنة الميثاق، غير ملزمة بتقديم تقريرها عن حقوق الإنسان لديها، إلى اللجنة؛ بينما الدول التي صادقت على الميثاق، وانضمت إلى عضوية اللجنة، فهي ملزمة بتقديم تقريرها في خلال عام، من التصديق على الميثاق. وأما عن شكل الاستفادة، فإن لجنة الميثاق، باعتبارها الآلية العربية الوحيدة، تحت مظلة جامعة الدول العربية؛ فإن انضمام الدولة لهذه اللجنة، يعزز من مكانة تقاريرها الدولية في مجال حقوق الإنسان؛ ولذا فإن الدول لديها حرص شديد، وتتسابق على الانضمام للجنة الميثاق، من أجل تعزيز موقفها أمام دول العالم.
*كيف يتم اختيار الأعضاء لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان؟
-تبدأ من ترشيح كل دولة من الدول الأعضاء الثمانية عشر، المنضمة للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، بمرشح واحد فقط، ثم تجري الانتخابات، لاختيار سبعة أعضاء فقط لإدارة اللجنة. وأنه بمجرد ما يتم انتخاب هؤلاء الأعضاء السبعة في لجنة الميثاق؛ فهم يصبحون ممثلين لأنفسهم، ولا يمثلون دولهم، ويجب التركيز على هذه الجزئية، بشكل جيد، لأنها؛ قد تثير اللبس عند البعض أحياناً، ممن يخلطون بين لجنة الميثاق؛ التي يمثل فيها العضو نفسه فقط، وبين اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان؛ والتي فيها يمثل الأعضاء دولهم.
* دعنا نتوقف أمام فترة رئاستكم للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، لدورتين متتاليتين، من أبريل 2021، حتى أبريل 2025؛ هل بالإمكان أن تقدم للقارئ العربي كشف حساب؟
-منذ تولينا رئاسة اللجنة، ووضعنا أهداف محددة لإنجازها، ومنها تغيير مسمى اللجنة، من اللجنة العربية لحقوق الإنسان، إلى لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان؛ وقد تحقق هذا، بفضل الجهود المبذولة، وعلى المستوى الشخصي، من خلال التنقل بين الدول أعضاء اللجنة، لإقناعهم بأهمية التعديل؛ حتى لا يحدث خلط مع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان. ووقد وجدت تجاوباً كبيراً من الدول الأعضاء، التي صادقت على تعديل المسمى. أضف إلى هذا، نجاحنا في ضم دولتين للجنة الميثاق، وهما: سلطنة عمان، وجزر القمر. وكذلك تمت مناقشة تقرير أحد عشر دولة، عن حقوق الانسان، خلال الفترة من عام 2021 حتى عام 2025، وهو العدد الأكبر في تاريخ لجنة الميثاق.. وأيضاً، قمنا بأكثر من 27 زيارة للدول، والسفراء، والمندوبات، وتقديم ورقة عن آلية عمل اللجنة، وسيرها، وتوصياتها، وتوجهها. كما أن اللجنة شاركت في أكثر من 35 فعالية، سواء كانت في القاهرة، أو الدول العربية؛ مع إصدار أكثر من ثماني بيانات، والأغلبية خاصة بأوضاع الفلسطينيين في قطاع غزة.
*على ذكركم قطاع غزة، وفي ضوء ما يشهده من أوضاع لا إنسانية، تتناقض مع مواثيق حقوق الانسان العالمي.. فما هي تحركات اللجنة في الدفاع عن حقوق الفلسطيني وغزة؟
-ما من اجتماع تعقده اللجنة، أو تشارك فيه؛ إلا وتكون هناك ورقة العمل، تطلب من الدول العربية، ضرورة توحيد الصف، والمطالبة بشكل واضح وصريح وعلني، تدخل الدول من أجل وقف أعمال الإبادة، التي يتعرض لها الأشقاء الفلسطينيين في غزة، من منظور حقوق الانسان.
*هل اجريتم أي اتصالات مع نظراء لكم في مجال حقوق الانسان على الصعيد العالمي، لدعم غزة؟
-نعم، كما طرحنا ذلك في ورقة، خلال مشاركة لنا في إحدى الفعاليات الحقوقية، بالولايات المتحدة الأمريكية؛ والتي طالبنا فيها، بضرورة أن يكون فيه حل سريع وعاجل، من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني في غزة.
*في ضوء خبراتكم الحقوقية، ما هي الآليات الدولية التي بالإمكان البناء عليها في ملاحقة كل من ينتهك حقوق الفلسطيني؟
-نحن دائماً نطالب من البرلمان العربي، ان يكون له دور كبير في هذا المجال؛ خاصة وأن كافة الدول العربية أعضاء في البرلمان العربي؛ وقد دأبنا على ذلك، حتى منذ عهد عادل العسومي، وحتى فترة محمد اليماحي الراهنة؛ بأن يكون هناك ضغط من البرلمان العربي، على البرلمانات الأوروبية والأمريكية؛ بحيث تمارس هذه البرلمانات ضغوطا على حكوماتها؛ من أجل التحرك لوقف الانتهاكات التي تحدث ضد الفلسطينيين في غزة.
*ما هي الجدوى من تواصل البرلمان العربي، مع البرلمانات الأوروبية الغربية، فيما يتعلق بدعم الأشقاء في غزة؟
-بلا شك، فإن الاجتماعات بالمتواصلة، وبشكل دائم، بين البرلمان العربي، وباقي البرلمانات الأوروبية، وكذا الحضور بمجلس حقوق الانسان؛ يمكن أن يصب في مصلحة دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة.
*إلى أي مدى يمكن أن تكون البرلمانات الدولية، أحد الحلول السحرية في الدفاع عن الحق الفلسطيني؟
-دعنا نذكر حقيقة مهمة، وهي أنه ما من دولة؛ إلا وبها برلمان، سواء نشأ بقرار، أو منتخب من الجماهير؛ فالمهم، هو الدور القوي للبرلمانيين؛ فهم يحملون أمانة الشعوب، وبالتالي فإن دور البرلماني، ينبغي أن يكون واضحاً، وصريحاً، في مواجهة الظلم، والإبادة
*كيف تقيمون أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي؟
-بكل أمانة، هناك تقدماً ملحوظاً، وهناك حرص من جانب الدول العربية، على الانضمام للجنة الميثاق العربي؛ وبالتالي، نستطيع القول، ومن وجهة نظرنا الخاصة، أن قضايا حقوق الإنسان في الدول العربي؛ قد شهدت قفزات إيجابية، نحو الافضل، وبكل أمانة.
*لنفترض أنه طُلب منكم، كتابة روشتة لمسار حقوق الإنسان في العالم العربي؛ فما هي أبرز مقترحاتكم، لتعزيز حقوق الإنسان العربي؟
-أتمنى من الدول، التي تمت مناقشة تقريرها، أن تأخذ بعين الاعتبار، توصيات لجنة الميثاق، التي وضعها خبراء في مجال حقوق الإنسان، والعمل على حلها؛ حيث أن هذه التوصيات، هادفة، وتضع النقاط على الحروب دون أي توجهات.
*إلى أي مدى كانت سرعة تجاوب الدول التي تتم مناقشة تقريرها، في القيام بالتعديلات المطلوبة منها؟
-بكل أمانة، رأينا تجاوباً، ورغبة حقيقية من هذه الدول؛ لدرجة أن بعضها قام بمعالجة لبعض التشريعات المحلية، حتى يتم مؤامتها مع لجنة الميثاق العربي؛ ولذا نستطيع القول: إنه خلال السنوات الأربع، التي قضيتها في اللجنة، هناك تقدماً ملحوظاً، ونتمنى يستمر.
*تحدثتم عن قيام أحد عشر دولة، بتقديم تقاريرها.. فهل كان هناك اختلاف في مستوى قضايا حقوق الانسان من دولة لأخرى؟
-بالتأكيد، وهذا شيء طبيعي، أن توجد هناك تباينات واختلافات بين الدول، فيما يتعلق بمستوى قضايا حقوق الإنسان، فمثلاً، هناك دول غير قادرة مالياً؛ ومن ثم يكون لديها بعض الصعوبات في العلاج والصحة والتعليم؛ مع أنها تبذل محاولات؛ ولكنها غير قادرة. في حين هناك بعض الدول التي لديها إمكانيات مادية، تسمح لها ببناء مراكز صحية، ومدارس، ونظم تعليمية جيدة. وعليه، فمن المهم الأخذ بعين الاعتبار، تلك الفروق المادية، وتأثيرها.
*هل نحن بحاجة لإعادة تأطير حقوق الإنسان، خاصة وأن البعض قد يختزلها في مجرد أفكار حرية الرأي؟
– في لجنة الميثاق، نحن نولي اهتماماً للحق في الصحة، والتعليم، والعمل، والسكن، والتنقل، بجانب حرية الرأي؛ خاصة وأنه مع ظهور وسائل الاعلام الحديثة، أصبحت الدول تخشى الاعلام؛ إذ أن ما يحدث في دولة ما، يتم تداوله في كل العالم؛ ومن هنا تحرص الدول، على الظهور بصورة طيبة.
*كيف يمكن التعامل مع قضايا حقوق الإنسان في عصر القنوات المفتوحة؟
-تثقيف الشعوب، هو طلب أساسي، ودائما كنا نحث الدول عليه. وعلى كل دولة أن تزرع الثقافة في شعبها، ولا يوجد ما يمنع أن تكون هناك ورش عمل؛ ولو مرة أو مرتين في العام؛ خاصة وأنه ما فيه دولة عربية إلا وفيها مؤسسة أو هيئة أو لجنة حقوق، تهتم بتوعية الناس بحقوقهم؛ وتلك الهيئة أو اللجنة، سواء كانت تابعة للدولة، أو للمجتمع المدني، فهي من المفترض أن تقوم بعمل ورش، بالتعاون مع وزارة التربية، والتعليم، ورجال القضاء.
*هل هناك علاقة بين تثقيف الشعوب، وتحقيق الاستقرار في أي مجتمع من المجتمعات؟
-بالتأكيد هناك علاقة قوية بينهما؛ حيث انه من الأهمية أن يكون الشخص المثقف، لديه وعي بما له من حقوق الانسان، وما عليه من الواجبات.
*إلى أي مدى تعتقدون، وجود اجندات خاصة لدعاة حقوق الانسان في الغرب؟
-أنا لا استبعد ذلك، لأننا وللأسف، نسمع ” دون التأكد”، ان هناك بعض المنظمات لديها اجندات خاصة
*هل لجنة الميثاق منزهة عن كل عيب؟
-عندما نتحدث عن لجنة الميثاق، فهي من أنزه وأفضل اللجان. وقد ترأستها من عام 2021 حتى عام 2025؛ حيث كنت قبلها ومنذ عام 2015عضواً فيها، إذ توليت فيها منصب نائب رئيس اللجنة، ثم انقطعت عنها لمدة عامين؛ لعدم ترشيح دولتي لي؛ إلى أن جاءت لحظة ترشيح بلدي لي، وتوليت منصب الرئيس. وأرى أنها لجنة شفافة، وواضحة، واعضائها، يقومون بعملهم على أكمل وجه، باعتبارهم يمثلون أنفسهم، ولا يمثلون دولهم؛ كما انه لم يخرج أحد الأعضاء عن سياق لجنة الميثاق، كأن يتكلم في أمر سياسية، أو حزبية، وغيرها.
*كيف تقيم جهود دولة قطر في مجال حقوق الانسان؟
– بصفتي، كمستشار قانوني في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان القطرية، وعملت معهم لأكثر من ثمانية عشر عاماً، ومازلت معهم؛ فإنه يمكنني القول: بإن دولة قطر من الدول، التي لها سمعة طيبة في مجال حقوق الانسان، وهذا تشهد به كثيراً من الدول، بالنسبة لاحترامها لحقوق الانسان؛ حيث أنها قد وفرت التعليم، والعمل، الصحة، وكل ما يتطلب حقوق الانسان؛ وخير دليل على ذلك كأس العالم، حيث أن كل الدول التي حضرت وشاهدت كأس العالم، سواء من الرياضيين، أو الإعلاميين، أو مسؤولين، اشادوا بدور قطر، نظامياً، وأمنياً، بالإضافة إلى جهود دولة قطر في توفير حقوق الانسان من صحة وتعليم.
*أخيراً، دعنا نتوقف عن لحظة تكريمكم، ومنحكم درع جامعة الدول العربية، بمناسبة انتهاء ولايتكم في لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان.. ماذا يمثل ذلك لكم؟
– لقد كانت لحظة تاريخية؛ وقد سعدت كثيراً، بكلمات الثناء من السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، وشهادتها بأن قيادتي للجنة كانت رشيدة، وأسهمت في تجاوز التحديات وتحقيق إنجازات ملموسة. كما وصفت فترة رئاستي للجنة، بأنها كانت علامة فارقة في مسيرة العمل الحقوقي العربي المشترك؛ لأنها شهدت جهودًا دؤوبة ومساعي حثيثة بذلتها بكل إخلاص وتفان للارتقاء بعمل اللجنة وتعزيز دورها المحوري في حماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية.
كما رأت السفيرة الدكتور هيفاء أبوغزالة، في شهادتها على فترة رئاستي للجنة، بأنها أسهمت في تجاوز التحديات وتحقيق إنجازات ملموسة على صعيد تفعيل بنود الميثاق وتعزيز الوعي بأهمية حقوق الإنسان، مع تثمين سياسة الانفتاح والتعاون البناء، التي اتبعتها مع كافة الأطراف المعنية، والحرص الدائم على تحقيق التوافق وخدمة أهداف اللجنة النبيلة؛ معتبرة أن إرث القيم سيظل شاهداً على التزامنا الراسخ بقضايا حقوق الإنسان، وأنه سيبقى نبراساً يضيء طريق من سيخلفني في هذه المسؤولية الجليلة.