مطالب بإصلاحات جوهرية لضمان العدالة والمساواة وبيئة عمل آمنة

كتبت : ميادة فايق
نظّمت “مؤسسة المرأة الجديدة” مائدة حوار موسعة تحت عنوان “رؤية نسوية لقانون العمل الجديد”، جمعت نخبة من الخبراء القانونيين، والنشطاء العماليين، والباحثين، والمحامين، والنقابيين، لمناقشة الثغرات والتحديات التي لا يزال القانون الجديد يغفل عنها، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء والعدالة الجندرية.
افتتحت الحوار مي صالح، مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بالمؤسسة، بعرض لأبرز ما جاء في قانون العمل رقم 14 لسنة 2025، مؤكدة على أهمية استمرار الحوار المجتمعي قبل صدور اللوائح التنفيذية للقانون لسدّ ما فات المشرّع من ثغرات، وعلى رأسها غياب رؤية تراعي أبعاد النوع الاجتماعي.
ورغم بعض المكاسب الشكلية التي حققها القانون مثل حظر التمييز في الأجور، وإلغاء مدة الاشتغال السابقة للحصول على بعض الحقوق، والحصول على يوم إجازة أبوة، إلا أن المشاركين أجمعوا على أن هذه الإيجابيات لا تخفي حجم القصور الهيكلي والتشريعي في القانون الجديد.
وانتقد د. رأفت حسين، أستاذ القانون، صدور القانون دون ديباجة توضح فلسفته، مشيرًا إلى أنه أخلّ بتوازن علاقة العمل لصالح أصحاب الأعمال، وتجاهل ضمانات الحد الأدنى للأجور، كما أن تعريف “الأجر” جاء منقوصًا مقارنة بقانون 12 لسنة 2003.
من جانبها، شددت المحامية زينب خير، رئيسة الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، على أن القانون تجاهل تمثيل النساء في المجالس المختلفة، ولم ينص على إجازات لرعاية ما بعد الإجهاض، وهو ما يؤثر سلبًا على الحقوق التأمينية للنساء، مؤكدة على أهمية تمكين النقابات لدعم العضوات قانونيًا ومعرفيًا.
في السياق ذاته، رأت انتصار السعيد، مدير مؤسسة القاهرة للتنمية، أن القانون لا يتبنى عدالة جندرية حقيقية، مشيرة إلى غياب الاعتراف بالعمالة المنزلية والاقتصاد غير الرسمي، وعدم وجود نصوص تلزم بوضع سياسات مكتوبة ضد العنف والتحرش.
كما أكدت أميمة عماد، الباحثة في برنامج النساء والعمل، أن القانون يستمر في تنميط أدوار النساء من خلال تخصيص إجازات الرعاية والحضانات لهن فقط، دون مشاركة فعلية للرجال، كما تجاهل مشكلات السلامة المهنية في قطاع الزراعة رغم إلغاء الاستثناء القانوني للنساء فيه.
كما وصف المحامي طاهر أبو النصر القانون بأنه “أفرغ من مضمونه”، موضحًا أن محكمة العمال الجزئية التي كانت تُعد ضمانة قانونية لحقوق العمال تم تقليص دورها، ولم يعد تعويض العامل عن الفصل التعسفي أمرًا مضمونًا.
ومن جانبه أشار أحمد الصعيدي، محامٍ، إلى أن القانون لا يزال يستخدم صيغة المذكر، مطالبًا بإعداد مسودات لمدونات السلوك الوظيفي، تمهيدًا لحوار مجتمعي يدمج قضايا النساء في بيئة العمل.
وقالت الصحفية أسماء فتحي، مؤسسة مبادرة “مؤنث سالم”: “ليس لدي أي ذرة تفاؤل”، مؤكدة أن القانون لا يعترف بثقافة بيئة عمل آمنة للنساء، ولا يعالج الفجوات التطبيقية والتعليمية.
ودعت مروة حمدي، أمين عام نقابة المصرية للاتصالات، إلى ضرورة تطوير بيئة العمل لتكون صديقة للنساء والأطفال، مؤكدة أن حق الحماية من العنف والتحرش يجب أن يكون مكفولًا للجميع دون تمييز.
وفي ختام الفعالية، أكدت مي صالح أن مواصلة النقاش هو تحرك إيجابي في حد ذاته، معلنة تشكيل مجموعة عمل مشتركة لصياغة محددات واضحة للقرارات الوزارية المكملة للقانون، تتضمن:
- ضمانات الأمان الوظيفي
- تطبيق الحد الأدنى للأجور والعلاوة الدورية
- سياسات تشغيل عادلة تراعي النوع الاجتماعي
- السلامة والصحة المهنية، خاصة للنساء في الزراعة
- التصديق على الاتفاقيات الدولية (189، 190)
- تفعيل دور مفتشي العمل
- إصدار وثيقة مبادئ ومحددات للمطالبة بها رسميًا
ويأتي هذا اللقاء استكمالًا لمائدة حوار سابقة عقدتها المؤسسة العام الماضي بعنوان “ماذا نريد من قانون العمل الجديد؟”، في إطار دورها الريادي في دعم الحوار المجتمعي حول رؤية نسوية لقانون عادل وشامل.