آراء

ولاء حسين تكتب: فقدنا الأستاذ وصاحب الفضل حارس بيت الصحافة العمالية أستاذ احمد حرك

مهما سطرنا من حروف فلن تفي الكلمات بحجم مشاعر الحب التي تغمر قلوبنا نحن تلامذة وأبناء بيت الصحافة العمالية،ونحن نودع أستاذ وأب ظل لسنوات طويلة حارس على هذا البيت .

البيت الذي تعلمنا بداخله كيف نبحث عن حقوق أصحاب الأيادي الخشنة ونكون صوتا لحقوقهم ومكتسباتهم .

البيت الذي كانت أبوابه مفتوحة على مصرعيه لكل من لديه شغف الكتابة ..البيت الذي مهما فرقتنا السنين والدروب سيظل هو الأصل والنسب والمدرسة التي ننتمي اليها.

فقدنا نحن أبناء الصحافة العمالية رمزا من رموز هذا الكيان ..فقدنا “الحاج احمد حرك” الذي لم يترك قلبا لواحد منا إلا وانتزع فيه مكانا بموقف أو بمواقف كثيرة ،فيها كثير من الإنسانية والمحبة وروح المساعدة والمؤازرة والدعم ..فقدنا جنديا حقيقيا من جنود الحركة النقابية والعمالية ظل لسنوات الحارس الأصيل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..فقدنا الروح الحلوة والقلب المرهف العامر بحب الناس والتفاؤل والأمل.

وفي هذه السطور لا أستطيع فقط أن أنعى استاذى القائد العمالى الكبير أحمد حرك ،أول رئيس تحرير لجريدة العمال العريقة وعضو مجلس إدارة اتحاد نقابات عمال مصر وأمين عمال حزب العمل الاشتراكى والامين العام السابق للمجلس الاعلى للصحافة..بل انعي بكل أسى وحزن أيضا ” احمد حرك” الانسان ،هذا الرجل الذي عرفناه وفيا لأم أولاده سنوات طويلة بعد موتها ,عرفناه يجلس في مكتبه يتابع عمله ثم يهب فجأة لمتابعة حال الابناء وأحوالهم لحظة بلحظة ،الأرمل الذي علمنا أن مشاعر الحب لا تموت بموت الأشخاص ..الأب الذي علمنا أن الأسرة هي كيان المجتمع الحقيقي..كم كنت أفرح عندما يناديني بأسم ابنته “منى” ..فكن جميعا في جريدة العمال من صحفيات عنده “منى” .

أتذكر وكأنها البارحة يوم تركت محاضراتي بالجامعة مهرولة إلى شارع رمسيس ،أتعلق في أيدي عمتي التي أصطحبتني الى مقر جريدة العمال للتدريب , وسلمتني يومها يدا بيد إلى المعلم الأول الذي ملكني أبجديات الصحافة ووضعني على بداية الطريق ,بل وأبي وصاحب الفضل علي بعد المولى عز وجل الاستاذ “علي عثمان” ، اتذكر يوم أخذني بابا “علي عثمان” كما أحب أن أناديه الى مكتب الحاج احمد حرك رحمه الله ليعرفه بالتحاقي كمتدربة بالجريدة وكم استغربت يومها لماذا يناديه الجميع بالحاج وهو رئيس التحرير ولكن علمت لماذا يومها بعد ان لمست بنفسي كالجميع بساطته وجود كرمه..و اتذكر جيدا هذه الفرحة التي وجدتها في عيونه مرحبا بي ومشجعا لي بأن أشق طريقي مما بدد كل مخاوفي وانا في بداية الطريق، ومن يومها لم أطرق باب مكتب الحاج احمد حرك الذي جدرانه الأمامية من زجاج تجعله مراقبا لكل مايدور خارجه ، إلا ووجدته مهما كان مكتبه مكتظا بالزوار ما أن يراني من خلف زجاج مكتبه اقترب الا وترتسم على وجهه ابتسامته العامرة بالترحيب والتشجيع .

ولسنوات لم أتخلف عن مأدبة الافطار الرمضاني الذي اعتاد ان يجمعنا فيها الحاج أحمد حرك بمقر اتحاد العمال حتى بعد استقالتي من جريدة العمال من اجل تحقيق حلم العمل كصحفية في مؤسسة “روزاليوسف “، فكان يجمع السعاه والعمال ويجلسهم أولا ثم الموظفين والصحفيين والأصحاب والكتاب ، وكم كنت أسعد بمساعدته في توزيع المشروبات والحلوى حيث كان يصر على ان يجلس الجميع للإفطار ويقوم هو بخدمتهم بكل تواضع ومحبة.

وفِي هذه اللحظة التي لا أحسبها لحظة رثاء ،إنما هي لحظة عرفان بالجميل واستبشار بالخير إن شاء الله لرجل عرفناه وفيا بعد حياة طويلة قضاها فى خدمة الصحافة والحركة العمالية..أسأل الله الغفور الرحيم أن يغفر له ويرحمه ويسكنه الفردوس الاعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب وأن يلهم أهله وذويه وأصدقائه وتلاميذه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

زر الذهاب إلى الأعلى