فوقيه ياسين تكتب.. مبارك وأنا ومعهد شبرا الخيمة الأزهري

رغم الهيبة التي شعرت بها عند انتقالي من الصف الثاني الإعدادي من مدارس التربية والتعليم إلى معهد فتيات شبرا الخيمة الأزهري لأتلقى فيه العلوم الدينية والدنيوية، إلا أنني لم أكن أتوقع انتقالي سريعا من مرحلة اللامبالاه، والغناء في الحفلات المدرسية إلى الجد ومجموعة الخطابة والإذاعة المدرسية ودعاء القسم الأزهري الذي عشقته منذ سماعي له من الطالبات.

تلك الهيبة أكاد أجزم أنني هيأت نفسي لها قبل انتقالي للأزهر، من خلال تعليمات والدي بأن للأزهر هيبة عظيمة، فعليكي التحلي بالجدية في التعامل مع زملائك وأساتذتك.
وذات يوم وأنا مستجدة بالمعهد طلب منا شيخ المعهد أن نغادر الفصول ونصطف في الطابور تمهيدا للخروج لميدان “المؤسسة” وعندما تساءلت عن السبب، قالوا أن الرئيس حسني مبارك سيمر من المؤسسة عند ذهابه لقريته بمحافظة المنوفية، وأن معهد شبرا الخيمة بنين وبنات سيخرج جميع طلابه ليكونوا في استقباله عند مروره.وكأي طفلة في سني فرحت كثيرا وأخذت أرتب حقيبتي المدرسية وانظر إلى جلبابي وحجابي لأطمئن بأن مظهري على مايرام.

وخرجنا جميعا بنين وبنات في صفوف طويلة جدا، أولها حدود معهد شبرا الخيمة وآخرها آخر حدود المؤسسة “شبرا الخيمة”، ووقفنا كثيرا في انتظار رئيس الجمهورية الذي سيمر ويسلم علينا، وبتفكير الصغار اعتقدت أنه سينزل من السياره ويسلم علينا يدا بيد، لكن هيهات، وصل رئيس الجمهورية وألقى التحية من سيارته مشيرا إلينا بيديه بتحيته المعروفة وهو متبسما معجبا بمظهر أبناء الأزهر الذين وقفوا طيلة الوقت ليلقي عليهم التحية.

وعندما كبرت وجاءت 25 يناير طالبته كمثلي بالعدالة الاجتماعية ولم أطالبه بالرحيل، ولم أقم بالإساءة إليه، وكتبت في أعقاب تنحيه عن الحكم عبر صفحتي الشخصية أنني سامحته، وتذكرت طفولتي وسعادتي به عندما ألقى التحية إلي وزملائي من طلاب معهد شبرا الخيمة الأزهري، وتذكرت أن أساتذتي بالمعهد كانوا دائما يؤكدون على حب مبارك للأزهر، وحب الأزاهرة له

تعلمنا في الأزهر معنى التسامح والعفو،تعلمنا أن نصفح عن المسيئ إلينا وأن نشكر من قدم إلينا معروفا،تعلمنا أن نذكر محاسن موتانا.فقد امتدح الله عز وجل العافِين عن الناس فقال في صفات أهل الجنةِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134].

وقال الله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة من الآية:237]. وقال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور من الآية:22]فاللهم ارحم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وجميع موتانا،وأصلح أحوالنا واختم بالصالحات أعمالنا.
حفظ الله مصر رئيسا وجيشا وشعبا.

زر الذهاب إلى الأعلى