طارق الصاوى يكتب : التوعية وتصويب السلوكيات لمواجهة أزمة المياه

نتحدث كثيرا وتحوم حول كلماتنا مشاعر الخوف والقلق كلما تناولنا سيرة الماء وأزمة سد النهضة الأثيوبي وما ستحدثه إجراءات ملئ هذا السد من تأثير مباشر على القدر الذى يصل الينا من ماء النيل بما يؤثر علي حياة المصريين الذين يعيشون فقرا مائيا قبل الشروع فى بناء هذا السد ، حيث يبلغ متوسط نصيب الفرد فيها الآن 600 متر مكعب سنوياً ، بينما يحدد النصيب الطبيعى للفرد بـ1000 .

ومع ذلك فإن أنماط تعامل المصريين مع الماء لا تعبر عن وعى تام واستعداد جيد لمواجهة الأزمة القادمة ، وقد جاء تقرير صادر من “مركز بحوث المياه”  محذرا من مجاعة مائية تحل بمصر عام 2025م ، وأشار إلى أن 60% من الأراضي الزراعية لن يتوفر لها ماء الرى . ومع تجاوز عدد السكان ال 100 مليون نسمة ، يرى الباحثون أن مصر ستحتاج إلى 17 مليار متر مكعب إضافى من المياه بحلول عام 2025م . وكل ذلك قبل أن تشرع أثيوبيا فى بناء سدها .

فمن الضرورة القصوى ان نبدأ من الآن حملات ثقافية توازيها حملات إعلامية تخدم القضية وتهيئ المجتمع لمواجهة الأزمة و الإستعداد لها وتجنب آثارها السلبية ، فلابد أن تتناغم الأعمال الدرامية والبرامج الحوارية  والحملات الإعلامية والإعلانية لإيجاد ثقافة جديدة فى التعامل مع الماء
وتدشين حملات للتوعية لتغيير العادات الاستهلاكيّة الّتي يمارسها الفرد و الترشيد و الاستخدام الأمثل للمياه الصّالحة للشّرب والحفاظ عليها ، و الإبتعاد عن الإسراف الّذي نهى عنه الله تعالى . حيث قال فى سورة الأعراف (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا. إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وقال فى سورة الإسراء (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) . وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ( مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ( . رواه أحمد وابن ماجة .

ويجب توعية المزارعين بالطّرق الأكثر حفاظا على المياه استخدام الريّ في الصّباح الباكر أو في المساء ، و توعية الأفراد لترشيد المياه فى استخدامات البيت مثل استعمال الدشّ أثناء الاستحمام بدلاً من ملئ حوض الإستحمام ” البانيو ” ، وإغلاق الصّنبور وفتحه فقط عند الحاجه للمياه ، و عدم فتح صنبور المياه لمدّة طويلة أثناء الحلاقة وتنظيف الأسنان ، ويفضّل تركيب موفّر للمياه ، فحص خزّان المرحاض بصفة دورية حتّى لا يكون هناك تسريب يسبّب هدر المياه ، وينصح بعدم سحب مقبض المرحاض كاملاً إلّا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، و إجراء فحصٍ دوريّ لحنفيّات المنزل ، والعمل على إصلاح التالف منها .

ومن وجهة نظرى أرى أن هذا التوجه لمواجهة أزمة الماء القادمة والتى تنذر بخطر مباشر على حياة المصريين ومستقبلهم يجب أن يكون هو المشروع القومى الأكبر والأعظم والأهم فى حياة المصريين حكومة وشعبا والذى يجب أن تدشن من أجله الحملات ويجتمع من أجله ملاك الثروات وأهل الدثور ورجال الأعمال والمصريون فى الخارج  وأن يتكاتف الجميع من أجل الوصول الى الهدف الأسمى فى حياة الوطن وهو المحافظة على عصب الحياة وتوفير الماء الذى يحفظ على المصريين حياتهم ونهضتهم ومستقبلهم .

ومن المعلوم أن مثل هذا التوجه الوطنى العام يحتاج إلى تكاليف باهظة لا تقدر عليها الدولة والحكومة وحدها وهنا يبرز الدور المنتظر لمنظمات المجتمع المدنى فى المشاركة بالنسبة الأكبر فى كل المحاور سواء التوعية للترشيد او الحملات الإعلانية والإعلامية وإنشاء الصناديق ومجموعات رجال الأعمال المشاركين فى المشروعات المطلوبة وتوجيه الجهود الشعبية والتنظيمية والحزبية إلى الوصول الى الهدف القومى وهو الحفاظ على المصريين وتوفير الماء الذى يحتاجون إليه لحياتهم و تنميتها ..

– وللحديث بقية..

زر الذهاب إلى الأعلى