الطفولة والأمومة: تلقى بلاغات من آباء لحماية بناتهم من الختان

 
كتبت :ميادة فايق

أكدت الدكتورة عزة العشماوي الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة انه خلال متابعتنا للبلاغات الواردة على خط نجدة الطفل 16000 اتضح أنه ولأول مرة يقوم الآباء والأخوة الذكور أنفسهم بالاتصال بخط نجدة الطفل للتعرف على أضرار عادة ختان الإناث، وهو مايعكس أهمية الدور الفعال للحملات في إحداث وعي حقيقي لدى المواطنين، وجاءت بعض البلاغات على خط نجدة الطفل من فتيات يبلغن أن صديقاتهن سيتعرضن لهذه الممارسة الضارة.

وجاء ذلك خلال ندوة نظمها النشاط الثقافي بدار الأوبرا المصرية مساء أمس الأربعاء بعنوان “احميها من الختان”، و بحضور الفنانات القديرات سميحة أيوب وسميرة عبد العزيز ومديحة حمدي، وتحدثن عن حاجتنا كمجتمع لقوة الفن الناعمة لنشر الوعي وثقافة الجمال والأخلاق بين المواطنين.

ويأتي ذلك في إطار الحملة التي أطلقتها اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في ١٣ يونيو الماضي تزامنا مع اليوم الوطني للقضاء على تلك الظاهرة السلبية والتي تتزامن مع ذكرى مقتل الفتاة بدور في عام ٢٠٠٧ أثناء عملية ختان تعرضت لها.

وأكدت عزة العشماوي، أنه في إطار الجهود المبذولة من اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث التي تم تشكيلها برئاسة المجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء المعنيين، أطلقت اللجنة حملة “شهر بدور” والتي بدأت من يوم 13 يونيو وتستمر إلى 14 يوليو 2019 في جميع محافظات الجمهورية، وكذلك تم عقد المؤتمر الإقليمي للقضاء على زواج الأطفال وختان الإناث بمشاركة 30 دولة أفريقية، تحت رعاية السيد الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، رئيس الجمهورية، مما يؤكد أن هناك إرادة ودعم من القيادة السياسية للقضاء على ختان الإناث في مصر.

وأشارت إلى أن الطفلة المصرية لها حقوق كفلتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية متمثلة في الدستور المصري وقانون الطفل رقم (126 لسنة 2008)، وقانون العقوبات الذي غلظ عقوبة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى “ختان الإناث” لتصبح جناية وليست جنحة، مشيرة إلى أن الممارسات الضارة التي تتعرض لها الطفلة مثل ختان الإناث وزواج الأطفال أو حرمانها من التعليم يدمر مستقبلها وتجعلها عليلة هي وأسرتها المستقبلية مما يؤثر سلبا على بناء المجتمعات، وأن عفة البنت من التربية وتنمية مهاراتها ودعم أفكارها وإتاحة الفرصة لها للتعبير عن آرائها.

وأوضحت عزة العشماوي، أن الدستور والقوانين المصرية كفلت كافة الحقوق للفتاة والمرأة وجرمت تلك العادة بل وشددت العقوبة فيها بتوصيفها جناية عقوبتها السجن لمدة تتراوح بين ٣-٧ سنوات، مضيفة أن احتفالنا بيوم 14 يونيو والذي واكب وفاة الطفلة بدور والتي قتلت جراء عملية ختان إناث على يد طبيبة بمركز مغاغة محافظة المنيا عام 2007، يجعلنا ندق ناقوس الخطر لنحمي فتياتنا من هذه العادات والممارسات الضارة التي يتعرضن لها، والتي تعتبر خرقا وانتهاك جسيم لحقوق الطفلة المصرية، مشيرة إلى أنه منذ انطلاق حملة “شهر بدور”،

ولفتت الأمين العام إلى أن تلك المكالمات التي استقبلها خط نجدة الطفل تضمنت بلاغات عن مراكز وأطباء يقومون بالختان، وتمت إحالتها جميعها للنيابة التي تولت التحقيق واتخاذ إجراءات غلق تلك المراكز والعيادات في حال ثبوت التهمة وإحالة المتهمين للمحاكمة. 

وأشادت عزة العشماوي بدور وسائل الإعلام، خاصة إذاعة القرآن الكريم في بث التنويهات الخاصة بالحملة، وكذلك القنوات التلفزيونية، وأهمية الدور الهام والفعال لوسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها من القوى الناعمة في دعم وتأييد ومناصرة القضايا المجتمعية الشائكة

وطالبت الفنانات بضرورة توجيه رسائل قوية للقضاء على عادة ختان الإناث من خلال الأعمال الفنية والحملات الإعلانية التوعوية التي يشاركون فيها، أسوة بحملة الفنانة القديرة كريمة مختار لمعالجة جفاف الأطفال والتي مازالت محفورة في أذهاننا حتى الآن وساهمت بشكل كبير في خفض نسب وفيات الأطفال. 

ومن جانبه أشار الدكتور نبيل أبادير، عضو المجلس القومي للمرأة، أن العادات التي تمارس في المجتمعات تصبح جزءا من حياتهم ويعتقد البعض أنه لا يمكن التخلي عنها، وهذا ما نواجهه الآن عند مواجهة ختان الإناث بالإضافة إلى أن نظرة المجتمع إلى المرأة باعتبارها الكائن الأضعف، ومن ثم تمارس عليها كافة أشكال العنف، كما أن البعض اتخذ المدخل الديني زريعة لإقناع المجتمع بضرورة إجراء ختان الإناث وهو ما نعاني منه أثناء حملات التوعية التي نقوم بها، موضحا أن الختان تدخل سافر في خليقة الله الجميلة، وأن القوانين فقط لا تعد رادعا لمثل هذه العادات، ولكنها تدعم وتساند الجهود المجتمعية في القضاء على هذه الممارسات. 

وأكد “أبادير، أن تغيير السلوك والثقافة يستلزم سنوات لا بد فيها من العمل من خلال التعليم والتربية واستعادة الدولة لدورها المؤسسي مشددا على أن أهمية القانون ليست في إصداره ولكن في تطبيقه لأنه جزء أساسي من إعادة صياغة مفاهيم المجتمع. وأضاف أن ختان الإناث عادة قديمة متوارثة لا علاقة لها بأي عقيدة دينية.. ولكن رجال الدين لم يعارضوها ولم يسعوا إلى رفضها خوفا من التغيير المجتمعي وإثارة التوتر فدعموا فكرة أن المرأة هي سبب الغواية وعليها أن تتحمل تبعات ذلك.

وقالت الكاتبة نشوى الحوفي، خلال إدارتها للندوة: إن المجتمع المصري يواجه اليوم ختان العقول قبل ختان الإناث، وأننا بحاجة إلى إعادة فتح الباب أمام التفكير بالمنطق والأدلة لتجديد الفكر والخطاب الديني والمجتمعي والتعامل مع المرأة والرجل كإنسان دون أي تمييز، مشيرة إلى أن المجتمع حمل الفتاة المسؤولية عن التحرش لسنوات طويلة بفكر خاطئ، ولذا نواجه اليوم ظاهرة ختان الإناث لمنح الفتاة إرادة إدارة قرارات حياتها بأمان.

زر الذهاب إلى الأعلى