الشيخ أشرف سعد يكتب: المنهج الأزهري بين النظرية والتطبيق… القرضاوي وعمر عبد الرحمن نموذجا

تردد كثيرا على الألسنة والأسماع مصطلح المنهج الأزهري ولا شك أن حركة البعث الأزهري التي قام بها مولانا الإمام العلامة شيخ الإسلام نور الدين على جمعة، كان لها أكبر الأثر في شيوع هذا المصطلح وتحديد ملامحه وتوضيح معانيه.

وقد كان يظن كثير من الأزهريين أن المنهج الأزهري هي مجموعة الكتب والمناهج الدراسية التي يدرسها الطالب في رحاب معاهد الأزهر وجامعته كاللغة والفقه والأصول والتفسير والحديث والمعقولات… إلخ، ثم لا يوجد على الأزهري حرج بعد ذلك أن يكون وهابيا أو إخوانيا أو تحربريا، فالمنهج الأزهري في نظرهم البليد الساذج، هو المنهج الدراسي وغايته الشهادة الرسمية التي تشهد أن هذا الإنسان يحمل هذا المنهج، وعلى ذلك فالإرهابي القاتل مفتي الإرهاب والدم عمر عبد الرحمن يحمل شهادة المنهج الأزهري والقرضاوي الذي ضرب بكل معاني العلم عرض الحائط يمثل الأزهر والمنهج الأزهري وكثير من أساتذة الأزهر الذين انتموا إلى جماعات الجهاد الإرهابية أو الجماعة الإسلامية الدموية أو جماعات الإخوان التي جمعت كل الشرور تحت عبائتها ازهريون يحملون المنهج الأزهري، وحبذا لو كان الأزهري بطلا مغوارا يفضح الحكام والمسؤولين على المنابر الموتوروة المشتعلة كالشيخ كشك واحمد المحلاوي وعبد الله بدر.

ولو أضيف إلى ذلك السب والشتم والقذف صار الشيخ هو شيخ الإسلام المجاهد عز الدين بن عبد السلام، وهذا المفهوم الذي يعني: البس العمامة واحصل على الشهادة واتخذ المواقف البطولية، هو مفهوم استولي على عقول كثير من السذج والسطحيين حتى صار من ضمن مسوغات العالم الصالح أن يصدح الناس بسب السلاطين والحكام تحت شعار كلمة حق عند سلطان جائر، حتي حيكت الأكاذيب والأساطير وصار الناس يصدقون كل ما يقال في الحاكم بدليل وبغير دليل حتى زرع هؤلاء الأفاقون العداوة والبغضاء بين الناس والحكام ونزعوا الثقة من عقول وقلوب الناس من حكامهم.

وأصبح الناس ينظرون إلى الحكام على أنهم شياطين لا يصيبون وجه الصواب ولا شيئا منه أبدا بل هم على الباطل أبدا مهما فعلوا حتى لو هذا الفعل بناء مسجد أو مستشفى أو مساعدة فقراء…. إلخ.

وكل هذا السخف نتيجة غياب معنى مصطلح المنهج الأزهري ومعالمه والمنهج الأزهري ببساطة مبنى على ثلاثة أركان رئيسة سنية العقيدة (الأشعرية والماتريدية)، فالشيعي والمجسم والوهابي ليسوا على المنهج الأزهري، ولو حملوا شهادته ودرسوا في معاهده وحفطوا مناهجه، والركن الثاني مذهبية الفقه، اي أتباع مذهب معتمد من المذاهب الأربعة المعروفة، فاتباع ما يسمى بفقه الدليل وفقه السنة وما إلى ذلك، وكل من لا يعترف بالمذاهب الأربعة في تلقي الفقه لا يعد ازهريا،مهما بلغ شأنه.

لكن أمر الفتوى أوسع من منهج دراسة الفقه الفتوى مجالها أوسع وارحب وعلى ذلك فالإخوان الازهريون لا يعترفون بالمذاهب بل لهم كتاب مشهور باسم فقه السنة يهدم الفكر المذهبي من الأساس ويروج لما يطلق عليه فقه الدليل، وما هو إلا خرافة لا أساس لها .

والركن الثالث تصوف السلوك والأخلاق، فأتباع المنهج الأزهري طلابا وشيوخا صوفيو المنهج والسلوك والطريقة، لا يذمون التصوف ولا ينسبون الصوفية إلى البدعة والخرافة والشرك كما يفعل الإخوان والوهابية والشيعة، وهذا المنهج بأركانه الثلاثة مجتمعة هو منهج متغلغل بل روح سارية في جميع كتب ومناهج ومصنفات أهل السنة والجماعة.

فالمنهج الأزهري ليس مصطلحا مائعا خال من قيود الإدخال والاحتراز بل هو منهج شديد التحديد والوضوح والشفافية من التزم به وطبقه فهو الأزهري حقا ومن خانه كعمر عبد الرحمن والقرضاوي وأضرابهما وأشباههما فهم خصماء الأزهر والمنهج الأزهري ولو بلغت عمامته عنان السماء أو حصل ما حصل من الشهادات والألقاب أو حاز ما حاز من المناصب والوظائف والأزهريون الصادقون المخلصون ليسو طلاب دنيا ولا جاه لكنهم عون للوطن ودرع له عون للحاكم وناصح أمين له فيما فيه مصلحة البلاد والعباد ومن هديهم كسائر منهج أهل السنة والجماعة الدعاء للحكام وعدم إثارة الفتن الخبيثة وارتداء ثوب البطولات الوهمية المزيفة التي روج لها الإخوان في ثوب العز بن عبد السلام، وابن تيمية، وأنتم تعلمون هذه الأمور التي تنزع من سياقها التاريخي والزمني ثم تروج وتوظف في غير سياقها ولا وقتها كم دمرت أمة الإسلام وزرعت العداوة والبغضاء بين الناس وحكامهم وأصبح كل عالم مخلص لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ناصح لأمته مطيع لولاة أمره يعمل على تجنيب الأمة الإسلامية ويلات الفتن والشقاق موصوم بأنه عالم سلطان يعمل لأجل الدنيا حتى وإن لم يحصل على أي مال ولا منصب ولا شكر اللهم إلا خدمته لوطنه ودينه وشعبه ولا زلت أرجو من الله تعالى أن يزيل الغبش والتعتيم والجهل والغباء والبلادة والتخلف والجمود الجاثمة على القلوب والعقول والأعين التي لا ترى للعالم وظيفة إلا مناكفة الحكام وبث الفتنة وإرسال سيول السب والشتم والقذف والكذب والافتراء باسم كلمة حق في وجه سلطان جائر.

الشيخ أشرف سعد الأزهري من علماء الأزهر الشريف

زر الذهاب إلى الأعلى