وسام الجمال يكتب : طبق الفول
كعادته كل صباح،كان الحاج صلاح المقاول يصنع طبقا من الفول المحبب إلى قلبه،والذى اشتهر بروعة مذاقه بين عائلته ،فهو يبدع فى صنعه بالزيت الحار أوالسمن البلدى والصلصة،ويتغنى بجمال هذا الطبق الشعبى العريق كلما اخترع طريقة جديدة بمطبخ فيلته ذات الطراز الفخم،والذى إن دل فإنه يدل على مهارة وعبقرية فنان مصرى أصيل.
كانت الفيلا تقع بأحد أحياء القاهرة الشهيرة،وكانت محاطة بأشجار عالية وأنواع من الزهور النادرة،وكلاب للحراسة.
كانت تعاوده من حين إلى آخر وهو أمام طبق الفول بعض ذكريات حياته التى تحولت من حال إلى حال ،فقد كان والده رجلا فقيرا ولديه ستة من الأبناء،منهم الإناث ومنهم الذكور،وكان ترتيبه الثالث،يساعد والده في كل الأمور الحياتية؛خاصه أنه أكبر الأبناءالذكور .
كان يذاكر ويتفوق فى دراسته بجانب عمله مع والده،فقد كان يسانده بكل ما أوتى من عزم وقوة لسد نفقات الأسرة الكبيرة العدد،ويساعد أخوته وينصحهم بضرورة إكمال تعليمهم.
وفي يوم من أيام الشتاء كان يقف علي – عربة الفول – التي تنتشر في أنحاء القاهرة يتناول وجبة الإفطار مع والده وأقرانه من عمال المقاولات،وإذا برجل كبير السن ينزل من سيارته الفارهة طالبا طبقا من الفول بالزيت الحار ،وطبقا من السلطة،ورغيفين من الخبز الطازج،ولم يأكل منهم شيئا،فاندهش الجميع وتبادلوا نظرات التعجب والحيرة،وقد لمح بائع الفول نظراتهم ففهم ما تعنيه،فمال على أحدهم قائلا:إنه مريض وممنوع من أكل الفول الذى يحبه بشدة،لذلك يأتى كل يوم طالبا نفس هذا الطلب ثم يتركه لعابر سبيل أو جائع،ومنذ تلك اللحظة تعلم الحج صلاح أن يحمد الله على كل نعم الله التى لا حصر لها،ومرت الايام وأصبح من أكبر المقاولين ،وتحول حاله وحال أسرته من الفقر الي الغنى والثراء ولم ينس يوما حق الفقير .