وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم يكتب: الداء المنصف وعقوبات الحاسد
“المؤمن إلف مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف”.
“ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭاﻟﺤﺴﺪ، ﻓﺈﻥ الحسد ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﺗﺄﻛﻞ اﻟﻨﺎﺭ اﻟﺤﻄﺐ”.
هذان قولان كريمان لنبيٍ كريم صلوات ربي وسلامه عليه ، نبيٌ جاء لغرس الألفة ولتثبيتها في القلوب ليعيش الناس على ظهر هذا الكوكب أخوة متآلفين متحابين وإن اختلفوا في الرؤى والأفكار والثقافة والمشارب ،
فالاختلاف بين البشر اقتضته حكمة رب البشر رحمة منه بهم ، ليكون سبباً في التعارف والاتحاد ، لا سبباً للتفرق والتضاد ، قال تعالى: “ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﻭﺃﻧﺜﻰ ﻭﺟﻌﻠﻨﺎﻛﻢ ﺷﻌﻮﺑﺎ ﻭﻗﺒﺎﺋﻞ ﻟﺘﻌﺎﺭﻓﻮا” (اﻟﺤﺠﺮاﺕ: 13). كما بين لنا ربنا سبحانه أن أهل رحمته هم الذين يفقهون ذلك ويعونه ، وأن أهل الشقاء هم الذين لا يزالون في اختلاف لا من أجل شيء إلا قصدهم الخلاف ، فقال جل جلاله: “ﻭﻟﻮ ﺷﺎء ﺭﺑﻚ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ﻭﻻ ﻳﺰاﻟﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ * ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺭﺑﻚ ولذلك خلقهم” ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ: (118 : 119).
ولقد تواترت النصوص المقدسة الحاثة على الألفة والمودة بين خلق الله أجمعين ، كما تواترت النصوص المحذرة لنا من أولاد الحرام الذين يسعون جهدهم للتفريق بين الأحبة وزرع الفتن بين ذوي الأرحام ، فكم من أرحام قُطّعت ، وأسر تشتت ، وأحباب تفرقوا ، ورفقاء تمزقوا ، بفعل سفلة لا يخافون الله ولا يرعون له حرمة.
وما دفعهم إلى ما هم عليه من خسة وجبن وسوء خلق إلا الحسد ، ولقد اقتضت حكمة العليم الخبير أن ينال الحاسد جزاءه بالعدل قبل أن يناله المحسود ، ﻗﺎﻝ ﺃﻋﺮاﺑﻲ: اﻟﺤﺴﺪ ﺩاء ﻣﻨﺼﻒ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺳﺪ ﺃﻛﺜﺮ مما يفعل ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺴﻮﺩ.
ولا غرو ولا عجب ، فإبليس حسد آدم ، فكانت نتيجة حسده حرمانه من الجنة ، وطرده من رحمة ربه ، ووجوب اللعنة عليه.
وفي الأثر: “ﻗﺎﺗﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺴﺪ ﻣﺎ ﺃﻋﺪﻟﻪ ﺑﺪﺃ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻘﺘﻠﻪ”.
وجاء في الحكم: ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﺎﺳﺪ ﺧﻤﺲ ﻋﻘﻮﺑﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺣﺴﺪﻩ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺤﺴﻮﺩ:
ﺃﻭلها: همٌ دائم ، وﻏﻢٌ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ.
ثانيها: ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻻ ﻳﺆﺟﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ثالثها: ﻣﺬﻣﺔ ﻻ ﻳﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
رابعها: ﺳﺨﻂ اﻟﺮﺏ.
خامسها: ﻳﻐﻠﻖ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﺏ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ.
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ: ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺏ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﻓﻘﺮﺑﻪ ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻧﺪﻳﻤﻪ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻭﺯﻳﺮ ﺣﺎﺳﺪ ﻓﻐﺎﺭ منه ﻭﺣﺴﺪﻩ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ: ﺇﻥ ﻟﻢ ﺃﺣﺘﻞ ﻋﻠﻰ قتل هذا ، ﺃﺧﺬ ﺑﻘﻠﺐ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺃﺑﻌﺪﻧﻲ ﻣﻨﻪ، ﻓﺼﺎﺭ ﻳﺘﻠﻄﻒ به ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻄﺒﺦ ﻟﻪ ﻃﻌﺎﻣﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﻮﻡ ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻛﻞ الرجل ﻣﻨﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: اﺣﺬﺭ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ، ﻓﻴﺸﻢ ﻣﻨﻚ ﺭاﺋﺤﺔ اﻟﺜﻮﻡ ، ﻓﻴﺘﺄﺫﻯ ﻣﻦ ﺭاﺋﺤﺘﻪ ، ﺛﻢ ﺫﻫﺐ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ، ﻓﺨﻼ ﺑﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻥ هذا الرجل ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻚ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﺑﺨﺮ ، ﻭﻫﻠﻜﺖ ﻣﻦ ﺭاﺋﺤﺔ ﻓﻤﻪ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺩﺧﻞ الرجل ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺟﻌﻞ ﻛﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻤﻪ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﺸﻢ ﻣﻨﻪ ﺭاﺋﺤﺔ اﻟﺜﻮﻡ، ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﺮ ﻓﻤﻪ ﺑﻜﻤﻪ ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ اﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﻋﻦ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ.
ﻓﻜﺘﺐ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻋﻤﺎﻟﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ: ﺇﺫا ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻚ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬا ﻓﺎﺿﺮﺏ ﺭﻗﺒﺔ ﺣﺎﻣﻠﻪ ، ﺛﻢ ﺩﻋﺎ الرجل ﻭﺩﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻜﺘﺎﺏ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: اﻣﺾ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻭاﺋﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﺠﻮاﺏ.
ﻓﺎﻣﺘﺜﻞ الرجل ، ﻭﺃﺧﺬ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺧﺮﺝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ﺇﺫ ﻟﻘﻴﻪ اﻟﻮﺯﻳﺮ ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻳﻦ ﺗﺮﻳﺪ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺗﻮﺟﻪ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﻓﻼﻥ ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ: ﺇﻥ ﻫﺬا ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻣﺎﻝ ﺟﺰﻳﻞ.
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺮﻳﺤﻚ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺐ اﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻘﻚ ﻓﻲ ﺳﻔﺮﻙ ، ﻭﻳﻌﻄﻴﻚ ﺃﻟﻔﻲ ﺩﻳﻨﺎﺭ ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻧﺖ اﻟﻜﺒﻴﺮ ، ﻭﺃﻧﺖ اﻟﺤﺎﻛﻢ ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺃﻱ ﺇﻓﻌﻞ. ﻗﺎﻝ: ﺃﻋﻄﻨﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻓﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﺃﻟﻔﻲ ﺩﻳﻨﺎﺭ ، ﻭﺳﺎﺭ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎﻥ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻗﺎﺻﺪﻩ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮﺃ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻣﺮ ﺑﻀﺮﺏ ﺭﻗﺒﺔ اﻟﻮﺯﻳﺮ.
وبعد ﺃﻳﺎﻡ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻣﺮ الرجل ، ﻭﺳﺄﻝ ﻋﻦ اﻟﻮﺯﻳﺮ ، ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺑﺄﻥ ﻟﻪ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ، ﻭﺃﻥ الرجل ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻘﻴﻢ ، ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﻣﺮ بإحضاره ، ﻓﺤﻀﺮ ، ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﻔﻘﺖ ﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻫﺎ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﻧﺖ ﻗﻠﺖ ﻋﻨﻲ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻧﻲ ﺃﺑﺨﺮ ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻌﺎﺫ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻜﺮا ﻣﻨﻪ ﻭﺣﺴﺪا ، ﻭﺃﻋﻠﻤﻪ ﻛﻴﻒ ﺩﺧﻞ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﻃﻌﻤﻪ اﻟﺜﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﻣﻌﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ: ﻗﺎﺗﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺴﺪ ﻣﺎ ﺃﻋﺪﻟﻪ ﺑﺪﺃ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻘﺘﻠﻪ. ﺛﻢ ﺧﻠﻊ عليه ﻭاﺗﺨﺬﻩ ﻭﺯﻳﺮا ﻭﺭاﺡ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﺑﺤﺴﺪﻩ.
وهذه عاقبة كل حاسد ، يخسر الدنيا ولا يستريح حتي يجمع معها خسارة الآخرة ، فنتيجة لعمله السيء يتبرأ الله منه ، ﻗﺎﻝ ﻭﻫﺐ ﺑﻦ ﻣﻨﺒﻪ: “ﺃﻭﺣﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ: ….ﻻ ﺗﺤﺴﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻲ ، ﻭﻻ ﺗﻨﻔﺲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻌﻤﺘﻲ ﻭﺭﺯﻗﻲ ، ﻓﺈﻥ الحاسد ﻋﺪﻭ ﻟﻨﻌﻤﺘﻲ ﺭاﺩ ﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ، ﺳﺎﺧﻂ ﻟﻘﺴﻤﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﻴﻦ ﻋﺒﺎﺩﻱ، ﻭﻣﻦ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻠﺴﺖ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨﻲ” (حلية الأولياء ج 10 ص 222).
ﻗﺎﻝ اﻟﻐﺰاﻟﻲ: الحاسد ﺟﻤﻊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻴﻦ ﻋﺬاﺑﻴﻦ لأنه معذب بحسده في اﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻭلم يقنع ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﺬاب اﻵﺧﺮﺓ ، ﻓﻘﺼﺪ ﻣﺤﺴﻮﺩﻩ ﻓﺄﺻﺎﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﻫﺪﻯ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ، ﻓﻬﻮ صديق عدوه ﻭﻋﺪﻭ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﺪﻩ ﺳﺒﺐ اﻧﺘﺸﺎﺭ ﻓﻀﻞ ﻣﺤﺴﻮﺩﻩ ، ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ:
ﻭﺇﺫا ﺃﺭاﺩ اﻟﻠﻪ ﻧﺸﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ * ﻃﻮﻳﺖ ﺃﺗﺎﺡ ﻟﻬﺎ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺴﻮﺩ
ﻟﻮﻻ اﺷﺘﻌﺎﻝ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎﻭﺭﺕ * ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻃﻴﺐ ﻧﺸﺮ اﻟﻌﻮﺩ. (انظر فيض القدير: ج 3 ص 125).
وأخيراً فرسالتي التي أريد أن تصل إليكم أن تحذروا الحسد والحاسدين ، فهم أقرب ما يكون إليكم ، لكنهم قوم مرضت نفوسهم فماتت أرواحهم وبقوا أجسادا بلا أرواح ، يغدون بدرهمين ويروحون بمثل ذلك يبيع الواحد منهم دينه بثمن العنز أو بأقل من ذلك ، أكلة فما دونها.
ﻗﻴﻞ لأحد الرجال: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﻳﺒﻐﻀﻚ ويحسدك ؟ ﻗﺎﻝ: ﻷﻧﻪ شقيقي ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺐ ، ﻭﺟﺎﺭﻱ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ ، ﻭﺷﺮﻳﻜﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ، ﻓﺬﻛﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺩﻭاﻋﻲ اﻟﺤﺴﺪ.
وسئل أحد الحكماء:
كم عمرك ؟ قال: لا أشتكي من علة.
فقيل: كم معك من المال؟ قال: ليس عليّ دين لأحد.
فقيل: ألك أعداء ؟ قال: لا أسكن بين أقاربي.
فالحذر الحذر ، وقانا الله وإياكم شر الحاسدين الحاقدين ، لكن كفانا قول الله تعالى: “ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله” (فاطر: 43) ، وقول تعالى: “وما يمكرون إلا بأنفسهم” (الأنعام: 123).
وختاما لا يصح إلا الصحيح ، ولا ينصر إلا الحق ، ولا يفوز إلا الصادق الصريح ، ولا يبوء بالخسران إلا أبناء الثعالب ، وبنات آوى.
هذا ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د . حسنى ابوحبيب