آراء

الدكتور فتحي حسين يكتب : كورونا المنقذ القاتل !

ربما لم يكن هناك موضوع يحظي باهمية كبيرة هذه الايام يفوق موضوع انتشار فيروس كورونا المستجد القاتل المنتشر في جميع انحاء العالم منذ ديسمبر الماضي حتي كتابة هذه السطور لاسيما وان هذا الفيروس قتل ما يقارب ال٣٥٠ الف فرد واصاب اكثر من خمسة ملايين ومائة مواطن حول العالم ولكن رغم ذلك قرر العالم أن يتعايش مع هذا الفيروس اللعين حتي يقضي الله امرا كان مفعولا ويتم اكتشاف مضاد لعلاج كورونا الذي يقتل الاحباب والاصدقاء والزملاء والاقارب ولا يراعي كبيرا ام صغيرا، غنيا ام فقيرا ، وزيرا ام خفيرا .

ولكن علي كل حال فان موضوع المقال المطروحة وهو ما يتعلق بقضية هامة دائما ما شغلت المجتمعات والرأي العام لسنوات طويلة وهي ظاهرة “الدروس الخصوصيه” التي تأكل الاخضر واليابس من جيوب أولياء الامور ورغم تحذيرات وزارة التعليم والتعليم العالي ولكن دون جدوي ورغم الصرخات والاستغاثات من اولياء الامور بسبب الارتفاعات المستمرة في اثمان الحصص والمحاضرات الخاصة التي تدمر العملية التعليمية وتضربها في مقتل برأيي الا أن اصحاب الدروس الخصوصيه يزدادون توحشا وتفاخر وكبرياء دون مبررر وقد فشلت الوزارات المتتابعة منذ عقود طويلة في القضاء علي هذا الوباء التعليمي المنتشر كانتشار النار في الهشيم في جسد العملية التعليمية اى مدرسية وفي الجامعة!

بالتأكيد الدروس الخصوصية هي انعكاس لتدهور العملية التعليمية برمتها ،لاسيما أن كثافة الفصول وغياب المعلم الكفء مع ضعف مرتبات المعلمين ادي للاتجاه نحو الدروس الخصوصية بقوة كنوع من تعويض قلة الرواتب ،وربما يكون في هذه النقطة يحتاج الي تدخل قوي لتصحيح هذا الوضع المهين للمعلم في بلادنا وهو المفترض أن ينشيء جيل يتولي القيادة في البلاد ويكون مسؤل عن مصير دولة وفي كل مجالاتها !

ومن ناحية اخري ما يزيد الامر سوءا هو أن ظاهرة الدروس الخصوصية خلقت فجوة بين من يقدر ومن لا يقدر علي الدفع .! حتي اصبحت امرا من امور المباهاة بين الناس مما يخلق احساسا بعدم العدالة الاجتماعية لدي من لا يقدر علي الدفع من الفقراء ومتوسطي الحال!

وجاءت كورونا وفعلت ما لم تفعله الوزارات والحكومات علي مدار سنوات طويلة وانهت عصر الدروس الخصوصية بشكل كلي ولم يعد التعليم سوي الكتروني اي أن الطالب اصبح هو المعلم ويتم التعليم عن بعد والانترنت ولا يحتاج الطالب او التلميذ لدروس خصوصية لتنمية مهاراته لان المدرس لا يمكنه أن يجتمع مع عدد من الطلاب في مكان مغلق لدقائق وليس لساعات !

وهذا العمل الذي فعلته كورونا كان علي المستوي العالمي واتجهت دول العالم نحو التعليم الالكتروني والاعلام ساعد الطلاب في توفير مصادر بديلة للتعلم ينهل منها الطالب كما يشاء !

فربما كانت كورونا بمثابة طوق انقاذ لطلاب سنوات النقل الذين تم اعفاءهم من الحضور و الدراسة بالامتحانات والاكتفاء بالبحث فقط وهو امر قوبل باستحسان كبير وتم القضاء بالفعل علي شبح الدروس الخصوصية ودفع هذا الامر الطلاب الي الاجتهاد والبحث في المواقع والاطلاع والقراءة وعمل ابحاث والاعتماد علي مصادر كثيرة وتنمية مهارات البحث لديهم وتعظيم الاستفادة من العملية التعليمية الروتينية المملة والتي لم تنتج متعلم قادر ومؤهل علي مواجهة سوق العمل.!

لذا فقد نجحت كورونا فيما فشلت فيه انظمة تعليمية وحكومات وهو انهاء عصر الدروس الخصوصية او الحد منها بشكل كبير ، وادخل الفرحة والسعادة النسبية علي قلوب الاهالي ولكنهم ينتظرون أن يرفع الله هذا الوباء القاتل عن العالم في القريب العاجل ، فربما كانت نيران الدروس الخصوصية وضغوطها المالية، ارحم بكثير من رعب فيروس كورونا المستجد القاتل وتأثيراته علينا ..حفظ الله ابناء وطني مصر من كل شر.

زر الذهاب إلى الأعلى