العمالأهم الأخبارتحقيقات و ملفات

وثيقة من٣٠ عام تنصف اتحاد العمال..تفاصيل رؤية الحركة النقابية لتطوير شركات القطاع العام

كتبت – نجوي ابراهيم

وسط حالة الغضب التي تجتاح القطاع العمالي والنقابي ، اعتراضا علي تعديلات قانون قطاع الاعمال العام الذي وافق عليه مجلس النواب ، ارتفعت الاصوات لتعلن ان عمال مصر براءة مما يسعي البعض لالصاق التهم به وان العمال سبب فشل الشركات ، مؤكدين ان التاريخ لا ينسي وان الوثائق تؤكد علي دور العمال وقياداتهم علي مر السنين في تقديم مقترحات لتطوير الشركات واصلاح خطوات الادارة .

نسرد خلال هذا التقرير ما يؤكد ان التنظيم النقابي والحركة النقابية العمالية لم تكن يوما في معزل عن قضايا وطنها ، ودائما تقدم رؤيتها ومقترحاتها ، وربما لو تم الاخذ بها في حينها لتغير كثير من الواقع الحالي المؤسف ، من خلال احد الوثائق التي تعود الي عام ١٩٨٩.

في شهر ديسمبر ١٩٨٩تقدم اتحاد عمال مصر برئاسة احمد العماوي برؤية اصلاحية لدعم وتطوير القطاع العام مرتكزا فيها علي تقديم وجهة نظر وحلول ل ٤ مشكلات ومعوقات تعترض طريق القطاع العام .

ابرز مقترحات اتحاد العمال تمثلت في ربط الاجر بالاسعار لتحقيق الامن والتوازن الاجتماعي ،.وتنظيم الاعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص حماية لاستمرار القطاع العام ،واعادة تنظيم شركات كل قطاع نوعي ، والتمسك بالتمثيل العمالي تحقيقا لمبدأ ديمقراطية الادارة .

اسقاط فوائد الديون وجزء من مديونية القطاع العام وانشاء صندوق مركزي لتصحيح الهياكل التمويلية، كان ايضا من المقترحات الي جانب حظر الجمع بين رئاسة شركة قطاع عام وعضوية مجلس ادارة شركة اخري من اجل التفرغ لادارة الشركة ، ومنع مشاركة القطاع العام في انشاء شركات مشتركة تحت دعوي نقل التكنولوجيا .

نستعرض تفصيليا خلال السطور القادمة توصيات ومقترحات اتحاد عمال مصر منذ اكثر من ٣٠ عاما ، والتي وضع حينها رؤيته بشكل موضوعي ومحدد حول دعم واصلاح القطاع العام من خلال شرح واضح لكل المشكلات والمعوقات التي تعترض مسيرته وتحول دون تحقيقه لافضل استثمار له، لعلها شهادة للتاريخ وللاجيال القادمة وحفاظا علي سمعة التنظيم النقابي التي سعي البعض لتحجيمه تحت زعم انه السبب في فشل الشركات وان ممثليه بالشركات يعترضوا طرق التطوير .

طرح اتحاد العمال في رؤيته عام ١٩٨٩ مشاكل السياسة السعرية مقترحا حينها ، ان يتم تقييم اي منتج بسعره الاقتصادي ، وهو ما يمثل جميع عناصر التكلفة الحقيقية بالاضافة الي هامش ربح معقول حتي نتفادي تحقيق الخسائر ونخرج بهذا من اطار الشركات المخسرة .

واقترح ايضا فيما يخص السياسة السعرية ان يتم الدعم في مراحل التوزيع النهائية ويتم التوسع والانتشار فيها مع احكام الرقابة الشديدة عليها وحتمية قيام المجلس الاعلي للاجور والاسعار بدوره المفترض في ربط الاجور بالاسعار تحقيقا لدعم الامن والتوازن الاجتماعي واستقرار المجتمع واقتصاديات الشركات .

تناولت رؤية عمال مصر مشكلة الطاقات المعطلة وقدمت لحل حلولا تمثلت في الاتي:

توفير الحصص اللازمة من النقد الاجنبي لمواجهة كافة الاحتياجات من مستلزمات الانتاج المختلفة، والتقليل قدر الامكان من استيراد الانتاج نصف المصنع .

وضع الضوابط لتنظيم الاعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص والقطاع الاستثماري بالشكل الذي لا يؤثر علي نشاطها واستمرارها باعتبارها جزء في عملية التنمية ولكن بالقدر الذي يحمي استمرار القطاع العام باعتبار ان مسئوليته اكبر في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وذلك بتمتعه ببعض الاعفاءات علي مستلزمات الانتاج خاصة الداخلة في انتاج السلع الاستراتيجية والاساسية.

كما اقترح اعادة تنظيم القطاع العام علي اسس اقتصادية واستراتيجية والتنسيق الكامل بين شركات كل قطاع نوعي مع عدم الاخلال بالتمثيل العمالي باعتبار ان نظام تمثيل العمال يمثل مبدأ ديمقراطية الادارة مع وضع كافة الضوابط التي لا تمس شكل الملكية التي حددها الدستور بما يؤكد تحقيق تكافؤ المشاركة لما يعكسه من اثر علي حسن الاداء .

وفيما يخص مشاكل التمويل والسيولة والمديونية( الهياكل التمويلية )جاءت رؤية اتحاد العمال مقدمة حلولا متمثلة في الاتي :

اسقاط فوائد ديون القطاع العام مع النظر في اسقاط جزء من اصل هذه الديون وهو ما يمكن ان تتحمله الدولة ، واعادة جدولة الدين مع اعطاء فترة سماح للشركات المتعثرة .

انشاء صندوق مركزي علي مستوي القطاع العام لتصحيح الهياكل التمويلية يكون تمويله من حصيلة بيع اسهم القطاع العام في الشركات المشتركة ، وكذا حصيلة بيع الاراضي وبعض العقارات المملوكة للحكومة .

تحويل القروض السابقة من البنوك الوطنية للقطاع العام الي مساهمات في رؤوس اموال الوحدات الاقتصادية وذلك بنسبة تتفق مع امكانيات البنوك .

تحمل الدولة عبء تكاليف الاحلال والتجديد للشركات التي تعاني من ظروف صعبة خارجة عن ارادتها خاصة التي كانت ومازالت تتعامل بالاسعار الاجتماعية ، لانه من غير المتصور ان يكون لديها فائض لمواجهة عمليات الاحلال والتجديد.

عند الحاجة الي تمويل اضافي ينبغي ان يتم عن طريق بنك الاستثمار القومي ، ويمكن ايضا اصدار سندات باسعار فائدة مجزية لتمويل احتياجات بعض الشركات .

حتمية تحصيل مديونيات القطاع العام لدي الحكومة لتوفير السيولة و درء خطر الاقتراض بالفوائد العالية، وايجاد صيغة تعاقدية بين الشركات والجهات الحكومية بما لا يؤثر علي اقتصاديات الشركات .

تناول دراسات الجدوي الفنية والاقتصادية بصورة جادة وعميقة عند اعطاء الموافقات للمشروعات الجديدة او التوسعات المقترحة في قطاع الاعمال وبصفة عامة سواء من القطاع العام او المشترك اوالخاص ، دون ان يعني ذلك خلق مراكز احتكارية للشركات القائمة او الاخلال بالمنافسة والا تتجاوز نسبة القروض الي رأس المال ٤٠٪؜.

تحويل نسبة من فائض الشركات الي الحكومة تعادل راس المال علي ان يتم تجنيب باقي الفائض لكل شركة لتصحيح الهيكل التمويلي للشركة والاحلال والتجديد ، مع عدم المساس بالنسبة المحددة للعاملين .

وفيما يخص مشكلة العمالة( ادارة وعاملين)جاءت مقترحات اتحاد العمال اتؤكد ان الإدارة الناجحة تعتبر عاملا مهما واساسيا في نجاح اي مشروع سواء كان قطاعا خاصا او قطاعا عاما.

واشارت الي مجموعة من الأسس لابد من اتباعها لحل مشكلة الإدارة في مصر ، منها:

١_ ألا تعتمد طريقة تعيين المديرين والقيادات بأسلوب الترقي الوظيفي فقط، ولكن لابد من وجود إختبارات للقدرات ومواصفات ومعايير لهذه الأختبارات .

٢_ الأهتمام البالغ بالتدريب القيادي التخصصي علي ان يشمل كل القيادات سواء الموجودة حاليا لإكسابهم مزيد من الخبرة، أو المنتظر ترقيتهم لإمكان إعدادهم بشكل جيد.

٣_لابد من ترسيخ قيمه الثواب والعقاب علي أن يعتبر المدير المسئول عن عمل معين بينه وبين السلطة المختصةمايشبه العقد الأدبي محددا فيه الإمكانيات المتاحة والإنجازات المطلوبة علي أن يحاسب في نهاية كل خطة سنوية عما أنجز فيثاب وعما أخفق فيعاقب عما هو مسئول عنه .

٤_حظر الجمع بين رئاسة أي شركة قطاع عام وعضوية مجلس إدارة أي شركة أخرى أو مشاركة فيها تحت أي مسمى ، وذلك لإتاحة الفرصة للتفرغ الكامل لإدارة الشركة.

٥_مجلس إدارة الشركة هو السلطة العليا في الشركة ويضع نظم ولوائح العمل داخلها وتكون مسئوليته مباشرة أمام الجمعية العامة.

٦_الجمعية العامة هي التي تحاسب مجلس الإدارة في كل نهاية سنة مالية عن انجازاته ومدي تطابقها مع الأهداف.

٧_ بالنسبة لممثلي العاملين في مجلس الإدارة فإننا نؤكدعلي استمرار هذا المبدأ تأكيدا للنص الدستوري مع إعادة النظر في الشروط الواجب توافرها لعضوية مجالس الإدارة من العمال مما يمكنهم من الممارسة الصحيحة وتضع الحركة النقابية هذه الشروط.

بالنسبة للعمالة :
وهذا الجانب يدفعنا أيضا لمناقشة موضوعية حول مشكلات الترقيات الوظيفية وتعدد القوانين وتعديلاتها واللوائح المعقدة والتي شغلت كثيرا تفكير العاملين في هذا الجانب مما يأثر علي الأداء وترتيب الوظائف وتحديد مستويات الاشراف المختلفة.

اقترح اتحاد العمال حلا لهذه المشكلات وغيرها علي النحو التالي :

١_ الخروج تماما من دائرة الدرجات الوظيفية وجعل المستويات الوظيفية ثلاث مستويات ويكون التحرك داخلها بإرتفاع الأجر.

٢_إجراء تعديل شامل لجداول الأجور من خلال وضع لوائح نوعية للقطاعات الإنتاجية حتي تكون متناسبة مع ارتفاع الإسعار من جانب ومن الجانب الأخر تمكن من تلبية متطلبات الحياة الإساسية.

٣_ الأهتمام البالغ بالتدريب لرفع المهارة بحيث يكون العامل دائما علي المستوى الذي يمكنه من أداء عمله بصوة متميزة.

٤_ إيجاد فرص عمل حقيقية لجميع العاملين داخل الوحدات الإنتاجية لإستغلال كافة الطاقات العاطلة

واختصر اتحاد العمال رؤيته في عدد من التوصيات العامة تم اضافتها الي رؤيته المقدمة في ديسمبر ١٩٨٩وجاءت كالتالي :

١_ منع مشاركة القطاع العام في انشاء شركات مشتركة تحت دعوي نقل التكنولوجيا وخلافه لما يسببه ذلك من خسائر يتحملها في النهاية القطاع العام _ مع ضرورة إعادة النظر في القائم منها وخاصة الذي يحقق الخسائر.

٢_ تقليل أجهزة الرقابة المتعددة والتي تصل إلي ١٨ جهاز رقابيا لما لها من أثار سلبية تعوق تقدم وتطور القطاع العام مع قصرها علي أجهزة محددة ومعينة بما لا يفقد الهدف من هذه الرقابة.

٣_ لابد من مراعاة أن يكون تشكيل الجمعيات العمومية بالشكل الذي يعطيها الفاعلية والجدية لتحقيق الهدف من وجودها في الفاعلية والمحاسبة.

٤_ عدم تدخل الوزير المختص في أعمال الجمعيات العمومية ولكن لابد ان يقتصر دوره علي المحاسبة علي النتائج النهائية.

٥_ عدم تعين من تنتهي خدمتهم في أعمال اخري للشركات تحت اي مسمى وذلك لإتاحة الفرصة للقيادات الشابة بالإنطلاق إلا من ذوى الكفاءة من داخل القطاع ذاته وتوجد ضرورة للإستفادة بخبراتهم بشرط أن يكون ذلك في أضيق الحدود تحقيقا للمصلحة العامة .

٦_ وضع نظام تسويق مثمر يتماشي مع الظروف العامة بحيث يسمح للقطاع العام بإعطاء تسهيلات وتيسيرات للعملاء تتناسب مع المنافسة .

٧_ توثيق العلاقة بين وحدات القطاع العام وهيئات البحث العلمي والتكنولوجي من اجل المساعدة في حل المشكلات علي أساس علمي من أجل دفع عجلة التطوير الإداري والتكنولوجي لهذه الوحدات .

وفي نهاية التوصيات اكد اتحاد العمال ان الحركة النقابية المصرية وهي تمارس مسؤليتها تجاه المجتمع فإن قضية القطاع العام تأخذ الأولوية في مجال الأهتمام بإعتبار أن القطاع العام هو الركيزة الأساسية لدعم الإقتصاد القومي وعليه يقع عبء التنمية الرئيسى.

زر الذهاب إلى الأعلى