آراء

ايهاب عمر يكتب : السيسي والعثمانلى والمشروع الايرانى

يتحدث رجب طيب بغبغان عن 500 سنة تاريخ بين تركيا وليبيا، فى الواقع لقد كانت خمسة قرون من الخذلان والخسة.

العثمانيين لم يدافعوا عن ليبيا طيلة 500 سنة وفى نهاية المطاف قبلوا بالاستعمار الايطالي لـ ليبيا اوائل القرن العشرين دون ان يطلقوا رصاصة واحدة.

تماماً كما جرى مع عدن ومع شرق الجزيرة العربية (الامارات وقطر والبحرين اليوم) ومع مصر امام الحملة الفرنسية وحملة فريزر ثم تالياً الاحتلال البريطاني ومع الجزائر امام الاحتلال الفرنسي

وحتى حينما كانت الاندلس تستغيث كان غلمان العلية العثمانية يتأهبون لغزو جيرانهم المسلمين فى الشام ومصر.

من اكتر من سنتين ونصف نبهت الى حقيقة تاريخية اسمها ان “تركيا ليست الدولة العثمانية” وانه تركيا تنتحل صفة الدولة العثمانية بينما هي مجرد جزء من هذا الكيان، فلا يعقل ان نقول ان سوريا هي الدولة الاموية او العراق هي الدولة العباسية وحتى مصر بحدودها الحالية ليست الدولة الفاطمية، الموضوع عامل زي اللى بيقول ان الرسول محمد (ص) كان سعودي عشان الحجاز تقع اليوم في المملكة العربية السعودية!

الفكرة انه العدو الاخواني عايز الصفة العثمانية دى تلتصق بـ الكيان التركي الحالي حصرياً، بينما في واقع الامر اغلب رجالات وقادة جيوش الدولة العثمانية لم يكونوا اتراكاً او من سكان الاناضول او سكان الجمهورية التركية الحالية، اغلبهم كان من القوقاز والبلقان وشوام وحتى بعض المغاربة والعراقيين والقبائل الآسيوية واشراف الحجاز، بالإضافة الى العنصر المصري ولكنه كان عسكرياً وليس سياسياً، دا غير حقيقة انه الجيش المصري هو اللى حارب باسم الدولة العثمانية طيلة القرن التاسع عشر، او حقيقة تانية انه بعض الساسة المصريين في القرن السادس عشر شكلوا جيشاً من المصريين وصنعوا ولاية الحبشة العثمانية.

كان نفسي محدش يغرس في الفخ دا لانه “مطلب اخواني اسلامجي تركي خالص”، او لما يتم شرح دا يتم وضع تنويه انه كل دا نصب وانه ايدولوجيا العثمانيين الجدد اختارت الاسم دا عشان له تاريخ ودى الحاجة الغائبة عن تركيا الحالية وايران الحالية والإسلاميين الحاليين وبيحاولوا يتمسحوا بكل ركن في التاريخ ويطلعوا له اصل او فصل فارسي او تركي او إسلامي.

بس طبعا الكلام العاقل دا اللى قلته في مقال وحلقة خاصة بيضيع وسط ضجيج وهوجة لا تنهي لكل هب ودب بيكتب اى كلام في التاريخ والسياسة والشؤون الدولية من 2013 وطالما خد لايك وشير يبقا عنده حق وصح والاقى الخطاب الساذج دا بقا خطاب عام وبقا فكرة تعديله امر صعب بل ربما يهدم الخطاب الإعلامي من الأساس.

عشان كدا خلي المعلومة دي في دماغك انت بغض النظر عن اى كلام تاني.. دول لا خلفاء العثمانيين ولا احفادهم ولا اى شيء غير سكان تركيا وبس.. بغض النظر عن موبقات الدولة العثمانية وكوارثها على الشرق الأوسط والإسلام ومصر.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون له مصطلح عبقري، الا وهو “الانفصال الاسلاموي” او “الانفصاليين الاسلاميين”.. وهو يقصد سلوكيات الإسلام السياسي الساعية لصناعة مجتمع داخل مجتمع ودولة داخل دولة.

بالفعل سلوك الإسلاميين هو سلوك انفصاليين، سلوك جماعة وظيفية تقسم المجتمعات وتصنع مجتمع مواز داخل المجتمع الأصلي من اجل ان يطالب بالاستقلال لاحقاً او يهيمن على المجتمع الرئيسي، بالفعل.. الإسلاميين في أي مجتمع هم حركة انفصالية دينية على غرار حركات الانفصال العرقية او الاقليات

التطرف صناعة تركية، ليس التطرف الديني فحسب ولكن التطرف القومي والعرقي ايضاً، صناعة القومية التركية الطورانية كانت احد اهم مصادر الهام الفكر النازي تاريخياًً.

مر الاسلام السياسي/الاخوان/الجماعات الاسلامية/الارهاب الاسلامي بسلسلة من المراحل عبر تاريخه، منذ أن تأسس على يد المخابرات البريطانية فى القرن الثامن عشر.

ومنذ تطويق قطر على يد الرباعي العربي فى يونيو 2017، انفردت تركيا بالادارة الاقليمية لهذا الملف، منذ ذلك التاريخ تم صبغ الاسلام السياسي برؤية العثمانيين الجدد، ودخل الاسلام السياسي حقبة اوهام “عودة الخلافة العثمانية”، بعد ان سقط مشروع تنظيم الدولة الاسلامية داعش ومن قبله سقوط مشروع قطر للخلافة الاسلامية.

وهكذا اتى الدور على مشروع العثمانيين الجدد لكى يسقط وينتهي كما انتهت العديد من النسخ ومشاريع الاسلام السياسي من قبل.

لن تجد ايران اى قناع سني او اسلامي لتلاعب به المنطقة والغرب غير انها تتحرك بشكل مكشوف بعد سنوات من العمل تحت قناع الاسلام السياسي السني والادعاء فى الابواق الاعلامية انها مختلفة عنه ومعهم.

وجب التأكيد على مبدأ مهم اشار اليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ان مصر ليس لديها اى مشاكل مع كافة مكونات الغرب الليبي، ان قضية مصر وليبيا اليوم هى الغزو التركي بمرجعية عثمانية او هذيان العثمانيين الجدد الساعيين لغزو ليبيا انطلاقاً من غربها.

تلك هى المشكلة..انما الحدوتة ليست حدوتة اهل ليبيا فى الغرب او مكونات الغرب الليبي السياسية او القبائلية او غيره.. القضية كلها فى “العامل التركي الاستعماري” الذى يحاول العبث بـ ليبيا انطلاقاً من الغرب.

زر الذهاب إلى الأعلى