ايهاب عمر يكتب : تحالف الإنجيليين و لعبة انتخابات الرئاسة الأمريكية

الصحافة الامريكية مقلوبة هذه الأيام، حيث أعلن في ميامي يوم الجمعة 3 يناير 2020 عن تأسيس “تحالف الإنجيليين” عبر مؤسسة دينية تسمى “وزارة الملك يسوع الدولية”، وهي من اقوي تجمعات الانجيلية/الإنجليكية السياسية في أمريكا .ومن ضمن سلسلة مؤسسات دينية سياسية تقوم بلعب دور اللوبي في السياسة الأمريكية عبر توفير التمويل القانوني والشرعي والحشد التصويتي للساسة شريطة ان يكون هؤلاء الساسة على وفاق مع الاجندة السياسية للإنجيليين.

بشكل او باخر حلقة جديدة قديمة في تيار المحافظين الجدد او المسيحية السياسية او الانجيلية السياسية.

طبعا الصحافة الامريكية بدأت تتعامل ببعض الجدية مع ترامب، لذا غائب عنهم ان الإنجليكيتين كانوا في طليعة المصوتين لترامب في انتخابات 2016، وان الرجل أغدق عليهم بالوعود والثناء، ويكفي الفيديو الشهير الذي تحدث فيه عشية اطلاق حملته انه انجيليي صميم، وانه يحمل دائماً انجيل والدته التي اوصته عقب وفاة أخيه بسبب الافراط في الكحوليات بعدم الشرب وبالفعل – والحديث لترامب – فأنه توقف عن الشرب منذ كان في العشرينات من العمر بطلب من أمه ووفاء لعهده لها.

ترامب في هذا الفيديو قال انه حال انتخابه فأنه سوف يؤدى اليمين القانوني مستخدماً انجيل والدته الى جانب النسخة القانونية المستخدمة في هذه المناسبة، وهو ما حدث بالفعل حينما أدى ترامب اليمين وتحت يده نسختان من الانجيل وسط سخرية الاوباش.

حضر ترامب اللقاء الذي جرى في اول يوم جمعة من العام 2020، والقى خطاباً استمر 75 دقيقة، قال خلاله ان “حكومتي لن تتوقف أبدًا عن القتال من أجل الأمريكيين من ذوي الإيمان” و”سنعيد الإيمان باعتباره الأساس الحقيقي للحياة الأمريكية”.

وسمى ترامب محاولات الديموقراطيين – وبين قوسيين أكتب النيوليبرالية والعولمة ومن يمثلها في الحزب الديموقراطي وليس الحزب الديموقراطي في المطلق – لفرض أجندة وقاموس الصوابية السياسية باعتباره “حملة صليبية من الديمقراطيين ضد التسامح الديني في أمريكا”.

وحول تصفية الجيش الأمريكي للفريق قاسم سليماني الذي وصفه ترامب بـ”قائد الإرهاب”، أسهب الرئيس الأمريكي في وصف ما جرى بالقول:” يمكننا الحصول على أي شخص، في أي مكان وفي أي وقت وفي أي مكان يوجد فيه الإرهاب”.

وذهلت الصحافة النيوليبرالية حينما وجدت ترامب يعترف بكل بساطة امام الإنجيليين بأن سياسات أدت الى ترحيل الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين، وأضاف ترامب انه “جعل من الصعب على الأجانب الدخول أو البقاء في الولايات المتحدة، ولكن فقط للتأكد من أن الإرهابيين الأجانب لا يمكنهم الحصول على تصريح”.

و قال ترامب خلال جزء مكتوب بوضوح من خطابه: “لكي تزدهر أمريكا في القرن الحادي والعشرين، يجب أن نجدد الإيمان والأسرة كمركز للحياة الأمريكية”.

وقال “إن المدارس الدينية، والمؤسسات الخيرية، والمستشفيات، ووكالات التبني، والقساوسة كانوا مستهدفين بشكل منهجي من قبل البيروقراطيين الفيدراليين وأمروا بالتوقف عن اتباع معتقداتهم”.

المبهر في معالجة الصحف الأمريكية والبريطانية، انها ورغم انها تدعي النيوليبرالية بكل افرعها الحديثة من ليبرالية واشتراكية، عالجت اخبار المؤتمر بشكل تكفيري فج، بالقول ان هؤلاء الإنجيليين “يعبدون” ترامب بجانب الله، وان ترامب شخص زان ذو قصص مع ممثلات الأفلام الاباحية ولا يحمل القيم المسيحية الصلبة التي تجعل الإنجيليين يعلقون آمالهم على رجل مثله!

انتقدوا المسيحية السياسية او الإنجيلية السياسية بخطاب ديني فج، كأنهم يريدون اثبات نظرية في علم السياسة تشير الى أن العلمانية في أوروبا ما هي الا نسخة معلمنة من المسيحية او المسيحية السياسية فحسب، ففي نهاية المطاف العلماني سوف يكفر الإنجيلي المؤيد لترامب، ولن يري في ترامب مسيحياً بالقدر الكافي لكي يعتمد عليه التيار الديني!، وللمفارقة لن تجد انجيليي في أمريكا يطلق تلك الاوصاف بحق أيا من الساسة المعارض لهم، ما يعني عملياً ان العلمانيين أكثر شراسة في تكفير الخصوم عن التيار الديني في أمريكا!

الطريف ان الحزب الديموقراطي استعان برجالات للدين المسحي أعضاء في الحزب في دوائر ولاية فلوريدا – حيث تقع مدينة ميامي – للحديث عن زيارة ترامب، وكأن الحزب ذو النزعة الليبرالية والاشتراكية يمتلك – ايضاً – جناحاً من اليمين المسيحي يحركه وقت الحاجة .

ولا عجب في ذلك فأن الحزب الديموقراطي وليس الجمهوري هو الذى احتضن اليمين المسيحي المحافظ طيلة تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ويدفع بهم الى منصة انتخابات الرئاسة حتى أوائل القرن العشرين قبل ان ينتقل ثقل المحافظين الجدد من الديموقراطيين الى الجمهوريين في ستينات القرن العشرين.

يعتبر التجمع حلقة جديدة من حركة ” ائتلاف الإنجيليين من أجل ترامب” الذي ساعد الرئيس الأمريكي في حسم الانتخابات الرئاسية عام 2016

زر الذهاب إلى الأعلى