آراءأهم الأخبار

طارق الصاوى يكتب : ٦ أكتوبر معركة غيرت حسابات العالم نحو الحروب

تحل علينا ذكرى النصر فى كل عام لتوقظ عقول الغافلين وتنبه أجيالا غمي عليهم ان عدونا الأصلي الأساسي هي إسرائل ، وما من صراع اوعداء يحدث بين العرب او حولهم إلا والتى تاججه وتديره هي إسرائيل .

كتب الله علي ان أكون من جيل ولد عقب نكسة ٦٧ ورايت في طفولتى الحزن في عيون من حولى واولهم ابى الذي انجاه الله في هذه الحرب التي خالفنا فيها سنن المعارك وغيرها من السنن ، وما حلت بنا هذه النكسة إلا باخطاء القيادة العسكرية ، وقد كنا نملك من القوة في العدة والعتاد ما يزيد عما ملكناه يوم انتصرنا في حرب العبور وعبرنا خط برليف المنيع ، ذاك الساتر الترابي الذي اوهمت إسرائيل العالم حينها انه لايقهر وان جيشها ايضا لايقهر .

وقبل ان أتم الخامسة من عمرى تحول الحزن إلي فرح وبجة ، ورأيت السرور في كل مكان وكأن الأرض والجدران والحجر والشجر كانوا يحتفلون معنا بهذا النصر العظيم والعبور الكبير ، وراية مصر ترفرف علي ارض سيناء .
والاغاني واناشيدالنصر التي تربينا عليها ولا زال اثرها فينا إلي الآن كانت تملأ الآفاق ونسمعها ليل نهار لسنوات عدة .

إحتفالا بهذا النصر العظيم الذي سبقه العديد من الإنتصارات الفرعية في حرب الإستنزاف والتى كان لها اثرها على العدو وكان منها بطولات اسطوريا ، فهذا احد النسور المصرية طلال ” سعد الله ” يقود طيارته ودخل بها في اجواء سيناء المحتلة فيطلق عليه صاروخ فيخبر القيادة وياتيه الامر في حينها بالقفز من الطائرة ولديه مظلة مجهزة يمكنه ان يعود بها خارج اراضي سيناء وينجو ، فإذا بطلال سعد الله يرد علي القيادة بلا لن اقفز ولن اعود فقد عرفت طريقى وإذ به يحدد القاعدة التي اطلق منها الصاروخ الموجه الذي يلازم الهدف حتي يصيبه .
ويتوجه ” سعد الله ” بالطائرة والصاروخ من خلفه ليضرب القاعدة ويلقى الله شهيدا ، فإذا بها اكبر قاعدة صاروخية اعدها العدو فى سيناء لضرب جيشنا وبلدنا ، ابادها البطل وفيها ٢٨ عالم من افضل علماء إسرئيل في الصناعات الحربية وعلوم وتجهيزات الاسلحة .

و يحكي عن اللواء بحري ” إسلام توفيق ” الذي تقاعد عام ٨٤ ، وكان له بطولات في حرب الإستنزاف جعلت إسرائيل ترصد مكافأة مليون دولار لمن يأتيهم برأسه ، وكان يعبر القناة ويقتل عددا من جنود وضباط الجيش الإسرائلى وكان يضع بالرجل والرجلين في ” جوال ” ويعبر بهم ، وتم تكليفه بقتل احد القناصة المهرة بالجيش الإسرائلي كان يقنص ويقل جنودنا ، فعبر اليه بطل صاعقة البحرية إسلام توفيق ، وخطفه وأوثقه وعبر به القناة واتى به حيا، فإذا به “دانى شمعون ” بطل العالم فى المصارعة الحرة ميزان 96 وتم إستبدال دانى شمعون بعدد كبير من الأسري المصريين من أسرى نكسة 67 ، وإسلام توفيق هو من قام بتدريب أفراد المجموعة التي قامت بتفجيرات ميناء إيلات الإسرائيلى .

وقد جعل الرئيس السادات عليه رحمة الله حماية هذا البطل بندا من بنود معاهدة ” كامب ديفيد ” والا تتعرض له إسرائيل بسوء بشكل مباشر او غير مباشر .

وحين بدأت معركة العبور شاهدت إسرائيل امامها جيشا من هذا القبيل فإذا بأحد جنودنا يصعد الساتر الترابي الذي يزيد ارتفاعه عن ٢٠ مترا وهو يحمل بخلاف مقتنياته كجندي مدفع مضاد للدبابات يزيد وزنه عن ١٢٠ ك ويعبر به خط برليف ليدك به حصون ودبابات العدو .

حكايات وبطولات مثل هذه لاتعد ولا تحصي ، سطرت تاريخا جديدا وأستحدثت نظريات عسكرية لم تكن من قبل ، وتسبب المقاتل المصري في إدخال مادة جديدة في العلوم العسكرية غيرت في معادلات النصر والهزيمة ، تعتمد علي القدرات الخاصة للمقاتل في الحرب .

وكان النصر الحقيقي للجيش المصري ليس في عبور القناة ولا في اقتحام خط بارليف وليس دخول جيشنا لمسافة تزيد عن ٢٥كم في عمق الجيش الإسرائيلي ، إنما كان النصر الحقيقي في كسر جيش إسرائيل وإنهاء غطرسته ، واستغاسته بالولايات المتحدة التي اقامت جسرا جويا ينزل المدد من الجند والدبابات والمدرعات في وسط سيناء لمناصرة إسرائيل المهزومة ، وكان النصر الحقيقي في عودة مجد الجيش المصري ببراعة ومهارة المقاتلين بالجيش المصري . الذى اعتصم بحبل الله ، وكانت حالة الحزن مابين النكسة والنصر قد احدثت حالة من التصويب في العديد من الامور كان اهمها لجوء المصريين لربهم ، فكانت زيادة الإيمان هي الحد الفاصل في المعركة .

كما قال رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه ” إنما تنصرون بتقواكم ، فإن لم يكن فالأقوى ”
لقد رؤي الإمام الاكبر الشيخ عبد الحليم محمود ، قبل المعركة وهو يمسك بيد السادات ويقول له ” خذ المعركة فسننتصر بإذن الله، إني رأيت رسول الله في المنام وهو يقاتل معنا ويعبر معنا ” .

بقلم : طارق الصاوي المستشار الاعلامي لجمعية الطرق العربية

 

زر الذهاب إلى الأعلى