آراء

وسام الجمال يكتب : من هو الصديق ؟

علمتني الحياة أن الصديق الحق ليس من لعبت معه في مراتع الصبا، أو خرجت معه للنزهة يوما، أو حنى ما تقاسمت معه طعامنا وشرابنا.

منذ نعومة أظافري كنت بحاجة إلى الأصدقاء، عوضا عن وحدتي فقد كنت الابن الوحيد لأبي، وذلك بعد وفاة شقيقا لي أكبر مني, واخر أصغر مني.

وقر في عقلي الصغير أن أصدقائي هم أولئك من ألعب معهم، ومن أقتسم معهم طعامنا وملذاتنا البريئة، أو من أتنزه معه لاكتشاف العالم من حولي.

سعدت بمشاركتي إياهم لعبة الاستخفاف ( الاستغمايه) ، وممارسة لعبة كرة القدم، وغيره من الألعاب البسيطة التي تدخل في قلوبنا البهجة رغم بساطتها.

تطور لعبنا مع تقدم السن ودخولنا طور المراهقة.. أصبحنا نلعب بمتعة البلياردو وتنس الطاولة.. طوال تلك الفترة خلد في فكري أنهم الأصدقاء الحقيقيون، الذين قد ألتجيء إليهم وقت شدتي أو احتياجي لهم.
في يوم تجرأنا بدخول منطقة خطرة، شهدت أحداث عنف لمن حاول المغامرة واكتشاف المجهول.. تجرأت بعمل مشادة بيني وبين أحد أصحاب المكان المشاغبين ، وكلي ثقة أني سأجد دعما من أصدقائي الأعزاء.. ما لبث أن خاب ظني وشعرت بالفجيعة عندما صاحوا في نفس واحد وهم يشيرون نحوي بتأكيد:
ـ اضربوه!!

فجأة انكشف الغطاء وعشت مأساة خديعة الأصدقاء.. لولا ستر الله لكنت في خبر كان.. عندما هتف أحدهم:

ـ اذهب سوف نعفو عنك من أجل خاطر والدك، على الرغم من نذالة أصحابك.
رغم قسوة الحادث على نفسي، إلا أني تلقنت درسا مهما، بأن أعتني باختيار الصديق، وأن الصديق الحق هو من يساندك ويعضدك وقت الشدة.

مرت الأعوام وأصبحت في طور الشباب.. تلقيت اللطمة الثانية بوفاة والدي، وأصبحت وحيدا بلا سند تقاذفني الحياة ولا أجد عونا من دائرة المقربين.. كاد مستقبلي يتعرض للدمار لولا أن من الله علي بشخص لا تربطني به سوى الجيرة.. لقد ساندني بكل عزمه وبقلب يملأه الحب نحوي.. انتشلني من حالة الضياع المادي والنفسي، ووضعني على الطريق الصحيح.

تيقنت أن الصديق الحق هو من يساند ويقف معك في مجابهة أنواء الحياة.. وجدت الصديق في جاري الطيب وأحد أقاربي.. إنني بحق أدين لهما بالعرفان حتى يومنا هذا.
لقد سامحت وتجاوزت عن هؤلاء الذين لبسوا قناع الصداقة، بينما أضمرت قلوبهم الشر نحوي.. يريدون النكاية بي دون ذنب جنيته في حقهم.

لم أكف يوما عن حب هؤلاء.. أترحم على من مات منهم ولقى ربه.. أدعو لهم في صلاتي بكل محبة.

فلنجعل أفعالنا لوجه الله تعالى.. نسامح بعضنا بعضا.. نجعل بيننا وبين الله طريقا للرحمة والتراحم.. علنا نجد المغفرة وحسن الخاتمة.

اخيرا اهدتني الحياة صديقا.. كان لي السند والناصح الامين.. لقد عشت معه طفولتي وشبابي ومازلنا للان أصدقاء في السراء والضراء. علمت بعد سنوات ما فعله من أجلي، لينتشلني من المعاناة التي مرت بي

زر الذهاب إلى الأعلى