آراء

وسام الجمال يكتب : رائحة الدم

خمس أعوام مرت على خالد وهو ينازع الموت وكل لحظة تمر عليه يرى الموت يحلق فوق رأسه لكنه لم ييأس.

خمس أعوام كانت كفيله بأن تزرع اليأس داخل قلبه بعد إصابته في حادث سير كان هو الناجي الوحيد منه في حين توفي أكثر من عشرة افراد داخل سيارتين كان هو داخل إحداهما.

كانت رائحة الدم لاتفارق أنفه ولا منظر الجثث تفارق عينه ويكفي انه اصبح قعيد الفراش وحالته النفسية من سيء لأسوأ.
كانت منال هى الوحيدة التي تهون عليه تعبه فهى لم تكن زوجته فقط بل كانت محور حياته فعلى الرغم من أن زواجهما لم يمر عليه سوى ست أشهر الا انها كانت تحمل في قلبها وفاء عظيم خاصه وفي أحشائها ابنهما الوحيد الذي وضعته خلال فترة مرض زوجها.

سنوات خمس وأهل زوجها تخلوا عنها حرفيا باعت ذهبها وأخذت ورثها من أخواتها عبارة عن مال حتى تستطيع توفير نفقات علاجه لم يتبقى لديها ماتبيعه والحالة تزداد سوء نزلت الشارع عملت بكل قوتها لتوفير احتياجات البيت من طعام وملبس.كانت أعين خالد دائما ماتتمنى الموت فهو لم يكن يستطيع النطق وكانت عيناها تدعوا له بالشفاء.

كانت منال تتسم بجمال آخاذ من وجه جميل لم تؤثر فيه سنوات الشقاء وجسد مثالي جعلها مطمع كل من كان يراها وبعد مرض زوجها حاول معها اهلها أن تطلب الطلاق وتتزوج لكنها رفضت.

في سوق العمل لاقت منال كافة أنواع الذل والمهانة وفي يوم راودها صاحب العمل عن نفسها لكنها رفضت حاول اغتصابها فقاومت وخرجت مسرعه الي منزلها.
دخلت على زوجها خاطبته قالت له لقد انهكت لقد أصبحت مطمع لكل من هب ودب ثم صاحت بصوت عالي قائلة يارب سمعها خالد وعيونه تفيض دمعا.

قامت منال وذهبت إلى ابنها لتطعمه ثم توجهت إلى حمام المنزل وانزلت همومها بالماء ثم تؤضئت ووقفت لتصلي وتخاطب ربها راجية أن ينتزع عنها الألم وعن بيتها.
انتهت منال من صلاتها وذهبت لتعطي الدواء لزوجها وتنظر علي ابنها قبل نومه ثم جلست علي كرسي قريب من زوجها فنامت غصب عنها بعدما أنهكها تعب اليوم.

نامت منال وهي تدعوا وعيناها تبكي وإذا بها تجد يدا تمسح دمعها فنهضت لتجد زوجها يقف أمامها ويقول لها كفاكي تعبا كفاكي انهاكا لجسدك وروحك ظنت منال انها تحلم لكنه كان واقع ملموس.

سجدت منال وسجد خلفها خالد وهما يحمدان الله علي شفائه ثم سالته ماذا حدث قال لها لا أعلم غير اني جائني هاتف بأني استطيع القيام فقمت وتوجهت للحمام واستحممت وعدت لأجد دموعك تغرق وجهك فمسحتها ليحدث ماحدث.
بدأت منال تحكي لزوجها عن حياتها دون الخوض فيما فعله أهله فلم تريد أن تنغص عليه فرحته قامت واحضرت ابنهم وليد الذي رأى والده يقف لأول مرة.

مرت الساعات وقام خالد متجها الي الشارع ليذهب الى مقر عمله فرفضت زوجته قائله انتظر حتى نخبر الناس رويدا خاصة وأن عملك لم يدوم لأنك لم تكن قد ثبت فيه فتم إنهاء خدماتك حمد الله على عطائه وجلس قائلا لاعليك.

اتصلت منال بأهل زوجها وأهلها وطالبتهم بالحضور فلم يحضر سوى والديه اللذان كان لاينقطعان بالسؤال عن ابنهما لكنها ضيق ذات اليد حيث منعهم ابنهم الأكبر من إعطاء خالد حقه أثناء مرضه فرحا الوالدين عندما شاهدا ابنهما واقفا على قدميه.

جلسوا يتحدثون عن المستقبل فقال خالد انه سيذهب للحصول على مستحقاته من شقيقه رغما عنه خاصه وان والده قد قسما بينهما كل شيء وأنه يحتفظ بمبلغ ربع مليون جنيه كان قد جمعهما من عمله ولم يستطع أخبار زوجته بهذا الأمر لعدم قدرته على النطق أو الكتابه.
ذهب خالد الى شقيقه وحصل على حقه ناقصا لكنه حصل على جزء كبير يستطيع من خلاله بدء عمل محترم.

أسس خالد شركه اتصالات ظلت تكبر وسافر إلى دول مختلفه واصبح من أفضل التجار واطلق على محله اسم رحمة الله.
عوض خالد زوجته عن سنوات الشقاء الخمس وأنجبت له بنتا جميلة أطلق عليها منال على اسم امها التي كانت هدية الرحمن له.

زر الذهاب إلى الأعلى