آراءمنوعات

ذهب غريبا 

بقلم :

وسام الجمال

 

استيقظ أحمد من نومه فزعا ظنا منه انه قد فوت موعد عمله، ارتدى ملابسه بعد ان أخذ دشا باردا أزال ما بقى في رأسه من رغبة في النوم، وخرج من بيته مسرعا ليلحق بعمله الذي بادر بالبدء فيه بمجرد وصوله.

بعد لحظات أتاه عم خليل بقهوته المفضلة فبدأ يحتسيها باستمتاع قطعه استدعاء من مديره المباشر محمد، جلس معه يتحدثون حول عدة أمور خاصه بالعمل، اسفرت الجلسة عن ضرورة سفره الي إحدى الدول الاوربية لمدة شهر لإنجاز عدة أعمال خاصه بالشركة، وحين همّ بالخروج من باب الغرفه ليبدأ في تحهيز أوارقه، أوقفه صوت المدير

يقول: أحمد أنت ذاهب إلى دولة غريبة، أعد العدة لتكون متميزا خلال الرحلة وتنجز أعمالك علي أكمل وجه،

وقعت تلك الكلمات في قلب أحمد، الذي خرج من غرفه المدير يتصبب عرقا وكأنه خارج من مباراة قوية، جلس علي مكتبه فشعر بنغزة شديدة في قلبه استلقي علي مكتبه للحظات ثم قام وتوجه الي بيته.

زاد التعب علي أحمد وشعر ان أجله قد حان، فاستلقي علي سريره، فأسرعت إليه زوجته تسأله عن سبب هذا التعب، فطلب منها ان تتركه ينام قليلا ففعلت، ظل أحمد نائما حتى استيقظ فزعا يرتجف بعد أن رأي في منامه أن القيامة قد قامت فكان مصيره النار، فنادى علي زوجته ليتاكد انه مازال حيا حضرت اليه مسرعة وتعجبت من العرق الغزير الذي يتصبب منه بشده علي الرغم من تشغيل التكييف.

هدّأت من روعه وسألته مابك؟

أجابها في خوف: الرحلة ستنتهي الرحلة قاربت علي الانتهاء

قالت له: أي رحله؟

قال لها: الحياة .. استغربت من كلماته لكنها حاولت تهدئته.

قام احمد وتوجه الي الحمام اخذ دشا وتوضأ وذهب الي غرفته أغلق بابه علي نفسه وضع سجادة الصلاة صلي لأول مرة منذ اكثر من عشر أعوام يفعلها لقد كان لا يصلي وقف الان يصلي ودموعه تنهمر من عيناه.

انتهي من صلاته وزوجته تقف الي جواره مندهشة لكنها فرحه فلطالما دعته للعودة للصلاة لكنه لم يستجب.

جلس معها سألته عما حدث أخبرها عن كلام المدير عن الرحلة وكيف انه شعر انه يحدثه عن رحلته في الحياة وعن نومه ورؤيته للحلم المفزع الذي رأي أنه دخل النار، شكرت الزوجة الله على هداية زوجها الذي قام وأمسك بالمصحف وبدأ يقرأ فيه.

مر اسبوع كامل علي أحمد وهو يجهز اوارق سفره لرحلة العمل لكنه لم يتوقف عن الصلاة وقراءة القرآن يوميا بخشوع رهيب.

حين جاء موعد الرحلة ومنذ بدأ أحمد رحلة العمل في تلك البلد، لم ينس صلاته وقرانه، فأنجز عمله علي اكمل وجه وأبرم عدة صفقات لصالح شركته لم يكن بتخيلها، حالفه التوفيق في الصفقات، وحين دخل الي غرفته في الفندق ارسل ايميل الي الشركة يخبرهم بالصفقات التي تم انجازها، فرد عليه المدير برسالة يشكره فيها، كما أرسل ايميل اخر الي زوجته يشكرها فيه علي صبرها عليه طوال فترة زواجهما.

ثم قام الي سجادة الصلاة ووقف يصلي وهو خاشع، فشعر بألم غريب في صدره، وظل يواصل صلاته حتى جحظت عيناه، فنزل علي الارض ساجدا وخرجت روحه بسلام الي ربها.

مر عليه يوم لم يدري به احد حتي دخل عامل الغرف بعد أن طرق الباب ليجده ملقي علي وضعه حضرت إدارة الفندق وتم نقله للمستشفي التي اثبتت ان وفاته طبيعية، وتمت إجراءات نقله الي مصر ليدفن بها.

مر اليوم الأول من عزاءه وزوجته منهارة لفقده لكنها سرعان ما تماسكت حتى تتحمل مسئولية ابنها الذي ما زال يحتاج للرعاية والاهتمام.

حضر مدير الشركة الي زوجة احمد ليأخذ منها اوارق خاصة بالشركة ويمنحها الأموال الخاصه به ويعرض عليها العمل في الشركة بأي عمل تريد، قامت الزوجة لتحضر الأوراق التي اعطتها للمدير الذي فتحها مباشرة ليجد أول ورقه مكتوب عليها (ما الضرر إن مت غريبا أو مجهولا أو بين أهلك فلا ضير ستصبح ذكري حتي وإن مت على فراش من ذهب)

شكرا استاذي ومعلمي علي رحلتي الأخيرة التي تسببت في هدايتي لعل الله يتقبل.

أغلق المدير الورق وهو يبكي ثم ترك المنزل وهو يردد اللهم ارزقنا حسن الخاتمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى