آراء

عادل عبدالصبور يكتب : العراق في مفترق الطرق

ما تشهده الساحة الداخلية العراقية، منذ انتخاب مجلس نواب، في الأول من أكتوبر ٢٠٢١ ، وعجزه عن تشكيل حكومة على مدار ٩ أشهر، واختيار رئيس وزراء ورئيس جمهورية، نتيجة الإنقسامات الحادة بين التيارات الدينية والسياسية والفصائل والنخب والأيديولوچيات، التي ينتمي إليها أعضاء البرلمان، يهدد مستقبل العراق وينال من استقراره، ووحدة وسلامة أراضيه، خاصة في ظل الظروف الأمنية والإقتصادية الصعبة، التي يعيشها الشعب العراقي الشقيق.

اتساع الخلافات بين التيارات المتصارعه، أدى لاستمرار حالة الجمود السياسي، حتى وصل في الآونة الأخيرة إلى الذروه و تمكنت من تقسيم التيار الشيعي، إلى كتلتين متصارعتين، إحداهما يدعمها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، والأخرى موالية لإيران تسمى الإطار التنسيقي.
هذا الإنقسام أضر كثيراً بالعراق، ومؤشر واضح على نجاح الولايات المتحدة الأمريكية،في مخططاتها ومساعيها الإستعمارية، التي بدأتها منذ غزو العراق، والإطاحة بالرئيس صدام حسين عام ٢٠٠٣، والتي تهدف إلى تقسيم العراق ونهب ثرواته.

الشعب العراقي المنقسم بفعل فاعل، مدعوا الآن لدخول حرب أهلية بالوكالة، نيابة عن أمريكا صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة، وتقسيم الوطن العربي، وإعادة ترسيم حدوده، ونهب ثرواته ونيابة عن إيران، التي لن تسمح باستعادة العراق قوته ونفوذه، وفي المقابل لن تسمح أمريكا بالتواجد الإيراني على الأراضي العراقية، وبالمثل لن تقبل إيران أي تمدد أمريكي في العراق.

إذاً هي حرب بالوكالة يتورط فيها الشعب العراقي، حرب عرقية، ومذهبية، ودينية، حرب أعدتها وأخرجتها الولايات المتحدة الأمريكية ، بين شعب عربي واحد على أرضه وداخل حدوده.

لذا بات على كل القوى العراقية المتصارعه، أن تكف عن التصعيد، وأن تمتنع عن تنفيذ الأوامر الخارجية، وأن تستمع لصوت العقل، وأن تغلب مصلحة العراق على أي مصالح أخرى، فلم يعد هناك سبيلاً أمام الفصائل والتيارات المتصارعة، من أجل الوصول للسلطة وتشكيل الحكومة، إلا الجلوس على طاولة المفاوضات، حتى تفوت الفرصة على أمريكا وإيران، في تحقيق أهدافهما الرامية لإضعاف العراق وتقسيمة، ولم يعد هناك طريقاً أمام الشعب العراقي، الذي يرفض تواجد كل الرموز السياسية السابقة، على الساحة السياسية سوى، التمسك بوحدة أراضيه ووحدة نسيجه وأن يدعوا كل الأطراف للتوافق لمصلحة العراق، بشرط إستبعاد أي طرف أو فصيل موالي لأي دولة خارجية، بحيث تكون القرارات نابعة من وازع وطني، وتصب في صالح العراق.
إذا كان العراق الشقيق في مفترق الطرق فإن المجتمع العربي في أزمة حقيقية تستدعي تدخل الرؤساء والملوك العرب، وتقديم مقترحات وحلول لكل الأطراف المتصارعه، للخروج من النفق المظلم، والمستقبل القاتم الذي ينتظر العراق، ذلك النموذج الذي رسمته الولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى لتعميمه في الوطن العربي.

الأمر في بلاد الرافدين بات خطيراً جداً، لا يحتمل السكوت لكن يحتاج للتدخل الجراحي السريع، من أطباء عرب بارعين في تشخيص المرض وتحديد العلاج، بعد أن سدت كل الطرق أمام كل القوى والتيارات العراقية للتوافق والتشاور.

من هذا المنبر الصغير، أدعوا كل زعماء العرب، لفتح قنوات إتصال مع كل الفصائل، والرموز السياسية العراقية، للتوصل لحلول جذرية، والتوافق على خارطة مستقبل، تتضمن تشكيل حكومة إئتلافية، واختيار رئيس وزراء ورئيس جمهورية توافقيين، وحتى نحافظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه.

زر الذهاب إلى الأعلى