آراء

د.فتحي حسين يكتب: الاسعار بين التجار والمواطنين

 

قولا واحدا يمكن ان يقال في ظل الارتفاع الغير مبرر واللامعقول في الاسعار للسلع والمواد الغذائية وهو ان التجار ليس عليهم رقابة من قبل الدولة وان التجار يفعلون ما يحلو لهم ولا يهابون بطش الحكومة ويظل المواطن تحت رحمتهم ومزاجهم طوال الوقت , فالتاجر الذي يحتكر السلع لاجل بيعها والتربح منها وقت زيادة الطلب عليها ربما لا يجد من يردعه ويحد من ممارسه الغير شرعية والضارة بالمجتمع والتي تظلل وتشوه من ناحية اخري كل انجاز تقوم به الدولة , وهذا الامر جلل وممكن يمحو ويزيل كل انجازات ثورة 30 يونيو وما بعدها من مشروعات قومية وانشاء طرق وكباري ومدن جيل رابع وخامس وضخ استثمارات في مختلف المجالات , الا ان قضية الاسعار ومأكل المواطن تظل هي القضية الاساسية والحيوية والتي لا تحتمل اي تأجيل او صبر ! كما في كل دول العالم , فالانسان يمكن ان يصبر علي الديمقراطية والاستثمار ولكنه لا يمكنه الصبر علي الجوع والتهاب الاسعار من قبل التجار . الحكومة من جانبها لديها مشغولات كتثيرة لا تعد ولا تحصي وتحاول بشكل او بأخر التخفيف علي المواطنين من خلال مشروعات مثل اهلا مدارس او كلنا واحد وتحيا مصر ولكن هذه المشروعات رغم اهميتها الا انها لا تكفي استهلاك المواطنين ربما بسبب مستواهم المادي المنخفض في المعيشة امام جشع التجار في الاسعار يوم بعد يوم . والغريبة ان الاسعار تنخفض كل يوم في مختلف دول العالم المتقدم والنامي علي السواء الا في مصر تزداد ارتفاعا حتي وصلت السلع الاساسية للبيت الي اعلي الاسعار مثلا البصل الي 30 جنيع بعد ان كان ب3 جنيها والسكر ب41 جنيه بعد ان كان ب10 جنيه والطماطم ب20 جنيه بعد ان كانت ب7 جنيه و5 جنيه والزيوت فحدث ولا حرج , حتي البيض ارتفع سعه مع الفراخ ووصل الي 180 جنيه لكرتونة البيض حيث ان سعر البيضة حاليا 6 جنيهات !!

من المسئول علي ارتفاع الاسعار باستمرار بهذا الشكل الغير منطقي والتي من وجهة نظري سوف تنسف كل انجازات الحكومة في الفترات الاخيرة ويستفاد منها التجار الكبار في بلدنا ومن ورائهم ويحققون المليارات الجنيهات مكاسب ولا عزاء للمواطن المسكين الذي لا يجد من يحنو عليه حتي الان من شددت الضغوط الاقتصادية عليه في ظل ارتفاع الاسعار وقلة الدخل , مع زيادة في اسعار الاوراق واللوازم المدرسية للابناء والملابس والاحذية وهو امر فاق طاقة الجميع . والدولة من جانبها تسعي الي التخفيف من وطأة كل هذا وذاك بزيادة الرواتب والمعاشات وتكافل وكرامة مؤخرا الا ان كل هذا الامر لم يسعف المواطن بشكل كبير خاصة انه عاني ولا يزال يعاني وصبر ولا يزال يصبر حتي تقوم البلاد من عثرتها وها هي بلدنا العزيزة اصبحت لها مكانة دولية واقليمية كبيرة وهامة وبنية تحتية علي اعلي مستوي ومناطق جذب لكل مستثمري العالم في مختلف المشروعات وانشاء جامعات وتطوير التعليم والصناعة الا ان قضية الاسعار وعدم ردع التجار الجشعين والموزعين سيزيد الامر اشتعالا وستبقي النفسية والمزاج العام غير مقبول حتي يعاد الامر الي نصابه وتعود الاسعار الي مكانها الطبيعي مرة اخري .مع بحث الية اخري لجلب الدولار بدلا من تصدير جزء كبير من حصة المواطنين الغذائية الي الخارج , لانه معرف ان مصر لديها اكتفاء ذاتي من الخضروات والفاكهة , فكيف اذن تكون هناك مشكلة في نقص الفاكهة كالبطيخ والبرتقال والمانجو والخضروات كالبصل والبطاطس والطماطم …الخ

المواطن المصري لا يحتاج شيء في حياته سوي ثلاثة اولهم ان يجد الطعام متوافر وباسعار في متناول يده وليس غلاء غير مبرر , حتي يتمكن من العيش والعمل , وثانيا صحة جيدة والاهتمام بتوفير مستشفيات ادمية يأمن فيها علي صحته ونفسه وحياته وحياة ذوية واقاربه وثالثا تعليم جيد يساعد الدولة علي التقدم الي الامام ويرتقي بسلوكيات المواطنين واخلاقهم في التعاملات اليويمة وفي تطوير الصناعة وحماية البلاد من الظواهر غير الطبيعية كالزلازل والتغيرات المناخية ….الخ .

وفي هذا الامر نحن نثق في القيادة السياسية والحكومة ان تهتم بهذا الملف الشائك والخطير وهو ارتفاع اسعار السلع الاساسية الذي يهم المواطن اولا واخيرا وليكن شعارنا في الفترة المقبل ليس الدولار اولا وانما الوطن و المواطن اولا ! وقد اسبق القران الكريم وقدم الطعام وعدم الجوع عن الامن بمفهومه العام كما في قوله عز وجل :”الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف ” صدق الله العظيم

زر الذهاب إلى الأعلى