آراء

د.فتحي حسين: أطباء الواتس اب وسبوبة المستشفيات

مع تطور الاتصال بين البشر ، اصبح تواصل الأطباء مع المرضي عن طريق الواتس اب فقط ،لعدم وجود وقت لدي الطبيب للرد علي المرضي وأقاربهم ،نظرا لانشغال الأطباء بسبوبة التعاقد مع أكثر من مستشفى خاص وحكومية لعمل عمليات ،ربما غير ناجحة في معظمها ،نتيجة عدم الدقة لأجل تشغيل العيادة الخاصة التي يمتلكها علي جنب كده ،وهي المكان الذي يدعو إليه بعض من مرضاه إليها وهي بالمئات وربما بآلاف جنيهات،دون مراعاة لظروف الأسرة أو أي حالات إنسانية ولكن المهم فقط هو كسب المال وإخراج كل ما في جيوب المواطنين من أجل إجراء كشوفات دورية عليهم بالعيادة مدفوعة يطلقون عليها مجازا – استشارة – ،بالرغم من أن النتيجة تكون في الغالب واحدة ،ولأن المواطن في الغالب بيكون مش فاهم ،بطبيعة الحال لأنه ليس طبيبا ،فلا يجد مفر من أن يستجيب للطبيب ويدفع الكشف أو الاستشارة أو اي مبلغ يطلبه الطبيب تحت مسمي من مستلزمات العملية ،وربما تفاجيء به يتصل بك قبل العملية بساعات ويبلغك بأن هناك مبلغ إضافي لاتحتاج العملية لكذا وكذا ،وانت لا تعرف كذا أو كذا ،فتضطر الي الاستجابة له ،مثلما حدث مع زوجتي ،فاصبح الطبيب مثل التاجر لا هم له سوي جمع المال بأي طريقة دون مراعاة النواحي الاجتماعية والإنسانية للمرضي ،وهو ما جعله يطلق العنان لتطبيق الواتس اب لكي يتعامل معنا كمرضي ومواطنين ،ساقنا القدر لكي نكون تحت إشراف الطبيب المعالج المتحكم في الواتس والذي غالبا لا يرد علي الهاتف بسبب وجوده في عيادته الخاصة أو مستشفي خاص او حكومي يعمل بها عملية أو متعاقد معها ،وهو ما جعل الحالة الصحية العامة للناس في تراجع ،فلك أن تتخيل أن مريض ممكن يصرف نصف مليون جنيه تكاليف علاج ،واخر ربع مليون ،بينما الفقراء الذين لا يستطيعون شراء الطعام الأساسي لهم اصلا، فكيف عليهم بتكاليف الكشف المبالغ فيها ،فنجدهم يمتنعون عن ذلك تماما حفظا لماء الوجه!!

بسبب الأوضاع ديه والتي هي بعيدة تماما علي رقابة نقابة الأطباء ووزارة الصحة ،أصبح بعض الأطباء يتعاملون كتجار يتجهون الي التربح السريع لشراء احدث موديل سيارات وفيللا سكنية وأموال في البنوك وسياحة كل سنة في خارج مصر ! وهو ما جعل بعضهم بعيدا عن الانسانيات ويتعاملون كرجال البيزنس وليس كبني اميين ،من ملائكة الرحمة كما كان يطلق عليهم من قبل !

بعضهم، يطلب مثلا ٥٠ الف أو ١٠٠ الف جنيه مصنعية أو عمل يديه في إجراء العملية دون تكاليف ومستلزمات العملية والتي تفوق تكليف مصنعية الطبيب مع المريض !

أعتقد أن نظام الطب والعلاج والمرضي في مصر ليس له مثيل في أي دولة من الدول الفقيرة والغنية ، فالمبدأ الأساسي المعمول به في معظم دول العالم علي اختلافها هو احترام المريض ومراعاة النواحي الإنسانية اولا والمقابل المادي في نهاية الأمر ،بمعني أن الطبيب في الخارج هو انسان اولا ،ثم بعد ذلك طبيب معالج ،ولكن الأمر عندنا يختلف ،فهو طبيب يطلب الاجر المرتفع والتكاليف اولا دون محاولة لتبسيطها ،ولا تجد إنسانيته بعد العملية علي الإطلاق بل يتحول الي ذئب يبحث عن فريسة أخري لكي يلتهمها وكأنه يريد أن يمرض جميع الناس لكي يستمر هو في الكسب والتربح!

قد رأيت حالات بأم عيني تصرخ وتبكي لعدم المقدرة علي العلاج ، والذين يتجهون الي المستشفيات الحكومية يجدها لا تسر اي انسان بسبب الإهمال والقذارة والازدحام وعدم وجود أي مستلزمات طبيبة الا قليل ،وبضطر المريض وأهله لشرائها من الخارج ويضاف إليه شراء اشياء أخري كدعم مثل ورق طباعة أو دواء معين أو حقن وسرنجات إضافية !!

وعندما يذهب الي اي طبيب في عيادة يدفع علي الاقل ما بين ٥٠٠ الي ١٥٠٠ جنيه رسوم كشف وبعد اسبوع مثلا في الاستشارة يدفع ما بين ٢٠٠ الي ٥٠٠ جنيه رسوم استشارة ،فيجد الطبيب يبتسم له ويطمئنه ثم ينصرف المريض ولديه احساس بالأمانة دون أن يفهم شيء !

أعتقد أن دور نقابة الأطباء غائب عن ممارسات بعض الأطباء ضد المواطنين وهو سبب عزوف المرضي عن الكشف والذهاب للمستشفيات والمراكز الصحية بسبب ارتفاع سعر تذكرة الكشف وغياب تام للدواء وبعض مستلزمات العلاج لها ،فاين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي من الوضع السيء لمستشفيات الجامعية والحكومية واين نقابة الأطباء واين دور لجنة الصحة بمجلس النواب ،الذين لابد أن يقفون وقفة واحدة لصالح ملف صحة المواطنين وضبط سعر تذاكر كشف الأطباء والقضاء علي ظاهرة التراسل بين الطبيب والمريض بالواتس اب ،حتي تعود الصحة الي مكانتها المعهودة من قبل ،مثل قول الشاعر : قول للزمان يرجع يا زمان !

زر الذهاب إلى الأعلى