د.عاطف كامل يكتب: النظم البيئية المتوازنة
مقالة علمية
إن التنوع البيولوجي يعد جزءا من أساس كل أشكال الحياة على الأرض وفقدان التنوع البيولوجي يعني فقدان الخدمات الحيوية التي تعتمد عليها المجتمعات وكذلك النظم البيئية البرية والبحرية تمتص الكربون وتساعدنا في الحد من آثار تغير المناخ التنوع البيولوجي هو تنوع الحياة على كوكب الأرض. هذه الشبكة من الكائنات الحية هي نسيج الحياة، فهي التي تقوم بتنظيف المياه التي نشربها، وتلقيح محاصيلنا، وتنقية الهواء الذي نتنفسه، وتنظيم المناخ، والحفاظ على خصوبة تربتنا، وتزويدنا باألدوية، وتوفير العديد من العناصر األساسية الالزمة للصناعة. حيث تقدم النظم البيئية خدمات بالغة األهمية والتي تحافظ على نظام دعم حياتنا. عندما ندمر التنوع البيولوجي، فإننا ندمر هذا النظام، وكأننا نقطع الغصن الذي نجلس عليه. إن النظم البيئية المتضررة تعتبر أكثر هشاشة وذات قدرة محدودة على التعامل مع األحداث المتطرفة والأمراض الجديدة. وعلى النقيض من ذلك، فإن النظم البيئية المتوازنة تحمينا من الكوارث غير المتوقعة، وعندما نستخدمها بطريقة مستدامة، فإنها تقدم الكثير من أفضل الحلول للتحديات العاجلة والملحة. ولذلك نحن بحاجة إلى أنظمة بيئية صحية وتنوع بيولوجي ألسباب كثيرة. بالإضافة إلى قيمتها الجوهرية، والأشياء غير المادية التي تجلبها مثل الإثراء الروحي والقيمة الجمالية، فإن النظم البيئية هي الأساس والقاعدة لجميع النظم الإقتصادية والمجتمعات. فهي تشكل البنية التحتية الحيوية التي تدعم ازدهارنا ووجودنا. حيث أكثر من نصف األكسجين الذي نتنفسه يأتي من الكائنات البحرية. تمتص المياه البحرية ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي نطلقها في الغالف الجوي كل عام. علاوة على ذلك، فإن هذه المياه هي أكبر خزان للكربون خلال دورة نشاطه على كوكب الأرض (أكبر 50 مرة من الغلاف الجوي(. ويعد فقدان التنوع البيولوجي أمراً خطيراً. ُويشكل هذا الفقدان العديد من المشاكل التالية:
-مشكلة مناخية، ألن تدمير وإتالف النظم البيئية والموائل أو المواطن يسرع من ظاهرة الإحتباس الحراري
-مشكلة صحية، ألن الطبيعة تعمل على تحسين جودة الهواء والماء والتربة، وتقليل التعرض للملوثات، وتبريد المدن التي نعيش فيها
-مشكلة تجارية، لأن رأس المال الطبيعي يوفر موارد أساسية للصناعة
-مشكلة أمنية، لأن فقدان الموارد الطبيعية، وخاصة في جنوب الكرة الأرضية، يمكن أن يؤدي إلى الصراع .
-مشكلة أمن غذائي ً ، لأن الملقحات والتربة والكائنات البحرية تلعب دورا حيوي في نظامنا الغذائي .
-مشكلة أخلاقية ً ، لأن فقدان التنوع البيولوجي يضر أشد الناس فقرا، مما يجعل جوانب عدم المساواة أسوأ مما هي عليه
-مشكلة مشتركة بين الأجيال، لأننا نسلب أحفادنا الأساس المطلوب لحياة كاملة المتطلبات، ّ.
-مشكلة أدبية، لأننا يجب ألآ ندمر الكوكب الحي.
ولذلك إننا نفقد العالم الطبيعي أسرع من أي وقت مضى … فقد دفعت الأنشطة البشرية الكوكب إلى خطر حدوث الإنقراض الجماعي السادس، مع تعرض مليون نوع من الكائنات الحية لخطر الإنقراض وبين عامي 1970 و2014 انخفض عدد الحيوانات البرية في العالم بنسبة 60% وإن التنوع البيولوجي فوق وتحت الأرض وفي البحر آخذ في التدهور في كل منطقة من مناطق العالم بسرعة غير مسبوقة ًحيث يرتبط هذا الفقدان ارتباطا وثيقا بتغير المناخ، وهو جزء من أزمة بيئية عامة. إن معدلات الإنقراض في جميع أنحاء العالم هي الآن أعلى 1000-100 مرة مما كانت عليه في عصور ما قبل الإنسان. وهذا هو أكبر حدث انقراض منذ اختفاء الديناصورات، حوالي 42% من الأنواع الحيوانية والنباتية البرية ذات الإتجاهات المعروفة قد انخفضت أعدادها خلال العقد الماضي. فإذا ارتفع متوسط درجة الحرارة في العالم بمقدار درجتين مئويتين، فستختفي الشعاب المرجانية االستوائية، مما سيدمر سبل عيش نصف مليار شخص. بالإضافة إلى ذلك، فإن القمامة والتلوث البحري يهددان التنوع البيولوجي للمحيطات بشكل خطير. حيث أن التقديرات تشير إلى أن ما يزيد عن 150 مليون طن من البلاستيك قد تراكمت في محيطات العالم، بينما تتم إضافة ما بين 4.6 إلى 12.7 مليون طن منها كل عام. وبهذا المعدل، يمكن أن تحتوي المحيطات بحلول عام 2050 على بلاستيك أكثر من الأسماك من حيث الوزن. كما تعاني البحار أيضا من ضغوط متعددة ومتراكمة. يوجد الآن أكثر من 400 ً منطقة ميتة في المحيطات حول العالم، ويرجع ذلك أساسا إلى تصريف الأسمدة الذي يدخل المحيطات فضلأًعن أن النفايات البحرية والمواد البلاستيكية لها تأثير مدمر على الحياة البحرية. وتعد الزراعة والحراجة المكثفة والزحف العمراني والتلوث من أكبر الضغوط المسؤولة عن هذا التدهور الحاد في التنوع البيولوجي في العالم والذي يهدد بقاء آلاف الأنواع والموائل الحيوانية، ويعرض صحة الإنسان للخطر.
وفى الختام ستزداد هذه الآثار سوءا إذا لم نغيرعلاقتنا بالطبيعة بشكل جذري حيث يؤدي فقدان التنوع البيولوجي إلى ”سلاسل متوالية للإنقراض“، حيث يؤدي فقدان أحد الأنواع إلى فقدان نوع آخر، ويواجه ما يصل إلى 5 مليارات شخص تلوث أعلى للمياة والتلقيح غير الكافي للتغذية في ظل السيناريوهات المستقبلية لإستخدام الأراضي وتغير المناخ ً. وعندما ندمر النظم البيئية، فإنها تطلق الكربون بدلأً من تخزينه. وتعمل ”حلقات التأثيرات المرتدة“ هذه على تسريع عملية تغير المناخ وتأثيرة الضارعلى الطبيعة بكافة مكوناتها.