م. خالد محمود خالد يكتب : الاحتيال المحرم والوهم المموه ببريق الذهب

منذ آلاف السنين ظل الذهب ملاذًا آمنًا وقيمة حقيقية لا تقبل التزييف. الشريعة الإسلامية وضعت قاعدة واضحة: “الذهب بالذهب والفضة بالفضة، وزنًا بوزن ويدًا بيد”، منعًا للغش والغرر وحماية للثروة.
لكن في السنوات الأخيرة ظهرت ظاهرة غريبة في أسواق المشغولات الذهبية. بعض الشركات العالمية صارت تنتج مشغولات ذهبية مرصعة بفصوص وأحجار، وتروج لها بضمان استردادها بوزنها كاملًا من غير خصم وزن الفصوص. أي أن الحجر – مهما كانت قيمته الحقيقية تافهة – يُحسب كأنه ذهب!
أين الخلل؟
الشركة لا تبيع ذهبًا خالصًا، بل تبيع أحجارًا رخيصة تُسعَّر بسعر الذهب لمجرد أنها تحمل دمغة الشركة.
فاصبح في خزائن هذه الشركات يظل الذهب الخالص فى حوذتها ، بينما يخرج إلى الأسواق منتج هجين يظنه الناس ذهبًا، وهو في حقيقته حجر + ضمان وهمي.
النتيجة: المستهلك يدفع ثمن ما لا يساوي شيئًا، والشركة تستحوذ على الذهب الحقيقي وتسيطر على السوق.
ومن زاوية شرعية فإن هذا التعامل يمثل مخالفة صريحة لقاعدة “لا يُباع الذهب إلا بذهب مثله وزنًا بوزن”. إذ كيف تُحسب الأحجار على أنها ذهب؟ بل هو خلط وتغرير يدخل في باب الاحتيال المحرم.
اما من الزاوية اقتصادية
فإن هذه الشركات لا تُنتج ذهبًا، بل تُحوّل الحجارة إلى ذهب على الورق فقط .
إنها صورة من التلاعب النقدي تشبه طباعة أوراق بلا غطاء حقيقي، مع فارق أن الغطاء هذه المرة هو “اسم الشركة” لا المعدن نفسه.
وبمرور الوقت، تخرج كميات ضخمة من الذهب الحقيقي من الأسواق إلى خزائن الشركات، بينما تبقى الجماهير حاملة “حجارة مغلفة بالذهب”.
الخلاصة
إن ما تقوم به هذه الشركات قد يكون أكبر عملية احتيال في تاريخ تجارة الذهب العالمية؛ لأنها تجمع بين الغش الشرعي والاقتصادي، وتسلب قيمة المعدن من أيدي الناس لتحتكره وحدها. فالذهب يظل بقيمته لو مر عليه الاف السنين اما فصوص الشركة و دمغتها فعمرها لو استمر مائة سنة فمسيرها الى الزوال
فالذهب كان ولا يزال رمزًا للقيمة الحقيقية، لكن حين تتحول الأحجار إلى ذهب بالضمان والدمغة، فلابد أن نرفع الصوت: احذروا… فأنتم لا تشترون ذهبًا، بل وهمًا مموهًا ببريقه!
م. خالد محمود خالد يكتب : الاحتيال المحرم والوهم المموه ببريق الذهب