تحقيقات و ملفات

في اليوم العالمي لمناهضة الختان.. منظمات نسائية :  تشريعات المواجهةلاتكفى والتوعية المجتمعية بداية الحل

كتبت :ميادة فايق

يحتفل العالم اليوم الموافق السادس من شهر فبراير، باليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، تلك العادة السيئة التي تسبب أضرارا نفسية وجسدية للإناث في الصغر وقد تؤدى إلى موتها، والتي أصبحت مجرمة وفق القانون المصري منذ عام 2008، وختان الإناث هو التسمية المعروفة لممارسة البتر الجزئي أو الكلى للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى لأسباب تتعلق بالعادات أو التقاليد الاجتماعية والموروثات.

وتعتبر ختان الإناث قضية محورية في مصر تثور لها كل فترة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، غير أن ضحاياه لا زالوا يتساقطون وآخرهم وفاة فتاة محافظة أسيوط فهى ليست مجرد عملية تؤثر نفسيًا واجتماعيًا على المرأة حين البلوغ وانما هى جريمة يمكن ان تودى بحياتها نظير اعتقادات ومفاهيم خاطئة بأن الختان هو الوسيلة الوحيدة للتحكم فى الغريزة الجنسية لدى الفتاة وهو ما ثبت خطأه علميًا لان المخ هو المسئول عن هذه الرغبة.

ومن المتعارف عليه من الناحية العلمية والطبية أن ممارسة قطع الأعضاء التناسلية الخارجية للمرأة والمعروفة بـ”ختان الإناث”، تشويه للأعضاء التناسلية الخارجية، لما يحدثه القطع من أنسجة متليفة وندبات والتصاقات وأورام، كما ينتج عنه إعاقات مختلفة في الوظائف الحيوية للأعضاء التناسلية مدى الحياة، وعلى المستوى النفسي فتجربة الختان ترسخ في ذاكرة أغلب النساء كذكرى مريرة وقاسية، تصفها أغلبهن بـ”اليوم الأسود”، وهى بمثابة رسالة سلبية للمرأة في سن مبكرة في الطفولة بأنها كائن لا يستطيع ضبط رغباته الجنسية بوازع من ضميره ودينه، مما يرسخ لديها أفكار وصور نمطية غير إيجابية

وأكدت المحامية رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث ومسئول ملف المرأة والنوع الاجتماعي، على أن المادة 242 مكرراً ” أ “، المضافة بذات القانون والتي  قررت عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثي وتم ختانها بناءً علي طلبه، وكذلك المادة “10” من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب، وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007، الصادر بتاريخ 28 /6 /2007  والذي يحظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أي قطع أو تسوية أو تعديل لأى جزء طبيعي من الجهاز التناسلي للأنثى “الختان” سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية أو غيرها من الأماكن الأخرى.

وأضافت عبده أن مثل هذه الوقائع تكشف وبما لا يدع مجالا للشك أن هناك حالة من الخطورة التي تواجهها الدولة في محاربة عدد من الموروثات والعادات المغلوطة، والتي تنتقص من حقوق المرأة، على الرغم من أن الدولة المصرية ممثلة في قيادتها السياسية الرشيدة لا تدخر جهدا في مسار تعزيز ودعم حقوق المرأة والطفل بها، وهو ما يمثل نقله نوعية في مجال الارتقاء بحقوق النساء بالداخل المصري، إلا أنه على الرغم من هذا الدعم السياسي الذي تكفله الدولة المصرية لحقوق النساء، وتوافر الإرادة السياسية الداعمة لحقوقهن لدى متخذ القرار المصري، مازلنا نواجه حربا شرسة مع عدد من الموروثات الثقافية والدينية والاجتماعية والتربوية المغلوطة.


وأكدت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة أنه على الرغم من تشديد عقوبة الختان لتصل إلى الجناية، إلا أن القانون حبر على ورق، ولأن تنفيذ القانون لا يتوقف عند بلاغ للشرطة، وإنما يتوقف على شركاء عدة لا يقوم أيا منهم بدوره.

وتساءلت أبو القمصان عن موقف نقابة الأطباء من عملية الختان، لم تعلن بيان موقف وعندما تطلب منها النيابة الرأي، هل تدين الطبيب أم حسابات الانتخابات أكبر، وما موقف وزارة الصحة وهل يوجد سياسة منهجية واضحة في المستشفيات للتوعية والمواجهة لهذه الجريمة المميتة، هل صدر قرار من الوزيرة بإحالة أي حالة يتم اكتشافها للتحقيق حتى بعد مرور فترة، فالختان جناية لا تسقط بالتقادم، بموجب المادة 242 مكرر من قانون العقوبات، فقد تم تعديل القانون في 2016 وبموجب هذا التعديل تحولت من جنحة إلى جناية يحاكم فيها الطبيب وبطل الجريمة والد الطفلة، وأصبحت من الجرائم التي يعاقب على مجرد الشروع فيها إذا وقفت عند هذا الحد ولم تكتمل هذه الجريمة، ولا يجوز التصالح فيها.

وطالبت أبو القمصان وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بالتوقف عن الخوف من الإسلام فوبيا وتعليم أبنائنا أن العفة ليست في الختان بل في التربية الحسنة، والتي يجب أن تدرس من الآن بدلا من دفع بناتنا الثمن.

وطالبت القمصان بسرعة الفصل في مثل تلك القضايا وإصدار أقصى العقوبة حكم حتى لا نترك المواطنين على عادات آبائهم ولتذهب دولة القانون للجحيم.

أكد رضا الدنبوقي المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية ان ختان الاناث مخالفة لقانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ ، المعدل بالقانون ١٢٦لسنة ٢٠٠٨ ، و المادة (٢٤٣) مكرراً من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨لسنة ١٩٣٧ ” المستبدلة بالقانون رقم ٧٨ لسنة ٢٠١٦ ، والتي قررت عقوبة السجن من خمس إلي سبع سنوات لكل من قام بختان لأنثي ، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو أفضي ذلك الفعل إلي الموت والمادة ٢٤٣ مكرراً ( أ ) ، المضافة بذات القانون ” التي قررت الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثي وتم ختانها بناءً علي طلبه

و كذلك المادة ( ١٠ ) من القانون رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ في شأن مزاولة مهنة الطب ، وقرار وزير الصحة رقم ٢٧١ لسنة ٢٠٠٧، الصادر بتاريخ ٢٨/٦/٢٠٠٧ في شأن حظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أي قطع أو تشويه أو تعديل لأي جزء طبيعي من الجهاز التناسلي للأنثى (الختان) سواء تم ذلك في المستشفيات الحكومية أو غيرها من الأماكن الاخري.

وطالب الدنبوقي النائب العام بمباشرة التحقيقات في الجناية رقم ٥٧٨ لسنة ٢٠٢٠ إداري منفلوط وأعلان نتائج التحقيق للرأي العام وتأتي تلك الواقعه قبيل ايام قليلة من احتفال العالم باليوم الدولي لمناهضة ختان الإناث في السادس من فبراير من كل عام.

بينما ناشدت هالة عثمان رئيسة مؤسسة عدالة ومساندة بالسعى لاصدار قانون يلزم الوالدين بكتابة اقرار عند استخراج شهادة الميلاد الفتاة ينص على تعدهما بعدم اجراء عملية ختان لابنتهما بالإضافة الى توقيع الاطباء على اقرار مماثل يلزمهم بعدم اجراء مثل تلك العمليات

وأكدت عثمان ان الندوات  والحوارات المجتمعية لا قيمة لها فى حال ظهور احد الشيوخ على وسائل الاعلام أو على احد المنابر بالمساجد ليقول ان الختان وسيلة للحفاظ على عفة الفتاة .

وأشارت إلى ان الختان لم يقتصر على الفتيات الصغيرات فحسب  فهناك نساء متزوجات يتعرضن لهذه الجريمة  من قبل ازواجهن لاسباب مختلفة من ابرزها سفر الزوج للخارج واجراء الختان لزوجته نظراً لتركها بمفردها لمدة زمنية طويلة واعتقاده بان العملية ستقلل من رغبتها الجنسية.فى غيابه وستحافظ على عفتها. وهو ما يعد اكبر اهانة للمرأة.

وارجعت ذلك أنه لم يحدث تغييرًا إيجابيًا في الحد من نفوذ المجتمع الأبوي الذي يمارس سلطاته ضد النساء، ويشكل الهيكل الاجتماعي للمجتمع أن الأب هو صاحب المسئولية الأولى في تحديد مصلحة الأسرة، وهو من يملك السلطة على أفعالها بما فيها الحرية الجسدية لنسائها.

وأضافت أن الحل الامثل للحد والقضاء على ظاهرة الختان في مصر يحتاج إلى العمل على رفع مكانة المرأة في المجتمع، وإرساء أسس المساواة بين الجنسين في التنشئة والتعليم والقانون والإعلام وغيرها من مناحي الحياة، مؤكده أننا لو نجحنا في عمل ذلك نستطيع أن نفرز مجتمع خالِ من ختان الاناث.

وأشارت إلى أن مشاركة المرأة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكسر الصور النمطية والأدوار التي تميز الرجال عن النساء هو الذي سيرفع من شأن النساء وسيخرج قيمة المرأة من جسد يتحكم فيه الرجال إلى إنسانه لها كامل أهليتها.

ومن جانبها اكدت الدكتورة عزة العشماوي الاأمين العام المجلس القومي للطفولة والأمومة على التعديلات المطلوب إدخالها على القانون الجديدوهى تعريف وتحديد ختان الإناث داخل النص القانوني، تجريم فعل ختان الإناث والشروع فيه . ” حتى يكون للقانوني دوراً وقائياً”، تشديد العقوبة إلى السجن المشدد ، باعتبار فعل ختان الإناث يتسبب عنه عاهة مستديمة لا يمكن البراء منها ، وباعتبار أن هذا الفعل في أغلب الاوقات يتم من شخص بالغ على طفل ” وطبقا لقانون الطفل ينبغي مضاعفة العقوبة إذا تمت من بالغ على طفل”

و إذا نتج عن ختان الإناث وفاة المجني عليها تكون العقوبة السجن المؤبد ، باعتباره ضرب أفضى إلى موت مع سبق الإصرار.

واشارت الى ان تغليظ العقوبة على ختان الإناث يكون مع عدم الإخلال بأي عقوبة ينص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه كل من شارك أو قام بجرح أو قطع أو أستئصل جزء أو كل الأعضاء التناسلية الخارجية لأنثى بغرض إجراء ختان الإناث، أو شرع في ذلك.

فإذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد، وإذا نتج عن هذا الفعل وفاة المجني عليها تكون العقوبة السجن المؤبد

 

زر الذهاب إلى الأعلى