الدكتور فتحي حسين يكتب : كورونا وش الخير !
جاءت نتائج الثانوية العامة هذا العام مبهجة وسعيدة ، وأدخلت الفرحة في معظم البيوت المصرية بعدما وصلت نسبة النجاح العام الي ٨١.٥% وفقا للتصريحات الرسمية،
ووصل أعداد الذين حصلوا علي مجاميع فوق ال90%الي أعداد كبيرة تفوق السنوات الماضية بكثير وهو ما ارجعه البعض -وانا منهم – الي وجود ازمة كورونا أو فيروس كوفيدا ١٩ الخطير الذي كانت له تداعيات كبيرة علي الاقتصاد والمعيشة إلا أنه ساعد علي تحقيق عدد من الإيجابيات منها انها قضت علي ظاهرة الدروس الخصوصية التي ظلت شبحا يواجه الأسرة المصرية ويسبب لهم القلق والتوتر ويستنزف منهم أموال طائلة تقدر بالمليارات الجنيهات والتي تذهب الي جيوب المدرسين خاصة بعد ارتفاع الأسعار وتجبر المدرسين في تحديد سعر الحصة الواحدة لتصل إلي الف جنيه لبعض الأسر الميسورة!
علي اي حال فقد ساعدت كورونا الطلاب الاعتماد علي أنفسهم في تحصيل الدروس والمواد الدراسية وايجادتها والتركيز فيها بعمق والمذاكرة بجدية ، ليس هذا فحسب بل اعطاهم الوقت الكافي للمراجعة والتركيز بعدما كان اوقاتهم مهدرة في الذهاب والاياب من المجاميع والدروس الخصوصية مما كانت تسبب إهدار الساعات واليوم في حضور هذه الدروس والمجموعات الخاصة مما قد لا يجدوا الوقت الكافي للمذاكرة ،
والأمر الثاني وهو اعتماد الطالب علي نفسه وتنمية آلية ومهارة البحث لديه عن المعلومات والبيانات، سواء في الكتب والمراجع المختلفة أو في البحث في الانترنت والتواصل مع الزملاء والمشاركة معهم في التحصيل والمذاكرة عن بعد وهو ما خلقته أزمة فيروس كورونا بالإضافة إلي أن تلك الظروف دفعت وزارة التعليم الي تحديد أجزاء بعينها للامتحان بها وليس المنهج كله ومنح كل طالب درجات رأفة إضافية علي مجموعة، فضلا عن تيسير اجراءات الامتحانات في ظل وضع إجراءات احترازية لمنع إصابة الطلاب بالفيروس ومنح الطالب فرصة للاختبار في الأيام الأخري إذا شعر بتعب أو مرض وهو ما أعطي فرصة كبيرة لعدد كبير أن يستفيد من الوقت المسموح لهم في اتمام الامتحان بتفوق ، ناهيك عن إعطاء الفرصة للطلاب أن يأخذوا بعض الامتحانات لمواد معينة المنزل ويسلمونها في اليوم التالي !
لذا فهذا العام كانت كورونا وش الخير علي طلابنا في الثانوية العامة لأن كل الظروف – علي غير المتوقع- كانت في صالحهم وان من لا ينجح في الثانوية العامة في زمن كورونا فمتي ينجح اذن!! وكأنه كورونا تقول للطلاب” تفضلوا انجحوا نظرا للظروف التي خلقتها لكم دون قصد أو تعمد !!
واذا اعددنا فضائل كورونا علي التعليم ستجدها كثيرة بلا شك ولعل أبرزها أنها خلقت لدي الطالب غريزة حب العلم والاستزاده منه والبحث فيه وعن المعلومات بجهده فقط والتأكد من صحتها بدلا من الحفظ والتلقين الاعمي لطلابنا والذي كان يخرج جيل من الجهلاء و الحفيظة أو الذين يحفظون دون فهم ! الأمر الآخر أنها دعمت آلية التعلم الالكتروني بشكل كبير وهو أسلوب متبع في الدول المتقدمة ،وكذلك الاختبار الالكتروني عبر أجهزة التابلت والمحمولة وهو أمر كان يبدو صعب لنا في البداية وربما غير مقبول من البعض وربما أمر سمج لدي البعض الاخر ، فدخلت بذلك مصر عصر التعلم الالكتروني بالياته وأدواته المختلفة والمتقدمة والمطلوبة لهذا العصر واستحضرت أيضا آلية التعلم عن بعض والحصول علي دوارات تدريبية إلكترونية في كافة المجالات لتنمية المهارات الطلابية وتوسيع الافق والتفكير المحدود لدي الطلاب وهو أمر ضروري حتي نخلق أجيال مفكرة ومبتكرة وليست اجيال تربت علي الحفظ والتلقين بالمدارس والدروس الخصوصية ومنح اجابات بعض الأسئلة للحفظ وكتابتها في الامتحانات فقط ثم الحصول علي مجاميع تفوق ال١٠٠% كأن يحصل الطالب علي ١٠١% !
نتمني أن نتعلم من ايام كورونا الصعبة في التعليم ولا نستهين بهذا الأمر ولا نجعل الحضور شرطا للحصول علي الدرجات وانما الأهم هو الإنجاز وتقديم المشروعات الطلابية البحثية خلال العام التدريسي وفي نهاية العام كما كان مطروح واتمني أن نقلص حضور التلاميذ للمدرسة خاصة الابتدائي فلا يصح أن فصل فيه ١٥٠ طالبا يكون الحضور يوميا في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا وهذا العدد لا يمكن لأي تلميذ في ثانوية أو إعدادية أو ابتدائي أن يتعلم بشكل ادامي ويخلق جيل من المتعلمين الاصحاء ، فلا نزال لدينا الكثير من السلبيات في التعليم وجاء كورونا لتسليط الضوء عليها وإيجاد المخرج لها , فهل نحن مدركون لها؟!