آراء

د. فتحى حسين يكتب : غرامات الرسوب نهاية لمجانية التعليم !

ربما جاء مشروع القانون المقدم من وزارة التعليم العالي بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بفرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة ، للقضاء على الوساطة والمحسوبية والترهل في القطاع التعليمي الجامعي الحكومي والذي يعاني منه منذ سنوات وربما عقود عديدة ، وسيقضي علي عدد من الظواهر السلبية الاخري في الجتمعات مثل تعمد الرسوب لبعض الطلاب الذين يرغبون في السفر للخارج او الداخل للعمل او تأخير التجنيد او الزواج او العمل في مهن اخري حتي التخرج.

اعتقد ان مشروع القانون في وجهه الايجابي سيتمثل في الجامعات الحكومية لما له من دور في توجيه الدعم الحقيقي للمتميزين و منح الفرص لمن يستحق، و حث الغير لاجتهاد في البحث عن التميز دائما وربما سوف يسيطر علي حالات الرسوب المتكررة في الجامعات وافساح اماكن للطلاب المجتهدين ،

ولكن السؤال ايضا هو ما هي اوجه الانفاق بالضبط التي سيتم توجيه حصيلة الاموال المتحصلة من رسوم الاعادة , وهل ستعود تلك الزيادات على اصلاح حال الجامعات الحكومية وتطويرها, وهل فعلا ستوجه لتطوير العملية التعليمية بالجامعات ام انها ستوجه الي جيوب الموظفين واعضاء هيئة التدريس كحوافز وبدلات ؟

فقد حدد مشروع القانون الحد الأدنى والأقصى لهذا الرسم، ليكون من ( 6 ـ 12) ألف جنيه لكليات الطب البشري وطب الأسنان، و ( 5 ـ 10) آلاف جنيه، لكليات الهندسة والحاسبات على ألا تفرض الرسوم المنصوص عليها على الطلاب الملتحقين بفروع الجامعات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي، و( 4 ـ 8) آلاف جنيه، لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض، و ( 3 ـ 6) آلاف جنيه للكليات والمعاهد الأخرى ونص مشروع في الخارج، أو البرامج الدراسية الخاصة بمصروفات، ويحدد مجلس الجامعة سنوياً المقابل المالي السنوي لتكلفة الدراسة, واعتبره البعض نهاية لمجانية التعليم في بلادنا ولكن الحقيقة غير ذلك وهي رحمة بالاهالي الذين يتكبدون الكثير من اجل دفع المضصروفات الباهظة بالاضافة الي الغرامات الجديدة المقررة وهذا لكل طالب بينما هناك ابناء اخرين في الاسرة الواحدة وهذا ما يسبب مشكلات للكثير من الاسر !

إلا ان مشروع القانون لم ينظر الي الوجه السلبي الاخر وهو ما يتعلق بأحوال الاسرة المصرية التي يضطر بعض ابنائها الي الرسوب كتعرضه للمرض او ظروف السفر او العلاج و لا تستطيع دفع الرسوم خاصة انها تصل الي 12 الف جنيه للسنة علاوة علي مصروفات الكلية نفسه ومصروفات الاقامة والمعاش للطلاب القادمين من المحافظات وربما تحول ظروفهم علي دخول الامتحانات ومن ثم الرسوب ,

وهناك اسر تستدين لدفع المصروفات الدراسية خاصة طلاب طب وهندسة وبعضهم من الفقراء جدا !
والامر الاخر ايضا هو الاوضاع في الجامعات الخاصة والمعاهد العليا وما ادراك ما هي الجامعات الخاصة المنتشرة في المجتمع كانتشار النار في الهشيم و التي لا تقدم –معظمها- تعليما حقيقيا وانما تمارس نوع من التجارة والاستثمار في التعليم وتحصد المليارات لاصحابها من رجال الاعمال والمستثمرين الذين يتم اعفاؤهم من الضرائب تحت مسمي تقديم خدمات تعليمية ! ودون ان تحصل الدولة علي حقها في تلك الاموال التي يتكسبها اصحاب الجامعات الخاصة كل عام من المشروعات الاخري الملحقة بالعملية التعليمية هناك مثل بينزنس الفنادق الجامعية الخاصة والمطاعم والسيارات وبيزنس الكتب ومشروعات التخرج ورسوم التقديم الاخري قبيل بدء الدراسة نفسها !

تمارس الدور الحقيقي في استنزاف اموال الاهالي والاسر والطلاب الذين يلتحقون بجامعاتها بسبب عدم قدرتهم علي دخول كليات يتمنوها ويجدون الملجأ في تلك الجامعات التي تقبل مجاميع ضعيفة في كليات الطب والهندسة وغيرها , وهي جامعات تهدف في الاساس الي الاستثمار والمكسب المادي اولا واخيرا.. ومن ثم سيتعمد بعضها – ان لم يكن معظمها- في ظل هذه القرارات الجديدة لوزارة التعليم العالي الي زيادة حالات رسوب الطلاب بها حتي يمكنها ان تجمع الملايين من الهواء خاصة ان معظم طلاب الجامعات الخاصة يمكنهم دفع هذه الرسوم بسهولة ! وهو امر خطير وجلل , كان لابد ان تنتبه اليه الوزارة التي تشرف علي المعاهد العليا والاكاديميات الخاصة وكذلك المجلس الاعلي للجامعات الخاصة الذي يشرف علي تلك الجامعات الخاصة المملوكة لتجار ورجال اعمال ومستثمرين , لاسيما ان الرقابة ضعيفة جدا علي الجامعات الخاصة ومعاهدها المنتشرة في البلاد !

زر الذهاب إلى الأعلى