منوعات

سميحة احمد حبيب تكتب : آخر رسالة إليه

السلام عليكِ يا من تملكين الروح، وتسكنين القلب، ولا تفارقين العقل و البال. أتعلمين كيف الحال؟ تخطت آلامي أوزان الجبال. أخبرتك كثيرًا أني حالكة دونك، أشتاق لنظرات عيونك. اشتقت إليكِ يا أروع نجمات السماء.

أنتظرك كل مساء، ألن تأتي يا حسناء؟ أجيبيني ألم تشتاقي إليّ؟ بكيت كثيرًا كعلي حين فقد الزهراء.

قلبي به أثقال السنين، عودي كي تحميني خذيني ضميني كنتِ لي جيشًا فلماذا تركتيني؟ هُزمت أمام الآلام، صعقت قلبي الأحزان، وما عدت أشعر لا بأمن ولا أمان ولا سلام.

يا وردة الياسمين ازداد إليكِ الحنين، رقّ قلبي لرؤية عيناك كي يحظى بالسُكنة و السَكين. أخبريني أمَا كنتِ تؤمنين بأني بلبلك الحزين؟ كيف لي أن أحتمل فقدانك يا كل الأوطان، يا مكمن الأمان و يا ماحية الأحزان.

رافقني البكاء و فضلت الرحيل من ذلك المكان و الإتيان إليكِ يا مريم الزمان. أتيت لموطني هذا وأكتب إليكِ وأنا أمام قبرك أنزف الحروف والكلمات معبرةً عن جُرح يقتلني. أتيت لأخبرك أني لست حزينة ولكني فقدت أسباب الفرح.

كنتِ المغزى من ضحكي و ذهبتِ فصرت أضحك ضحك الخوف، الخوف من تعرية القلب و إظهار فتاته، الخوف من توضيح آلام الفراق التي تشوه فؤادي، الخوف من الإشفاق و الخوف من المواساة. أبتسم كي لا يظهر كسر قلبي و إنحناءة ظهري بعدك أبتسم و أنظر إلى خالقي و السماء قائلةً: أدعوك يا الله أن تُلحِقني بها فأقسم بك أنه لم يأتِ بعدها أي شخص و تحمل كلماتي القاسية في أوقات ضعفي،

لم يتقبل أحد عصبيتي و جنوني و ارتفاع صوتي أو انخفاضه الممزوج بالحزن و الدموع في بعض الأحيان لم يُرِد أن يسمعني أحدٌ ملّ و سئم الجميع مني ولم يتحملني ولو شخص واحد. فبربك أخبريني إن كنتِ تعلمين، لِمَ يحدث بي هذا؟ لِمَ لَمْ تأتي مرة أخري و لو في المنام كما كنتِ تفعلين؟

أريد أن أخبرك بشيء يُحزِنني كثيرًا و يُزيدني احتراقا ألا و هو أن صورتك سئمت هي الأخرى، سئمت من نظراتي الحزينة، و من الاستماع إلى آلامي و ما بداخلي من براكين ناتج ثورات يومية بين حبي إليكِ و اشتياقي. سئمت من كونها تنتمي إليّ.

يحدث في كثير من الأحيان وتترك يدي لتسقط على الوسادة أو إلى أي مكان آخر حيث أشعر وكأنها تأبى الاستماع و لكن أحدثها بكل قسوة و أعاتبها على أفعالك. ثم أضعها بجواري و أطلب منها أن تخبرك عن أشواقي.

لم تزُل رائحة عطرك من أنفي بعد أشعر و كأنك لازلت في عالمي هذا تسبحين في الهواء حولي، أراكِ يوميا في السماء متجسدة في نجم شديد التوهج. ولكن لِمَ يختفي حين يحل الصباح؟ هل مللتِ من أحاديثي الكئيبة أم ماذا؟

أشتاق إليكِ كثيرًا، أشتاق لأحاديثنا سويًا، أشتاق للوقت الذي كُنّا نجلس حينه لمتابعة غياب الشمس. أتتذكرين سؤالي حين قُلت: يا جميلة الشمس نجم كبير و أنتِ نجمة، فهل ستذهبين مثله؟ لِمَ لَمْ تخبريني عن رحيلك؟ لِمَ أجبتي بأنّكِ باقية؟

سئمت من البكاء كل ليلة. تعلمين أني لا أحب الانتظار ولكن سأنتظرك في منامي كل ليلة. سأظل أطلب من خالقنا أن يجمعني بكِ إما في عالمي أو عالمك.

أعتذر عن كون هذه آخر رسالة إليكِ ولكنك تعلمين أن الحزن استوطن قلبي، استعمرني اليأس لذا لا يجب أن أراكِ في هذا البيت مرة ثانية سأنتظرك في بيت السحاب في عالمي و أحلامي أو سأراكِ في عالمك.

yoast

زر الذهاب إلى الأعلى