آراء

وائل الغبيسي يكتب : من يحرس الأسوار؟     

  

فى قرية الشوابكة ساقت قدما منصور رفاعى إلى المسجد الغربى حيث يكثر الصبية الذين اكتظ بهم الحى أو بمعنى آخر الحارة و هم يجرون و يلعبون ألعاب توارثوها جيل بعد جيل. كان الجو عصراً و قلما و فد غريب إلى القرية. جلس منصور يخط الأرض بعوده و يهذى بكلمات: من هنا لغاية هنا.                   

 

 فر كل الصبية لما رأوا الغريب خلا ولد واحد ضخم الهيئة و قد خط وجهه بوادر شارب فى سن يافع. تسلل الصبى خلف الشيخ الغريب و تسمع منه هذه الكلمات. التفت الشيخ ورأى الفتى الذى فر مذعوراً من عينى الشيخ الغريب التى تشبه الجمر. حمل الشيخ متاعه و سار رويداً. لم تمض دقائق حتى وجد الشيخ من يدق كتفيه : يا شيخ … يا شيخ هل أنت من كنت تجلس عند المسجد و تقول : من هنا لغاية هنا.

  

 لم ينظر الشيخ إلى السائل و مضى. عاود الرجل الكلام: أنا أعلم أن المنزل عندى به آثار. نظر الشيخ إلى جبريل – السائل – و قال : كيف عرفت!

 

قال الشيخ: بيتك مرصود يا جبريل. ذهل جبريل و قال: أنا عندى من علمه . شويه فوق و شوية تحت. لم يع جبريل مقصد الشيخ و هم بالامساك به ليفصح له عن معنى ما قاله و لكن ذاب الشيخ فى يديه واختفى كما يختفى الملح إذا ذاب فى الماء.

 

 عاد جبريل إلى زوجته قاصاً عليها ما حدث و استقر أمرهما على نقب أرضية البيت خلسة على أن يعملون بالليل و أن يحرس الأولاد مداخل البيت. استمر الوضع هكذا أسبوع. طال الإنتظار و أصبحت الجدران تترنح تحت ضغط الفراغ الذى أوجده الحفر. ذات ليلة و جدوا ملعقة ذهبية و حاروا فى أمرها. استقروا أن يدفنوها فى خشب السرير القديم الذى ورثه من جده الأكبر.

 

مرت أيام و ليال و لم يجدوا شيئاً. فجأة انهار جدار و أحدث ضجه و امتلأ البيت بالناس واصبح السر محكاة على الأفواة فى الليل فى القرية

 

حضر كبير عائلة البداروة و كبير عائلة الهراس خفية فرادى و التقوا بجبريل. قال سليل كبير عائلة البداروة: نحن معك نؤمنك و نحفظ سرك. امض فى حفرك وسوف اكذب خبرك و انت تعلم اننى مصدق بحكم عملى فى المحليات. هز جبريل رأسه نافيا الخبر فابتسم سليم: لا تخف شيئاً فالكل يعلم الآن و لا حل لك إلا ما قلت. و هم بالإنصراف. فى الليلة التالية قدم كبير عائلة الهراس و قال نفس الكلام.  

 

حضر عمدة القرية و المهندس مرزوق المقاول الكبير و رئيس مجلس القرية حتى فوجىء جبريل ذات يوم بالضابط رئيس النقطة فأوجس خيفة . طمأنه رئيس النقطة أنه ما جاء لشر فاطمأن جبريل بعض الشيء خاصاً وأن الضابط قد عاين أعمال الحفر. قال الضابط: لأول مرة تلاقى ضابط هيقول مثلى. احفر و امض ولا تنس نصيبنا فنحن العيون الساهره ههههه. لم ينطق جبريل ببنت شفه فغالب الظن أنه لم تستوعب أذناه ما سمعت لكنه أومأ بالموافقة.

 

 بعد شهر بدأت أعمال التنقيب تؤتى ثمارها و كان التنقيب ظهراً عياناً بعد أن أخذوا العهود واطمأن فؤادهم. عثروا على الكراسى والتماثيل الصغيرة. كان جبريل لئيماً مثل زوجته إذا عهدا إلى بنتهم الكبرى أن تخفى نصف الثروة ليلاً فى أحد الحقول. عثروا عليها قتيلة ذات ليلة إذا كان يرقبها علج من أهل القرية و قد رصدها و سطا على الغنيمة. لم يستطع والداها أن يتهموا أحداً بقتلها إذ أنهم مطالبون بالإجابة على أشياء ستوردهم المهالك.

  

ذات مساء بينما كان جبريل خارجاً من المنزل حاملاً رأس قط ذهبى إذ انهار البيت على من فيه و كانت بقية أسرته. رمى ما بيده و هرع إلى الداخل فناله ما نالهم و قدم الخلق يشاهدون المأساة و هم يضربون كفاً بكف. 

 

– الأحداث من وحى خيال الكاتب و ليست لها صلة بالواقع

بقلم المبدع : وائل الغبيسي

زر الذهاب إلى الأعلى