آراء

عبدالعظيم القاضي يكتب : سيد الانتقام

من اسهل مايمكن في الحياة الدنيا الاساءة للاخرين ورؤية دموعهم ومن اصعب مايمكن ادخال السرور والبهجة فى نفوس الناس ، واذا كان جرح المريض يطيب سريعا بالعلاج فان هناك جروح يصعب تداويها ويعجز الحكماء عن علاجها وهو جرح القلوب والمشاعر ، فاذا اساء اليك انسان وتطاول عليك بلسانه فلا تقابل الاساءة بمثلها ، ولا تتبع الامثلة الخبيثة التي تنتشر بين الناس بقولهم العين بالعين والسن بالسن والبادى اظلم ، ولكن تذكر قول نبيك ومصطفاك حينما قال ” لاضرر ولاضرار ”

والمعنى البسيط لهذا الحديث ان الضرر ان تضر انسانا لم يضرك ولم يصل اليك منه ضرر قط ، والضرار معناه ان لاتقابل الاذى بالاذى ، فلا تثأر لنفسك فهناك من هو مكلف بالرد عنك من ملائكة الرحمن ،

فلا تقابل الإساءة بالإساءة ، بل أصمت وأمضى فى طريقك ، وتحمل مرارة الألم ، حتى لا تجارى السفهاء حماقتهم ، فالصمت سيد الإنتقام والتجاهل صدقة جارية على فقراء الأدب !
ولأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة ففي العفو لذة لا نجدها في الانتقام.

ويحضرنى قصة فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم تجسد معنى العفو الحقيقي والاعتراف بالخطأ من الجانب الاخر ،فذات مرة حدث خلافا فى الرأي بين ابي ذر وبلال
علي امرا ما عندما تبادل العشرات من الصحابة الأراء حول قضية معينة وادلي فيها ابو ذر برأي لم يحز قبولا لدي كثيرا من الصحابة بل ان سيدنا بلال تحدث عن عدم صوابة فما كان من ابي ذر الإ ان غضب بشدة وخاطب بلال قائلا : ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺗﺨﻄﺌﻨﻲ؟

وهنا غضب سيدنا بلال بشدة وغادر المجلس متعهدا برفع امره إلي الرسول قائلا : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻷرفعنك ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﻐﻴﺮ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ ثم رد علي أبي ذر قائلا ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺫﺭ، ﺃﻋﻴﺮﺗﻪ ﺑﺄﻣﻪ؟! ﺇﻧﻚ ﺍﻣﺮﺅ ﻓﻴك ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ،وهنا لم يجد ﺃﺑﻮ ﺫﺭ الإ البكاء وقال ﻳﺎﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻲ ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﺑﺎﻛﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ وأتى ابو ذَر ﻭﻭﺿﻊ ﺧﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ وقال ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻼﻝ ﻻ ﺍﺭﻓﻊ ﺧﺪﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﺄﻩ ﺑﺮﺟﻠﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻬﺎﻥ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻼﻝ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﺃﻗﺘﺮﺏ ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺪ ﻭﻗﺎﻝ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺍﻃﺄ ﻭﺟﻬﺎ ﺳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺳﺠﺪة ﻭﺍﺣﺪة، ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺎ ﻭﺗﻌﺎﻧﻘﺎ ﻭﺗﺒﺎﻛﻴﺎ ، فهل يعترف احدنا بالخطأ ؟ وهل يقبل الاخر اعتذار المخطئ ام يسعى كل واحد منا للانتقام من الاخر ؟ فقد يكون الصمت عن رد الاساءة سيد الانتقام !
Yoast

زر الذهاب إلى الأعلى