د.فتحي حسين يكتب: لا لخصخصة صحة المواطنين !
الصحة هي تاج علي رؤؤس الاصحاء ، و اغلي ما يمتلكه الإنسان علي وجه الارض وبدونها تنعدم الحياة نفسها ،وهذا الكلام لا يختلف عليه أحد.
وفكرة بيع او تأجير المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص او المستثمرين سواء محليين أو أجانب ، بالرغم من أنها فكرة جيدة في شكلها العام إلا أنها غير مقبولة لدي معظم المواطنين في واقعها المعايش الذي يشير إلي الارتفاع الكبير في أسعار العلاج نفسه ،فضلا عن ارتفاع سعر الدواء واختفاؤه من الأسواق ،وهو ما يهدد حياة المصريين الذين ربما لا يجدون الدواء الخاص بهم ،خاصة أصحاب الأمراض المزمنة وقد يتوفون بسبب ذلك . علي كل حال ،ففكرة ادخال الجانب الاستثماري في المستشفيات الحكومية موجودة ومعمول بها ، في بعض المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الأوقاف مثل مستشفى الدعاة بمصر الجديدة والتي وجدت فيها علاج استثماري خمس نجوم وكانك تتعامل مع شرائح أجنبية وليست مصرية ،بالرغم من كون المستشفى حكومي تابعة لوزارة الأوقاف ،إلا أنها تتعامل بشكل استثماري غالي القيمة بدرجة كبيرة ،فمثلا قمت بتنضيف جرح في القدم تكلفت أكثر من ٤ آلاف جنيه ،في أقل من ربع ساعة !!
وهذا بطبيعة الحال لا يرضي وزير الأوقاف الجديد أسامة الازهري.
وقيس علي ذلك عدد كبير من المستشفيات الحكومية التي بها جزء استثماري كبير ،تمارس ضغط كبير علي المواطنين!
والبداية كانت عندما اعتمد الرئيس السيسي القانون رقم 87 لسنة 2024 الخاص بـ”منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، بحسب ما نشر في الصحيفة الرسمية ، من دون أن تسري الأحكام على مراكز ووحدات الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة، وعمليات الدم وتجميع البلازما الخاضعة لأحكام قانون تنظيم عمليات الدم وتجميع البلازما لتصنيع مشتقاتها وتصديرها رقم 8 لسنة 2021.
و الحكومة من جانبها تدافع عن القانون نظراً إلى ضعف الإمكانات المتاحة لوزارة الصحة بينما يقابل برفض نقابة الأطباء والحقوقيين ويثير مخاوف من تضرر المرضى.
ويبلغ عدد المستشفيات في مصر 1798 مستشفى تضم 121617 سريراً إلى جانب 5424 منشأة صحية ومركزاً إلى جانب وجود 1565 سيارة إسعاف، وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2022. ومما لا شك فيه ان ضعف الإمكانات المتاحة لوزارة الصحة لتقديم الخدمات الملائمة طبقاً للمعايير الموضوعة، ودور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات إلى جانب وزارة الصحة ،ولكن زيادة أسعار الخدمات والعلاج بمبالغ طائلة لا تسمح إمكانيات المواطنين أن يدفعها في مستشفى حكومي ذات طابع استثماري ،لابد من وقفة هنا لها ،نظرا لعدم قدرة غالبية المصريين على الحصول على الخدمات الصحية المدفوعة بعدما كانت حقا مجانيا تكفله الدولة. للمواطن! والسؤال هنا ايضا ما هي الضمانات الكفيلة بحفظ حقوق العاملين في المستشفيات الحكومية ،وكان من الأجدى على الدولة منح المستثمرين حزمة من الحوافز، لتشجيعهم على بناء مستشفيات جديدة للعلاج ، لدعم الإمكانات الصحية في مصر، لخدمة آلاف المرضى من المواطنين في مناطق لا توجد بها مستشفيات اصلا ، ودعم القطاع الأهلي والخاص لتطوير منشآته وتحمل مسؤولياته في تقديم الخدمات الصحية إلى جانب المنشآت الحكومية!!
كما أن القانون أوجب علاج 70 في المئة من المرضى بشكل مجاني عبر التأمين الصحي، بينما الـ30 في المئة المتبقية سيدفعون لقاء حصولهم على الخدمة من دون مغالاة، وهذا الأمر متعارف والجميع يعلمه!
علاوة علي ان الدستور المصري في نص المادة (18) الزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن ثلاثة في المئة من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجاً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وكذلك بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض.!
نحن لسنا ضد الاستثمار في المجال الطبي سواء المصري أو الأجنبي، ولكن مع إنشاء مستشفيات جديدة وإضافة أسرة، لتضيف للمنظومة الصحية بالكامل، لكن مع حفظ حق المريض في الحصول على خدمة طبية بسعر متاح تحت نظر الحكومة وليس المستثمر الأجنبي أو المحلي!
وهذا ما يدعونا الي التفكير كثيرا في عدم اللجوء إلي خصخصة المستشفيات الحكومية ،حتي يجد المواطنين الفقراء وما أكثرهم العلاج بقدراتهم المحدودة وليس بمبالغ طائلة كما في واقع مستشفى الدعاة الحكومية التابعة لوزارة الأوقاف،الا الصحة والعافية ،لانها الطريق لتقدم المصريين إذا توفرت لهم صحة وعلاج جيد بجانب التعليم والزراعة ،ربما نسير بعدها في مقدمة الامم ،ارحموا من الأرض يرحمكم من في السماء!