آراء

يوسف عبداللطيف يكتب: مؤسسات الدولة ميزان دقيق وبوصلة الامن والاستقرار

مؤسسات الدولة ليست مجرد مبان او هياكل ادارية بل هي روح وطن تراكمت عبر عقود من التضحيات والصدامات والتحديات وهي الميزان الدقيق الذي يحفظ بوصلة الامن والاستقرار وسط عالم مضطرب لا يعترف الا بالقوة المنضبطة والعقل الرشيد ومن هذا المنطلق لا يمكن قراءة ما تروج له الصفحات المغرضة بعين السذاجة او الانفعال لان الوعي هنا فعل وطني قبل ان يكون موقفا سياسيا

ما جرى تداوله اخيرا عن واقعة داخل احد الاقسام لم يكن سوى محاولة خسيسة لزرع الشك بين جناحي الوطن الاكثر تماسكا الجيش والشرطة تلك العلاقة التي صمدت امام النار والدم في احلك لحظات التاريخ الحديث ولم تنكسر حين كان الارهاب يطرق الابواب ويحاول تفكيك الدولة من الداخل ان تصوير المشهد وكأنه صدام نفوذ او كسر هيبة هو قراءة مبتورة لا ترى الصورة الكاملة ولا تدرك طبيعة الدولة التي تعلمت من دروس الماضي جيدا.

في لحظات الارتباك تختبر الدول لا في قدرتها على اخفاء الازمات بل في كيفية ادارتها وهنا يظهر الفارق بين دولة تمتلك مؤسسات راسخة ودول تدار باهواء مؤسسات الدولة.. في مصر لا تتحرك بالعاطفة ولا تنجر وراء الاستفزاز بل تضع القانون فوق الجميع وتعيد الانضباط الى مساره الطبيعي وهذا ما شهدناه بوضوح حين تحركت القيادة بحسم دون ضجيج او استعراض فارغ.

الجيش المصري عبر تاريخه لم يكن يوما طرفا في نزاع داخلي بل كان دائما صمام الامان وحارس الشرعية الوطنية والشرطة المصرية تحملت العبء الاكبر في مواجهة الارهاب في الشارع والقرية والمدينة ومن الظلم الفادح ان تختزل علاقة ممتدة من الدم والشرف في روايات مفبركة تكتب بعقول مأجورة لا ترى في الوطن سوى غنيمة

حين نتحدث عن القيادة السياسية فنحن امام مدرسة في ادارة الدولة لا تعرف التردد الرئيس عبد الفتاح السيسي قاد البلاد في مرحلة كان السقوط فيها احتمالا واقعيا فاعاد بناء مؤسسات الدولة على اسس صلبة لا تسمح بالفراغ او الفوضى ودعم بوضوح فكرة الدولة الواحدة التي لا تتصارع فيها الاجهزة بل تتكامل وتخضع جميعها لميزان القانون

وفي قلب هذا المشهد يقف اللواء محمود توفيق نموذجا لوزير يدير وزارة معقدة بعقل مدبر وحسم لا يخطئه المتابع ويمارس ضبط الايقاع الداخلي دون ضجيج بينما يقود الفريق اول عبدالمجيد صقر مؤسسة عسكرية تعرف معنى الانضباط وحدود الدور وتفهم ان قوة الجيش في انحيازه الدائم للشعب والدولة وليس لأي اعتبارات ضيقة.

الربط بين الماضي والحاضر هنا ضروري لان من لا يتعلم من التاريخ يعيد اخطاءه في صورة اشد قسوة.. مصر دفعت ثمنا باهظا حين تهاونت الدولة في لحظات سابقة وتركت المساحات الرمادية تتسع واليوم لا مجال لتكرار ذلك، مؤسسات الدولة تعمل بمنطق الجسد الواحد واي خلل يعالج من الداخل بقوة القانون لا بمنطق الفضيحة او التشهير.

مؤسسات الدولة حين تتحرك لا تفعل ذلك لترضية طرف او استعراض قوة بل لحماية سيادة الدولة وصون الامن القومي وضمان ان يظل السلاح منضبطا داخل اطار الشرعية وهذا ما يجب ان يفهمه كل من يراهن على تفكيك الثقة بين الشعب واجهزته الوطنية.

ان المعركة الحقيقية اليوم ليست واقعة هنا او تسريبا هناك بل معركة وعي ادراك ان الجيش والشرطة ليسا خصمين بل جناحين وان القيادة السياسية لا تدير الازمات برد الفعل بل بالفعل المدروس وان مصر التي عبرت عصور الانكسار قادرة على افشال كل محاولات العبث طالما بقيت مؤسسات الدولة متماسكة وقوية

مؤسسات الدولة ستظل هي الحصن الاخير والامل الاول وحين نفهم ذلك جيدا ندرك ان ما يثار ليس الا ضجيجا عابرا امام دولة تعرف طريقها وتمضي فيه بثبات لا يهتز.

يوسف عبداللطيف يكتب: مؤسسات الدولة ميزان دقيق وبوصلة الامن والاستقرار

زر الذهاب إلى الأعلى