آراء

د فتحي حسين يكتب: جدل فيلم الست.. والهجوم على محمد صبحي

في حادثة أثارت الكثير من الجدل داخل الوسط الفني والإعلامي، تعرض الفنان محمد صبحي لهجوم غير مبرر بعد أن عبر عن رأيه في فيلم “الست الأخير” الذي قامت ببطولته الممثلة منى زكي. الأمر لم يتوقف عند حدود النقد الفني، بل تجاوز ذلك إلى الهجوم على شخصية صبحي وتاريخه الفني الطويل، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود حرية الرأي في القضايا الفنية والاجتماعية و التعبير خاصة النقد الفني ، خاصة حين يمتزج النقد الفني بالمصالح الإعلامية والسياسية.

الفنان محمد صبحي، الذي شكل عبر سنوات طويلة علامة فنية وثقافية في مصر، لم يسبق له أن خضع للضغوط الإعلامية أو السياسية. لكنه اليوم يجد نفسه في مواجهة هجوم حاد من الإعلامي عمرو أديب، أحد أبرز وجوه الإعلام المصري، الذي لم يكتفِ بنقد رأي صبحي، بل تعداه إلى مهاجمة شخصه وإنجازاته. وقد بدا واضحًا أن السبب ليس مجرد اختلاف في وجهات النظر حول عمل فني، بل مرتبط بعلاقات القوة داخل المنظومة الإعلامية، خصوصًا مع قناة ام بي سي مصر التي تمتلكها المملكة العربية السعودية ,

ومالكها المستشار ترك آل شيخ، الذي يبدو أن صبحي لم ينصاع لتوجياته أو للضغط المباشر أسوة بمثلين مصريين اخرين اصبحوا ضيوف دائما علي موائد مدينة الترفيه وموسم الرياض وقاموا بعمل افلام غير لائقة منها الفيلم المصري الذي كان آل الشيخ قد كشف سابقا تفاصيله يحمل اسم “النونو”، حيث قال: “أحمد حلمي هيقدم فيلم النونو، وتدور فكرته حول رجل ينصب على الحجاج والمعتمرين في الأراضي المقدسة”!!

بينما رفض صبحي اكثر من مرة الانصياع لكلامه ودعواته للمشاركة في مهرجان الرياض الثقافي.

هذا الموقف يعيد إلى الواجهة سؤالًا مهما عن استقلالية الفنان في التعبير عن آرائه، وحقه في النقد الموضوعي للأعمال الفنية، بعيدا عن أي تأثيرات مالية أو سياسية. إن حرية الرأي، سواء للفنان أو الناقد أو الإعلامي، يجب أن تكون مصانة، ولا يجوز أن تتحول إلى أداة للانتقام أو التضييق على الرأي الآخر. فالفن بطبيعته مرآة المجتمع، والناقد أو الفنان الذي يطرح رأيا صريحا ليس عدوا لأي جهة، بل هو جزء من الحوار الثقافي والفني الذي يثري المشهد ويحفز التطور والتقدم داخل المجتمعات.

من المؤسف أن يتحول النقد الفني إلى ساحة لصراعات شخصية أو مصالح خفية، وأن يستخدم النفوذ الإعلامي لتوجيه الرسائل، بدلاً من التركيز على جودة العمل الفني ومحتواه. الهجوم على محمد صبحي يذكرنا بأوقات سابقة شهدت تضييقا على حرية التعبير، حيث كان الرأي المختلف يقابل بالتهديد أو التجريح الشخصي، وليس بالحوار البنّاء أو النقد الموضوعي.

محمد صبحي ليس مجرد فنان؛ إنه رمز من رموز الثقافة والفن المصري، صاحب مسيرة غنية بالإنجازات التي شكلت جزءًا من وعي الجمهور وذاكرته الفنية. وهجوم الإعلاميين عليه، لاسيما حين يتخذ الطابع الشخصي، يمثل تجاوزا خطيرا للخطوط المهنية والأخلاقية، ويطرح تحديا للوسط الإعلامي حول مصداقيته والتزامه بأدبيات النقد الموضوعي.

في النهاية، يظل المبدأ الأهم هو حرية التعبير الفني والنقدي، وحق الفنان في أن يكون صريحًا في آرائه، دون خوف من الهجوم الشخصي أو الانتقام الإعلامي. فالمجتمع يحتاج إلى فنانين قادرين على قول الحقيقة الفنية، وإلى إعلاميين ملتزمين بالمعايير المهنية، بعيدا عن أي ضغوط خارجية، ليكون النقد ثقافيا، والفن حقيقيا، والحوار صحيا.!

زر الذهاب إلى الأعلى