آراء

الدكتورة اميرة المهدى تكتب : الخصوصية قوة

في وقتنا الحالي أصبحت الحياة مليئة بالوسائل والطرق التي تمكن الناس من التعرف علي الآخرين بأسرع الطرق وأسهلها ، بضغطة زر واحدة قد تعرف عن شخص ما لا يخطر بباله، طعامه المفضل وأين قضي وقته الليلة الماضية وربما عدد علاقاته السابقة وتاريخه المرضي، كل هذا متاح ومقبول من كل الأطراف فهذا الشخص هو ما أتاح معلوماته الخصوصية ليتمكن الجميع من معرفتها وهذا حق وحرية.

ولكننا نتحدث هنا عن مفهوم الخصوصية الذي تنص عليه المادة (12) من الأعلان العالمي لحقوق الأنسان “لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شئوون اسرته وسمعته، ولكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحالات”.

اقترن مفهوم الخصوصية عبر تطوره في المراحل التاريخية بفكرة الحرية، انت حر فيما تود ان يعرفه الأخرون عنك، ففي عام 1361 م صدر أول قرار قضاىي يجيز أعتقال المتنصتين “ما أكثرهم في عصرنا الحالي “.

قد تستعجب عندما تعلم انه في عام 1765 رفض القاضي الأنجليزي اللورد كاميرون طلب من الشرطة بأقتحام منزل أحد المواطنين ومصادرة أوراقه وكتب في معرض مذكرة القرار “يمكننا القول بثقة بأنه ما من قانون في هذه البلاد يعذر هؤلاء فيما يقومون به وإن كان الأمر كذلك، فأن ذلك سيعصف بكل أسباب الطمأنينة في هذا المجتمع، حيث ان الأوراق هي الأشياء الأعز إلي أنفسنا نحن البشر ” ماذا عن وقتنا الحالي!

ومع مرور الزمن أصبحت الخصوصية هي اعز الحريات ولكن في المجتمعات الديمقراطية دون غيرها، فقد كتب الآن ويست في كتابه عن الخصوصية والحريات عام 1967 م” الخصوصية هي رغبة الأشخاص بأن يختاروا بملء حريتهم الظروف التي يتم بموجبها الكشف عن أنفسهم ومواقفهم وسلوكهم للآخرين”.

أما البرلماني الأنجليزي ويليام بيت فقد ذكر في أحد مقالاته عن حق الأنسان في الخصوصية قائلا “يمكن لأفقر الرجال في هذه البلاد أن يتحدي من منزله كل قوي العرش، قد يكون هذا المنزل هشاً، يترنح سقفه وقد يدخله المطر وقد تدخله الرياح، لكن ملك انجلترا لا يستطيع الدخول إليه، ولن تستطيع كل قواته اجتياز عتبة بابه الآيل للسقوط، هنا تكون الحرية والخصوصية”.

كل تلك الأرهاصات قدمت لما بعدها التشريع للخصوصية كحق مكتسب للأنسان في بيته ووطنه وعلي مستوي العالم، فأين نحن علي المستوي الشخصي الفردي من كل تلك الخصوصية.

فعليك عزيزي القارئ ان تعلم ان من النضج أن تكون شخص ذو خصوصية، وألا يعرفك أي شخص أكثر من اللازم، لأن شعور الندم سئ جدا، عندما تتيح لشخص معرفة كل شيء عنك، ويتضح لك بعد ذلك أنه غير جدير بكل عذه الثقة.

ولتعلم أن الخصوصية قوة، فالناس لا تستطيع تدمير ما لا يعرفونه
صدق القائل ” انت سيد ما تخفيه، وأسير ما تفشيه”
Yoast

زر الذهاب إلى الأعلى