تحقيقات و ملفات

الزيتون والمانجو مثالاً.. تداعيات كارثية للتغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية

كتب- باسم جويلى

تداعيات كارثية للتغيرات المناخية على المحاصيل الزراعة في مصر
تُعد منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا من بين أكثر المناطق عرضة لتأثير تغير المناخ، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وتضاؤل هطول الأمطار، والزيادة البالغة في درجات الحرارة، تصبح الأزمة أكثر وضوحاً، وفقا لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، حذر من أن التغيرات المناخية قد تلقي بتداعيات كارثية على القطاع الزراعي في هذه المنطقة.

وتأتي مصر على رأس الدول التي ستضرر من هذه التداعيات في شمال القارة الأفريقية، بحكم موقعها الجغرافي وطبيعة مناخها، فضلاً عن اعتمادها على الزراعة إلى حد كبير، والتي بدأت تعاني بالفعل نتيجة تأثيرات تغير المناخ على محاصيل المانجو والزيتون، التي تعرضت لتراجعات حادة هذا العام.

وأظهرت دراسة نشرتها الهيئة العامة للأرصاد الجوية، أواخر العام الماضي، أن صيف 2021 كان الأشد حرارة منذ 5 سنوات، حيث سجلت معدلات الحرارة ما بين 3 و4 درجات مئوية فوق المعدلات المتعارف عليها، مما يشير إلى أن مناخ مصر شهد ارتفاعاً في درجات الحرارة على مدار الـ20 عاماً الماضية، بمقدار يتراوح بين 1.5 و2 درجة مئوية.

ووفقاً لتقديرات رسمية، فقد شهدت الإنتاجية في بساتين الزيتون ومزارع المانجو انخفاضاً كبيراً في النصف الأول من عام 2021، وبينما لا تزال الجهات المختصة تجري إحصاءً للحجم الكامل للضرر على إنتاجية هذه المحاصيل التي تتميز بها مصر، وصف عدد من المزارعين وخبراء المناخ العام الماضي بأنه كان من بين أسوأ ما شهدوه منذ عقود، بالنسبة لإنتاج الزيتون والمانجو.

وسجل هذا الموسم تراجع إنتاج الزيتون بما يتراوح بين 60 و80%، بحسب الدكتور شاكر أبو المعاطي، رئيس قسم الأرصاد الجوية بمركز البحوث الزراعية، مشيراً إلى أن حجم الإنتاج في عام 2020 بلغ حوالي 497 ألف طن، بينما يتراوح إنتاج المحصول هذا العام بين 100 و200 ألف طن، رغم أنه كان من المتوقع ارتفاع إنتاجية محصول الزيتون لهذا الموسم إلى 690 ألف طن.

ويهدد هذا التراجع مكانة مصر في سوق الزيتون العالمية، حيث جاءت كأكبر مصدر لزيتون المائدة في العالم في عام 2019، بما يقرب من ربع الإنتاج العالمي، بحسب ما تظهر إحصاءات المجلس الدولي للزيتون، التي أشارت إلى أن التراجع لم يكن في مصر وحدها، بل شهدت دول أخرى من كبار المصدرين، مثل إيطاليا واليونان والبرتغال والمغرب وتونس، تراجعات كبيرة في إنتاج الزيتون هذا العام.

ويوضح الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، أن الزيتون عادةً ما يتأثر بالشتاء الدافئ ورياح الخماسين الدافئة في الربيع، مثلما حدث هذا العام، مشيراً إلى أن زراعات الزيتون تحتاج إلى انخفاض درجات الحرارة إلى 10 درجات مئوية لعدد معين من الساعات، طوال فصل الشتاء، حتى تتهيأ الشجرة للدخول في موسم النمو التالي.

ويشير تقرير لمؤسسة «إنتربرايز فنشرز» إلى أن المانجو تتعرض أيضاً للعديد من الصدمات الحادة، نتيجة التغيرات المناخية، حيث تراجع إنتاج المحصول بنسبة بين 20 و25% في موسم حصاد هذا العام، بحسب مصادر وزارة الزراعة، بينما يؤكد مزارعون أن نسبة تراجع المحصول بلغت 40%، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي أدى إلى تلف معظم الثمار.

يقول محمد آدم، صاحب مزرعة مانجو وتاجر جملة في محافظة الإسماعيلية، إن محصوله لم يشهد إثمار سوى شجرة أو شجرتين فقط هذا العام، مما يعني أن إنتاجه كان صفراً تقريباً، بينما يؤكد عبدالحافظ الأحمدي، مزارع آخر يمتلك مزرعة مانجو بالإسماعيلية، أن العوامل المرتبطة بالطقس، ساهمت في تراجع إنتاج المحصول بنسبة تصل إلى 40% مقارنةً بالعام الماضي.

ويوضح «الأحمدي» أن التقلبات المناخية التي شهدتها مصر خلال شهري فبراير ومارس من هذا العام، لم تساعد أشجار المانجو في تلقيح الأزهار، وتسببت في موت «الأجنة» داخل الثمار، ومع اقتراب نهاية الموسم، من الواضح أن معدلات إنتاج المحصول متدنية للغاية.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة إلى أن متوسط إنتاج المانجو في الموسم الماضي، بلغ 5 أطنان للفدان، وبينما من المتوقع إصدار البيانات الخاصة بالعام الحالي في شهر أكتوبر المقبل، مع انتهاء الموسم، فإن المؤشرات الأولية تضع متوسط إنتاج الفدان هذا الموسم، بين 3.75 و4 أطنان للفدان.

كما تكشف بيانات وزارة الزراعة عن أن صادرات مصر الزراعية خلال النصف الأول من العام الماضي، في الفترة من أول يناير حتى نهاية يونيو 2021، بلغت نحو 4 ملايين طن، كانت مساهمة محصول المانجو هي الأقل بين جميع المنتجات الزراعية، بإجمالي 769 طناً فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى